تكشف تداعيات المحاولة الانقلابية في تركيا انها لم تكن حركة مفاجئة ضد ادارة الرئيس رجب طيب إردوغان بقدر ما هي منعطف في صراع يدور منذ سنوات على روح الدولة التركية.& وكانت خطوط المعركة واضحة من البداية تتمثل بحزب العدالة والتنمية وحكومة إردوغان في مواجهة حشد من الخصوم بينهم عناصر في الجيش واتباع الداعية الاسلامي فتح الله غولن وقوى علمانية ويسارية وكردية معارضة.&

عبد الاله مجيد:&بقدر ما كانت ليلة المحاولة الانقلابية دموية جاء رد الفعل عليها ضارياً بحملة تطهير كاسحة اطلقها إردوغان متهماً عشرات الآلاف من موظفي الدولة والجهاز القضائي والعسكريين بالخيانة. &

ويرى مراقبون ان حملة التطهير يمكن ان تصيب بالشلل عمل دولة منقسمة على نفسها يسودها انعدام الثقة والمجهول.& ولكنها على المدى البعيد يمكن ان تسفر عن إعادة هيكلة نظام الدولة بأكمله.& ويجري من الآن الحديث عن تشكيل منظومة من اللجان للحكم ببراءة المتهمين أو ادانتهم في خطوة تهدد بتعميق الانقسامات وتأليب التركي على أخيه التركي. &

وعقد مؤرخون ومحللون مقارنات بين الحملة الحالية والثورة الثقافية الصينية التي اطلقها الزعيم ماو تسي تونغ في الستينات والسبعينات والتطهيرات التي اعقبت سقوط الشاه وصعود الملالي في ايران.& &

إردوغان وثورته الخاصة

وقال هنري باركي مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز وودرو ولسون الدولي للباحثين والخبير بالشؤون التركية "ان ماو والثورة الايرانية هما ما يخطر في الذهن ولكن هذه كانت ثورات وبالتالي ما حدث في مجراها متوقع، والسؤال المثير هو هل ان إردوغان يصنع ثورته الخاصة؟ وهل سيعيد هيكلة الدولة التركية بالكامل؟"&

اثار مثل هذا الاحتمال مخاوف من وقوع ملاحقات تستمر فترة طويلة على غرار الحقبة المكارثية في الولايات المتحدة إبان الستينات،&وكانت التطهيرات شديدة الوطأة على نظام التعليم بعزل عشرات الآلاف من المعلمين واجبار كل عمداء الكليات ومجموعهم أكثر من 1500 عميد على الاستقالة.& &

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن اوغور تانيلي عميد كلية الزراعة في جامعة بلجي في اسطنبول "اننا لم نتلق أي معلومات عما سيحدث تالياً.& فقط طُلب منا ان نستقيل فاستقلنا"،&وتساءل كثيرون كيف تمكنت الحكومة من معرفة هذه الأعداد الغفيرة ممن وصمتهم بالخيانة في مثل هذه الفترة القياسية بسرعتها.& ويقول مسؤولون اتراك ان الاجابة عن هذا التساؤل هي انهم كانوا يحضرون للحملة منذ سنوات.&

وتحدث المسؤولون بصراحة قائلين انهم قبل المحاولة الانقلابية كانوا يعدون قوائم باسماء ضباط عسكريين وموظفين وأكاديميين يُشتبه بولائهم لغولن.& وقال نائب رئيس الوزراء محمد شمشك ان الحكومة كانت تعتزم تهميش هؤلاء بمرور الوقت لأنها لا تملك أدلة لإدانتهم في المحاكم.&

تطهير النظام التعليمي!

في هذه الأثناء طرح ستيفن كوك الخبير بالشؤون التركية في مجلس العلاقات الخارجية سؤالا بسيطاً هو "من سيدير الجامعات حين تنتهي العطلة الصيفية في غضون ستة أو سبعة اسابيع؟"،&واشارت ايما سنكلير مديرة قسم تركيا في منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الانسان الى تطهير النظام التعليمي الذي قالت انه ابعد القطاعات عن ركوب دبابة أو قيادة طائرة للقيام بانقلاب.& واضافت سنكلير "لا أعرف كيف سيُحكم البلد في هذه المرحلة". &

وكانت المعارضة السياسية في تركيا من علمانيين وقوميين وكرد وقفت علناً الى جانب الحكومة ضد الانقلاب ولكنها تتابع ما يجري بقلق الآن خشية استهدافها بالملاحقات.& ويلاحظ مراقبون ان الكثير من خصوم اردوغان ليسوا متعاطفين مع حركة "الخدمة" بقيادة فتح الله غولن التي كانت لفترة طويلة متحالفة مع اردوغان وحزب العدالة والتنمية بزعامته.&

وقال رئيس نقابة المحامين الاتراك في انقرة متين فيضي اوغلو ان ما يدعو الى القلق هو اتساع التطهيرات لتشمل الاتراك العلمانيين وغيرهم.& واضاف "نخشى ان تصبح الحملة جنوناً حقيقياً".

أعدت إيلاف المادة عن صحيفة نيويورك تايمز

المادة الاصل هنا