في خطوة مفاجئة، تعتزم الحكومة المصرية تعديل قانون التظاهر المثير للجدل. ورحب النشطاء السياسيون والحقوقيون بالخطوة، فيما حصلت "إيلاف" على ملامح التعديلات التي تستعد الحكومة لتقديمها إلى البرلمان لإقرارها.

إيلاف من القاهرة: رغم إعلانها مراراً وتكراراً، أن قانون التظاهر رقم 107 لسنة 2013، لن يخضع للتعديل، والزعم بأنه من أفضل القوانين في العالم، أعلنت الحكومة المصرية فجأة نيتها تعديل القانون، الذي لطالما انتقده النشطاء في مصر، والمنظمات الحقوقية الدولية.

ورغم أن وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، مجدي العجاتي، قال في 17 مايو الماضي، إن الحكومة لن تعدل قانون التظاهر، ووصفه بأنه " من أفضل القوانين المعمول بها على مستوى العالم، ولا توجد نية لدى الحكومة لتعديله"، إلا أن الوزير نفسه أعلن نهاية الإسبوع الماضي، أن الحكومة سوف تدخل تعديلات على القانون.

وأضاف العجاتي، أن رئيس الحكومة، المهندس شريف إسماعيل، كلفه "تعديل قانون التظاهر، من خلال دراسة مواد القانون وإبداء ما ترى الوزارة أنه جدير بالتعديل أو الحذف من حيث الجريمة أو العقوبة المقررة، وذلك تمهيدًا لعرضه على رئيس مجلس الوزراء".

وأوضح أنه "شكل لجنة وزارية، لدراسة قانون التظاهر الحالي، وإجراء تعديل تشريعي، بحيث تكون متفقة مع الحق الدستوري في التظاهر السلمي، بما يضمن تعزيز الحقوق والحريات المنصوص عليها في دستور 2014، دون الإخلال بمقتضيات الأمن والحفاظ على منشآت الدولة، من خلال التفرقة بين المتظاهر السلمي وغير السلمي الذي يلجأ للعنف في تعبيره عن رأيه".

انتقادات شديدة

وأشار إلى أن اللجنة يمكنها الاستعانة بأي خبراء قانونيين من خارج الوزارة، للاستفادة منهم في إعداد التعديلات المطلوبة، منوهاً بأن هناك فريق عمل يقوم بإعداد دراسات حاليًا بشأن القوانين المتعلقة بالتظاهر في البلاد الأخرى. ولفت إلى أنه عقب الانتهاء من التعديلات، سيتم عرضه على مجلس الوزراء.

ويأتي اعتزام الحكومة المصرية، تعديل قانون التظاهر، بعد أن تعرضت لانتقادات شديدة على مدار أكثر من ثلاث سنوات، لا سيما في ظل اعتقال الآلاف بتهمة التظاهر، وإلقائهم بالسجون لمدد تتراوح ما بين سنة وثلاث سنوات.

وزادت الانتقادات ضد مصر، محلياً ودولياً، بعد &محاكمة المئات من الشباب، بموجب القانون في أعقاب تظاهرات يوم 25 أبريل الماضي، المعروفة باسم "تظاهرات يوم الأرض"، التي خرجت احتجاجاً على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية.

وعلمت "إيلاف" أن الحكومة تعتزم إدخال تعديلات على القانون، بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وحصلت "إيلاف" على أهم التعديلات المقترحة من قبل الحكومة على القانون المثير للجدل، ومنها: أن يكون التظاهر بإخطار وزارة الداخلية، ويجب عليها أن ترد بالموافقة في خلال 24 ساعة، أو تحول الطلب إلى محكمة الأمور المستعجلة، للبت فيه وإصدار حكم بالرفض أو القبول.

وتمنح التعديلات الجديدة محكمة الأمور المستعجلة مدة تتراوح ما بين يوم وستة أيام، لإصدار حكمها في طلب التظاهر المرفوع إليها عن طريق قسم الشرطة أو الجهة الأمنية المقدم إليها الطلب من قبل مواطن أو مجموعة من المواطنين المصريين.

تغريم

ويضع مشروع التعديل أمر قبول أو رفض التظاهر في أيدي القضاء، بعد أن كان من حق وزارة الداخلية رفض الطلب، بدون ابداء أية أسباب، بل إنه منح وزارة الداخلية الحق في الإعتراض على أية مواقفة يقدمها القضاء، عبر الاستئناف على الحكم. ويحدد التعديل المقترح مدة الحد الأقصى للتظاهر أو الاحتجاج بخمسة أيام.

ويغل مشروع القانون يد قوات الأمن في استخدام الرصاص والخرطوش، ويلزمها بالتدرج في إجراءات فض التظاهرات السلمية، بدئا بالنداء عبر مكبرات الصوت، ثم استخدام خراطيم المياه، ثم استخدام الغاز المسيل للدموع، دون اللجوء إلى استخدام الرصاص.

وتعتزم الحكومة في التعديل المقترح، إلغاء عقوبة السجن للمتظاهرين، والاكتفاء بإنزال عقوبة التغريم المالية، ما يتراوح بين 5 و30 ألف جنيه.

ويحظر التعديل الجديد على المتظاهرين رفع شعارات تدعو إلى هدم الدولة أو إحدى مؤسساتها، أو رفع شعارات طائفية أو عرقية أو النيل من كرامة الدول الأخرى والحط من قدرها، أو إهانة أو الحط من كرامة أي شخص.

كما يحظر المقترح على المتظاهرين استخدام العنف أو الإضرار بالمنشآت العامة والخاصة، وتعطيل الطرق ووقف الإنتاج، ويحظر كذلك استخدام الألعاب النارية.

وفتحت الحكومة الباب أمام الأحزاب السياسية لتلقي مقترحاتهم بشأن تعديل القانون، وتقدم حزب المحافظين بمقترح، يتضمن تعديل 6 مواد من القانون الصادر في 2013، وهي تعديل المادة 11 حذف عبارة "فض الاجتماع العام أو تفريق الموكب أو التظاهرة" من الفقرة الثانية من المادة، حتى لا تتخذ ذريعة للحجر علي الحق في التظاهر أو تنظيم الاجتماعات العامة أو المواكب بداعي صدور فعل يشكل جريمة يعاقب عليها القانون، والاكتفاء بمنح الحق للقائد الميداني بالقبض علي من يرتكب جريمة يعاقب عليها القانون.

وفي المادة 12 يقترح الحزب الاكتفاء بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق التظاهرات المخالفة، لضمان عدم الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين.

وفي ما يخص المادة 13، يقترح الحزب حذف عبارة "استخدام طلقات الخرطوش غير المطاطي" من المادة لضرورة التزام قوات الأمن بضبط النفس لأقصي درجة ممكنة والحفاظ علي حياة المشاركين في الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة مع الإبقاء علي حق قوات الأمن في الدفاع عن النفس في حالة لجوء المشاركين في الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة لاستعمال أسلحة نارية.

بدون تصريح

وتقدر المنظمات الحقوقية أعداد المعتقلين بموجب قانون التظاهر بنحو ثلاثة آلاف شخص، بينما تقول الحكومة إن عددهم يقدر بالمئات.

وفي الوقت الذي تستعد الحكومة لتعديل القانون، أصدرت محكمة جنح شمال الجيزة، أحكامًا بالسجن لمدة ثماني سنوات، وغرامة 500 جنيه، بحق سبعة متهمين بالتظاهر بدون تصريح، اليوم السبت.

ووجهت النيابة إلى المتهمين السبعة تهمة "التظاهر في منطقة كرداسة في&الجيزة، بدون تصريح، احتجاجا على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، والترويج للشائعات ونشر أخبار كاذبة، واستغلال الدين في ذلك".

ونسبت النيابة العامة للمتهمين، في القضية &التي تحمل رقم 3232 لسنة 2016، تهم "الإعداد لارتكاب جريمة إرهابية، والترويج للشائعات وإحراز وثائق إلكترونية والتظاهر بالمخالفة للقانون، واستغلال الدين، وإذاعة أخبار كاذبة والتحريض على التمييز".&

وعاقبت المحكمة المتهمين السبعة بالحبس لمدة 3 سنوات بحق كل واحد منهم، "عن تهمة الإعداد لارتكاب جريمة إرهابية، والحبس 5 سنوات عن تهمتي التظاهر بالمخالفة للقانون وإحراز وثائق إلكترونية، وغرامة 500 جنيه لباقى الاتهامات".
&