إيلاف من الجزائر: أعلنت السفارة العراقية بالجزائر تقديمها توضيحات لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية بشأن الاتهامات التي وجهت لها حول دعوة الجزائريين لزيارة مقامات شيعية في العراق، واعتبرت أن ما أثير حول الموضوع حملة مقصودة تريد تعكير العلاقات بين البلدين.

&وتعود تفاصيل الخلاف إلى إعلان نشرته السفارة العراقية منذ أكثر من أسبوع على موقعها الالكتروني أثار حفيظة السلطات الجزائرية.

بداية المشكلة

وجاء في البيان "تعلن سفارة جمهورية العراق في الجزائر للأشقاء الجزائريين من الشيعة أو الراغبين في التشيع، عن إمكانية التقدم لغرض الحصول على سمة الدخول إلى الأراضي العراقية لأغراض الزيارات الدينية (مزارات الشيعة فى النجف وكربلاء)".

وتسبب الإعلان في موجة غضب شديد وسط&جمعيات مدنية وأحزاب، ما عجل بالسفارة العراقية إلى سحبه على الفور تفاديًا لأي تشنج في العلاقات بين البلدين.

ويرى المستشار الإعلامي السابق لوزارة الشؤون الدينية عدة فلاحي، وأحد المدافعين عن التقارب بين السنة والشيعة ونبذ الخلاف بين المذاهب، أن بيان السفارة العراقية "غير مقبول".

وقال لـ"إيلاف" إن إعلان السفارة خطأ غير مبرر، لأنه يعطي فرصة للعازفين على وتر الخطر الشيعي وصراع المذاهب للزعم بتأكيد نظرتهم الطائفية".

واضاف أن "من حق السفارة العراقية كغيرها من باقي التمثيليات الدبلوماسية أن تروج للسياحة الدينية في بلدها، لو لم يقترن الإعلان بتحديد واضح وصريح للأماكن الشيعية".

استفسار

واستدعى هذا الإعلان تحرك وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري محمد عيسى الذي أعلن انه سيجتمع بالسفير العراقي بالجزائر عبد الرحمن حامد الحسيني للاستفسار حول خلفية هذه القضية.

وقال عيسى قبل عقد اللقاء إن هدف الاجتماع هو الاستفسار عن القضية، وخلفياتها، ورفض تقديم أحكام مسبقة دون السماع للجانب العراقي.

وما وسع من الجدل المقام حول هذا الإعلان أنه جاء بعد أيام قليلة من تحذير الوزير عيسى من حملة تشيع تستهدف الجزائريين على مستوى ولاياتها الحدودية.

ورأى عدة فلاحي في تصرف السلطات الجزائرية خطوة حكيمة لأنها اقتصرت على وزارة الشؤون الدينية، ولم يصحبها تصعيد بدخول وزارة الشؤون الخارجية كطرف.

وذكر فلاحي &في حديثه مع "إيلاف" بأن السلطات الجزائرية تحرض منذ زمن الوزير السابق أبو عبد الله غلام الله على حل القضايا العقائدية على مستوى وزارة الشؤون الدينية دون تدخل قطاعات أخرى، سواء تعلق الأمر بالمسلمين أو بغيرهم.

التزام

وسارعت السفارة العراقية إلى طمأنة الجانب الجزائري، وطلب السفير عقد هذا اللقاء قبل الموعد الذي كان مقرراً من الوزير هذا الأسبوع.

وجاء في بيان للسفارة نشر بداية هذا الأسبوع، "التقى السفير عبد الرحمن الحسيني&وبناء على طلبه بتاريخ 23/6/2016 معالي الدكتور &محمد عيسى وزير الأوقاف والشؤون الدينية في مبنى الوزارة."

&وبحسب بيان السفارة، فقد تم بحث أوجه التعاون بين البلدين بما يخدم المصالح المشتركة بينهما، وقد أكد السفير على أن " السفارة العراقية في الجزائر معنية فقط &بتطوير العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وأن الحملة الإعلامية المفبركة والمبنية على أكاذيب لا يمكن تصديقها وسوف لا تؤثر على العلاقات العراقية الجزائرية التي وصلت الى درجة كبيرة من النضوج."

وجاء في بيان السفارة أيضًا "من جانبه، أشاد معالي الوزير بالدور الذي تقوم به السفارة&لتطوير العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين وعلى كافة الاصعدة."

غير أن وزارة الشؤون الدينية لم تعلق بعد عن محتوى هذا اللقاء، كما لم تتناول وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية في برقياتها هذا الموضوع على عكس ما تم خلال لقاء سابق جمع الحسيني بوزير العدل الطيب لوح.&

ويدرج مراقبون هذا السلوك الجزائري ضمن تصرفاتها المعتادة، التي تنتهج الصمت لإخماد القضايا التي تثير جدلاً مع الدول الشقيقة.

متابعة

وحرصت السلطات العراقية عبر مسؤولين عراقيين على تجاوز هذا الخلاف بعد أن بدأت العلاقات بين البلدين تعرف تقدمًا منذ الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية إبراهيم الجعفري.

وفي هذا الإطار، أجرى رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري اتصالاً هاتفياً مع السفير عبد الرحمن حامد الحسيني &أمس أكد خلاله حرص العراق على تطوير العلاقات العراقية الجزائرية.

ووفق البيان الذي نشرته السفارة على موقعها الالكتروني، فقد أشاد الجبوري&بعلاقة الإخوة التي تربطه مع رئيس مجلس الأمة الجزائري عبد القادر بن صالح.&

و اطلع "رئيس المجلس على عمل السفارة، واثنى على &الجهود التي تبذلها&في سبيل تطوير العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين. "وقبل ذلك، أكد الناطق باسم الخارجية العراقية أحمد جمال الخميس أن "الخارجية الجزائرية لم تستدعِ السفير العراقي لديها، وأن ما يروج يأتي في إطار حملة إعلامية مفبركة تحاول استهداف سفارة العراق لدى جمهورية الجزائر".&

وأضاف جمال أن "السفارات العراقية على مستوى العالم لا تنشر التشيع أو أي مذهب أو توجه ديني".&

وبحسب جمال، فإن هناك "محاولات غير مبررة تقف خلفها أطراف معينة تريد التأثير على العلاقات العراقية الجزائرية التي وصلت إلى درجة كبيرة من النضوج،".

وقال إن "هناك بعض الإعلانات التي تنشرها سفارات العراق بالخارج بخصوص تقديم تسهيلات للمواطنين الجزائريين أو غيرهم ممن يرغبون في زيارة العتبات المقدسة في العراق، وأن الأمر ليست له أية علاقة بنشر أي مذهب سواء أكان سنيًا أو شيعيًا".

ورأى عدة فلاحي أن التحرك العراقي من شأنه ان يخمد نار الفتنة التي اشتعلت مؤخراً، خاصة وأن بعض المعلومات تقول إن البيان نشر دون علم السفير الحسيني.

لكن فلاحي لم يخف أن الخلاف الأبرز بين البلدين يظل في الوقت الحالي تأخر بغداد في الإفراج عن السجناء الجزائريين في العراق أو ترحيلهم لإكمال العقوبة في بلادهم، كونها تنصلت من الوعود والالتزامات التي قدمتها للحكومة الجزائرية في أكثر من مرة.