تعمل روسيا على استقطاب قادة في الجيش الحر ممن كانوا يتلقون دعمًا من الولايات المتحدة الاميركية، ومن بينهم جبهة ثوار سوريا وحركة حزم وغيرهما، وقد قرر بعض القادة العسكريين الموافقة، فيما رفض آخرون، وهناك من لا يزال ينتظر.

لندن: لعل من اللافت أن بعض قادة الجيش السوري الحر يتواصلون مع الولايات المتحدة الاميركية بعد أن دربتهم في وقت سابق، وذلك رغم فشل برنامج تدريبها، لأنهم يعتقدون أن الروس يريدون تقويض المشروع الاميركي في سوريا، وان الروس يدهم غارقة في الدماء ودخلت المستنقع السوري، فيما كانت اميركا تحاول شراء الوقت فقط.

ويقوم معارضون سوريون، بعضهم معروف في الساحة السورية وبعضهم غير معروف، بالتنسيق بين الروس والجيش الحر، ويبررون ذلك أن روسيا تحاول تجنيد قادة الجيش الحر الذين طردتهم جبهة النصرة للعودة وقتال النصرة وداعش، وعلى ما يبدو أن الروس على استعداد لاعطائهم كل ما يريدون من مال وسلاح وذخيرة، ولكن هذه هي حرب العصابات كما يحاول ان يصفها مسؤول حكومي اميركي لم يصرح له بالكلام لموقع "بزفيد نيوز" الاميركي الالكتروني.

ورفضت عدة جهات اميركية رسمية التعليق على هذه المعلومات، فيما تحدثت مصادر متطابقة عن خلافات داخل مؤسسات الولايات المتحدة الاميركية حول سوريا، من بين اسباب الخلافات اعتقاد بعض المسؤولين الاميركيين ان اميركا تحارب نفسها في سوريا وتترك دفة القيادة للروس، ومؤخرًا تحدثت تقارير عن خلافات كبيرة تردد صداها بين مجموعات مدعومة من الـ "سي اي ايه" ومجموعات محسوبة على البنتاغون.

لن نتركك!

ويحاول الروس أن يستفيدوا من برنامج سري نفذته الولايات المتحدة &كانت تدعم من خلاله الجماعات المسلحة ودربتها ضد كل من داعش ونظام بشار الأسد، لكن لتختلف تفاصيل هذا المشروع اليوم مع الترتيبات الروسية ولتقاتل مجموعات الجيش الحر مع النظام ضد تنظيم داعش.

وتلقى أحد قادة جبهة "ثوار سوريا"، التي تعتبر من المعتدلين دوليًا، عرضًا روسيًا، وقالت له "انه يمكن اعادته، وربما حتى جعل منه أقوى من ذي قبل"، ليجري تجنيده للعمل من أجل منافسة الولايات المتحدة في سوريا، عبر العمل مع &روسيا.

الروس قالوا جملتهم لعدد من قادة في الجيش الحر: "نحن سوف ندعمك إلى الأبد"، وقالوا ايضًا: "لن نتركك لوحدك مثل ما فعل أصدقاؤك القدامى". &

ومما يبدو أن هدف روسيا اليوم هو تجنيد الحلفاء الحاليين والسابقين للولايات المتحدة الى جانبها، ويبرر أيضًا منسقو هذا المشروع من المعارضة السورية والمتعاونون مع الروس "أن هدف الروس أن لا تتفكك سوريا".&

وتأتي هذه التحركات بعد ان عززت روسيا من مشاركتها في العمليات العسكرية، وتقول انها تستهدف الارهابيين، بينما هي قتلت مدنيين وجماعات من الجيش الحر حتى ممن تدعمهم اميركا نفسها، ولم تستهدف داعش فقط.

وبعد قراءة لتقرير الموقع الاميركي يتضح ان روسيا لا تقوم بمجرد قصف حلفاء الولايات المتحدة من المتمردين السابقين والحاليين، انها تعمل أيضا لاستمالتهم، وإطلاق حملة غير مفهومة &تسعى من خلالها إلى تسليط الضوء على الولايات المتحدة وانها ضعفت في سوريا.&

وفي نهاية المطاف، روسيا يمكنها مساعدة بشار الأسد لكسب الحرب من خلال تقسيم المعارضة، ودق إسفين بين الجماعات "المتمردة" والداعمين التقليديين، وحملهم على تحويل بنادقهم إلى أعدائها.

وقال قائد في الجيش الحر إنه "وجد العرض الروسي جذابًا"، وان أحد الوكلاء السوريين التقاه للمرة الاولى&في أنطاكيا، ثم داخل سوريا، وطلب منه اختيار المنطقة التي يسيطر عليها المتمردون في شمال سوريا والتوجه إلى هناك مع رجاله، وكثير منهم تم تدريبهم كجزء من برنامج وكالة الاستخبارات المركزية"، ووعده أنه سيتيح له كل المال والسلاح. وقال انه يساعد على قيادة المعركة ضد كل من داعش والنصرة. ولكن روسيا والنظام سيستمر العمل بينهما للقضاء على كل من يعارضهم.

وهذه الخطة، مهما كانت فرصها للنجاح، مثالية لروسيا في سوريا، للحفاظ على نفوذها في بلد تعتبره دولة هامة، فمن جانب تسعى الى تقسيم الثوار، ومن جانب آخر تسعى الى مساعدة النظام على تحقيق نصر عسكري.&

وحقيقة الامر أن ذلك يعني أيضًا انتصارًا روسيًا على السياسة الخارجية للولايات المتحدة. فيما تصر إدارة أوباما علنًا على التنسيق مع المعارضة، وأن الأسد يجب أن يتنحى، وقد انتقدها حلفاؤها انها لا تفعل ما يكفي لتحقيق ذلك.

العدو الجديد

ووسط وجود منسقين آخرين ورغم اعجابه بالفكرة، يتردد بعض القادة بالانضمام الى المشروع الجديد، لانه كما يقول "إذا قلت نعم، سوف أقوم بإنشاء العدو الجديد في الولايات المتحدة أو تركيا"، وفيما يجري اغراؤهم، فإن "المخابرات الروسية تعرف كل الجماعات الذين كانوا يقاتلون، والذين كانوا مدعومين اميركيًا ويعرفون نقص الدعم".

وأكد عدة اشخاص في الجيش الحر انهم حصلوا على عروض مماثلة، إما عن طريق المسؤولين الروس أو الوسطاء السوريين. وقال قيادي في الجيش الحر إن واحداً من الأهداف الرئيسية في موسكو، هو السيطرة في سوريا وطرد أميركا.

وكشف انه سافر إلى مصر للتحدث مع المسؤولين الروس لكنه رفض عرضهم. واشار الى ان الفرصة شملت ان يكون "جزءًا من المجلس العسكري مع النظام جنبًا إلى جنب مع "المال، والرصاص، والأسلحة، وعلى كل ما أطلب"، واضاف: "ولكن إذا وضعت يدي بيديهم، وهذا يعني أنني سوف يدمر الثورة والشعب السوري معها".

وقال أحد المعارضين إن روسيا كانت تعمل مع "بعض الجماعات التي انشقت عن الأميركيين"، فيما يشير تكتيك روسيا إلى أن موسكو ترى فرصة لتأكيد نفوذ أكبر في سوريا وتقويض الولايات المتحدة على طول الطريق.

لكنّ هناك رأياً آخر يعتقد أن "الولايات المتحدة هي أقل من لاعب مؤثر في حرب أهلية"، هذا ما قاله روبرت فورد، وهو زميل بارز في معهد الشرق الأوسط في واشنطن وسفير الولايات المتحدة الى سوريا 2011-2014.

ففي وقت تكثف فيه روسيا من مشاركتها على الأرض في حين تولي الولايات المتحدة الظهر. وأضاف: "لدي إحساس بأن الروس يجدون هذا أصعب بكثير مما كان متوقعًا".

والتقى الروس بعض السوريين من المعارضين قالوا لهم إن لهم صلات بالجيش الحر، لكن بعض المعارضين اعتبروا أن الروس يكذبون وغير صادقين في مشروعهم.

وقال قيادي &في الجيش الحر الذي يعمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة عندما كانت كتيبته جزءًا من برنامج وكالة الاستخبارات المركزية، وطلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، "كيف يمكننا خداع المخابرات الأميركية وبدء العمل مع الروس؟".

وفيما يبدو أن الاميركيين مستاءون من هذا التواصل، قال عبد الله عوضة، الذي كان القائد العسكري لحركة حزم، وهي واحدة من أقوى المجموعات المدعومة من الولايات المتحدة في سوريا حتى الاطاحة بها من البلاد من قبل المتطرفين السنة الماضية: "لا أبيع ثورة بلادي"، وأضاف: "نحن تمامًا مثل قطعة من الورق، يتم تمريرها بين الدول الكبرى الذين يلعبون في سوريا".

موسى الحميدي، الذي كان في جبهة ثوار سوريا، وتلقى العديد من شحنات الأسلحة، قال: "بصراحة لقد وجدت أنهم أصدقاء صادقون وجيدون".

وأضاف الحميدي انه رفض العرض، لأنه جزء من الهجمات الروسية على "المتمردين" المعتدلين والمدنيين، لكنه كقائد محنك فهم الخطوط العريضة للصفقة، وقال انه يرتب حاليًا مجموعة مسلحة ومدربة من قبل الولايات المتحدة، لعبور الحدود إلى سوريا من تركيا. وانه واثق من انه يمكن ان يستطيع حشد رجاله لهذه القضية، وقال: "لدي طرقي، كنت أعيش مع مقاتلي بلدي في سوريا، وأنا أعرف كيف يفكرون، ما يريدون، وكيفية أخذ موافقتهم".

بعض القادة يقولون إنهم يعرفون أن الانضمام الى القوات مع روسيا يعني "تنازلاً، وأن النظام قد فاز"، ومن ناحية أخرى أن "الاميركيين يريدون فقط شراء الوقت، وأن الروس هنا للعمل على الأرض".

وقال الحميدي: "لا استطيع ان أقرر، انها مثل من &يسير في نفق مظلم، ولا تعرف ما إذا كنت سوف تجد النور".

أعدت "إيلاف" هذه المادة عن موقع "بزفيد نيوز" الأميركي عبر هذا الرابط:&

https://www.buzzfeed.com/mikegiglio/russia-is-recruiting-the-uss-rebel-allies-in-syria?utm_term=.jsZvmPrzz#.rg2zOxE66
&