يعيش الجيش العراقي واحدة من&أسوأ حالاته على الإطلاق، لا سيما في ظل تفشي الفساد وانعدام الكفاءة والمهنية، وهو ما انعكس بشكل مباشر على تراجع دوره بشكل ملحوظ في مختلف الميادين.

بغداد: تحدث العقيد في الجيش العراقي ايهاب هاشم الأعرجي قبل مقتله في مايو واصفاً المعركة التي كان يخوضها مع جنوده ضد تنظيم داعش بأنها مهمة انتحارية رغم ما قيمته أكثر من 1.6 مليار دولار من السلاح الاميركي والتدريبات التي تلقاها الجيش العراقي على أيد خبراء اميركيين خلال العامين الماضيين. &

ولتكوين فكرة عما يعنيه العقيد الأعرجي، فقد طلب دبابة اميركية من طراز ابرامز لاسناد جنوده في تقدمهم على احد مواقع داعش في مدينة الفلوجة، وردا على طلبه قيل له ان يدفع ما يعادل 2000 دولار من الرشاوى للحصول على الدبابة الاميركية، وفي النهاية أُعطي دبابة روسية عتيقة وصلت دون سائق متدرب على قيادتها. &

فساد وانعدام الكفاءة

وحين ابلغ العقيد الأعرجي قادته بأن رجاله منهكون لا يستطيعون التقدم أكثر، نُقل الى وحدة أخرى غريبة عليه، وفي اليوم التالي قُتل بأحد صواريخ داعش. وتقول عائلة &العقيد الأعرجي ان الفساد المتفشي في الجيش العراقي وقادته غير الأكفاء مسؤولون عن مقتل ابنها بقدر مسؤولية داعش. &

ويؤكد مسؤولون اميركيون كبار وقادة عسكريون عراقيون ان المساعدات الخارجية أسهمت، على الأقل بصورة مؤقتة، في معالجة بعض الأسباب التي تقف وراء انهيار الجيش العراقي قبل عامين في مدينة الموصل وسقوطها بيد داعش. ومن هذه الاسباب على سبيل المثال لا الحصر ضعف الجهد الاستخباراتي والمشاكل اللوجستية وتفشي الفساد وتدني المستوى المهني للقيادات العسكرية. &

واظهرت الأيام الأخيرة من حياة العقيد الاعرجي ان غالبية هذه المشاكل ما تزال قائمة وتهدد حتى بتقويض الأهداف المحدودة التي حددتها الولايات المتحدة والتحالف الدولي لتدريب الجيش العراقي، إذ تنحصر هذه الأهداف في بناء وحدات قادرة على محاربة داعش في الموصل بدلا من إعادة بناء الجيش العراقي بأكمله إزاء انعدام الكفاءة والفساد المتفشي في مفاصل الدولة العراقية عمومًا.&

ويروي مسؤولون عسكريون تحدثوا طالبين عدم كشف اسمائهم ان المستشارين الاميركيين لاحظوا العام الماضي ان وحدة عراقية لا تتقدم في الهجوم لاستعادة مدينة الرمادي وحين عادت الوحدة الى القاعدة التي يتمركز فيها المستشارون الاميركيون وسألوا قادتها عن السبب فاتضح ان الجنود العراقيين كانوا يقاتلون بلا ماء يشربونه، وقال المسؤولون الاميركيون ان اشياء مثل توفر الماء للجنود "نعتبرها في الجيش الاميركي مسألة بديهية مفروغا منها". &

ويضطر الجنود العراقيون احياناً الى استخدام ما لديهم من ماء الشرب لتبريد محركات عجلاتهم التي تزداد حماوتها بدرجة كبيرة في صيف العراق.&

مشاكل كبيرة

وقال المتحدث باسم الجيش الاميركي الكولونيل ستيف وارن ان اللوجستيات ما تزال مشكلة كبيرة، بما في ذلك شماعات الاحتراق والاطارات الاحتياط والبنزين والماء والمؤن.&

ومن المتوقع ان تزداد المشاكل اللوجستية تعقيدا حين تطول خطوط امداد القوات العراقية اثناء التقدم نحو الموصل التي تبعد 400 كلم شمال غرب بغداد. &

ورغم وعود رئيس الوزراء حيدر العبادي بمكافحة الفساد في الجيش فانه ما يزال متفشيا وما تزال التقارير تتوارد باستمرار عن رشاوى كتلك التي طُلبت من العقيد الأعرجي مقابل الحصول على دبابة لاسناد جنوده في عملية هجومية. ولكن اناطة مسؤوليات عسكرية كبيرة بضباط غير اكفاء باعتماد معايير الولاء بدلا من المعايير المهنية تبقى أكبر مشكلة تواجه الجيش العراقي. &

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن العقيد في الجيش العراقي فراس حسين عبد قوله: "ان جيشاً من الكلاب بقيادة أُسود سيقاتل كالأُسود وجيشاً من الأسود بقيادة كلاب سيقاتل كالكلاب. ونحن الآن لدينا أزمة اسود". &

الحشد الشعبي

وكان العقيد الأعرجي تحدث بصراحة عن هذه المشاكل قبل مقتله، وقالت عائلته ورفاق له في الجيش انه انفق اكثر من 4000 دولار من جيبه على شراء ذخيرة ومعدات أخرى من السوق السوداء لتزويد رجاله، كما تحدث رفاق الأعرجي عن نزاعه مع الميليشيات الشيعية في قوات الحشد الشعبي مشيرين الى انه ذات مرة أمرها بارسال تعزيزات ولكن قادتها رفضوا تنفيذ الأمر. &&

واثار عدم سيطرة الحكومة على هذه الميليشيات مخاوف من ارتكابها اعمال قتل انتقامية ضد السكان حين تقترب من مراكز سكانية مثل الفلوجة. ولا توجد أي خطة للجم هذه الميليشيات ومنعها من تأجيج الانقسامات الطائفية التي أسهمت اصلا في صعود داعش.&

وقال الميجر جنرال غاري فوليسكي قائد قوات التحالف الدولي على الأرض ان الجيش العراقي تدرب بعد الاحتلال عام 2003 على التعامل مع جماعات متمردة في انحاء البلاد، ولكنه يقاتل الآن "عدوا يدافع عن مواقعه ويحتل ارضاً". &

ومن الصعب في مثل هذا الوضع العثور على قادة عسكريين مثل العقيد ايهاب هاشم الأعرجي الذي أكد ضباط عملوا معه ان مقتله خسارة كبيرة لجيش تعوزه القيادات الكفوءة مثل الجيش العراقي.

أعدت إيلاف المادة عن صحيفة "واشنطن بوست" على الرابط ادناه:

https://www.washingtonpost.com/world/middle_east/iraqs-army-is-still-a-mess-two-years-after-a-stunning-defeat/2016/06/09/0867f334-1868-11e6-971a-dadf9ab18869_story.html
&