في خضم الفوضى التي عمت ميونيخ بعيد اطلاق النار في المركز التجاري الجمعة، سارع سكان المدينة الى فتح منازلهم امام التائهين في خطوة اشادت بها المستشارة الالمانية انغيلا ميركل معتبرة ان قوة المانيا تكمن في قيمها.


ميونخ: اثر قيام الشرطة باغلاق وسائل النقل العام مساء الجمعة لمنع المشتبه بهم من الهرب، عمد السكان الى عرض مساعدة العالقين في المدينة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتحت وسم "الباب المفتوح"، تمكن سكان من ايجاد مأوى الى حين عودة الحركة في وسائل النقل العام، وهي مبادرة سبق ان شهدتها فرنسا بعد اعتداءات باريس ونيس.

وكتب احد السكان في تغريدة على تويتر "لدينا جعة ومكان للمبيت قرب برنزريغنتبلاتز/ماكس ويبر بلاتز".

واعتبرت ميركل ان السخاء الذي اظهره سكان ميونيخ يثبت اننا "نعيش في مجتمع حر يتمتع بالانسانية" مضيفة ان "ابرز مواطن قوتنا" تكمن في هذه القيم.

واضافت ان "الناس في ميونيخ عاشوا ليلة من الرعب، من الصعب علينا تقبل مثل هذه الليلة".

وكانت ثالث مدن المانيا لا تزال تحت الصدمة السبت بعدما قام الالماني-الايراني ديفيد علي سونبولي البالغ من العمر 18عاما باطلاق النار داخل مركز تجاري وقتل تسعة اشخاص واصاب 16 اخرين قبل ان ينتحر.

وسرت معلومات في بادىء الامر عن احتمال وجود ثلاثة مهاجمين لكن الشرطة استبعدت ذلك مساء الجمعة واكدت ان سونبولي تصرف بمفرده.

ومبادرة "الباب المفتوح" لاقت اشادات واسعة لدى السلطات الالمانية والصحافة.

وقال وزير مالية بافاريا ماركوس سويدر للصحافيين "هذا التضامن ترك اثرا كبيرا لدي. انها اشارة جيدة على مجتمع اهلي".

واضاف "وسط كل الصدمة والحداد، لا يزال هناك امل".

وعبرت صحيفة "ابندتسايتونغ" المحلية عن رأي مماثل.

وكتبت في افتتاحيتها "في مساء غرقت فيه المدينة في الذعر وفر سكان ميونيخ خائفين من الاماكن العامة والمطاعم والحدائق، قام كثيرون بشكل عفوي بتقديم ملجأ لهم".

تساؤلات

قالت امرأة شابة عرفت عن نفسها باسم تامارا لوكالة فرانس برس انها كانت تتسوق مع عائلتها في المركز التجاري حين بدأ اطلاق النار.

واضافت انها وجدت نفسها مع زوجها التركي وولديهما (2 و 4 سنوات) بدون اي مكان يلجأون اليه لان الشارع القريب الذي يقيمون فيه اغلقته الشرطة.

وتابعت "حصل كل شيء بسرعة فائقة. ادركنا ما يحصل حين شاهدنا التقارير المتلفزة. طلب منا مغادرة المركز التجاري باسرع ما يمكن واعتقدنا في بادىء الامر انه انذار كاذب".

واضافت "لكن حينئذ رأينا الجميع يهربون ايضا. وحين ادركت العائلة ان ليس بامكانها الذهاب الى المنزل لجأت الى مبنى قريب".

وقالت تامارا "صعدنا الى الطابق ال14 وقرعنا جرس الباب" ففتحت لهم عائلة اخرى ودعتهم الى الدخول.

وفي وسط المدينة فتحت الفنادق ايضا ابوابها امام كل العالقين او التائهين وسمحت لهم بالبقاء في بهو الفنادق اذا كانت كل الغرف محجوزة.

وكان المركز التجاري لا يزال مغلقا السبت فيما كان خبراء المتفجرات يفتشون الموقع لكن السكان كانوا يضعون الزهور ويضيئون الشموع في ذكرى الضحايا.

وكتب على ورقة بخط اليد عبارة "لماذا؟".

وقال ميزاروس المجري البالغ من العمر 78 عاما انه يقيم في المنطقة منذ اكثر من اربعين عاما.

واضاف متسائلا "ما يدور في ذهن شخص كهذا، بماذا يشعر اصدقاؤه وعائلته؟".

وتابع تعليقا على ان مطلق النار يحمل الجنسيتين الالمانية والايرانية قائلا "هذا يعني انه نشأ هنا. هل تغير فجأة ام ان هناك دوافع سياسية" وراء تصرفه.

وخلص الى القول "لم يحصل اي شيء كهذا هنا من قبل، انه امر لا يصدق".

مختل عقليا و"مهووس" بالقتل الجماعي

اعلنت الشرطة الالمانية السبت ان منفذ اعتداء ميونيخ الذي اودى بحياة تسعة اشخاص كان يعاني من اضطرابات عقلية ومهووس بعمليات القتل الجماعي مثل تلك التي ارتكبها النروجي اليميني المتطرف اندريس بيرينغ بريفيك، مؤكدة انه لا يرتبط بتنظيم الدولة الاسلامية.&

وتسبب الاعتداء بصدمة في اوروبا كونه الثالث الذي تشهده القارة خلال نحو اسبوع، اذ قام الشاب ديفيد علي سونبولي (18 عاما) باطلاق النار في مركز للتسوق مساء الجمعة قبل ان يطلق النار على نفسه وينتحر.&

وبحسب اخر عناصر التحقيق فان الشاب نفذ هجومه عن سابق تصور وتصميم حيث استدرج ضحاياه عبر فيسبوك الى مطعم ماكدونالدز في المدينة.

وقال مسؤولون ان سونبولي هو طالب الماني من اصل ايراني و"يعاني من مشاكل نفسية".&

وافاد وزير الداخلية الالماني توماس دي ميزيير السبت ان منفذ الاعتداء قام على الارجح بقرصنة حساب على موقع فيسبوك "لدعوة الضحايا" للتوجه الى مطعم ماكدونالدز "قائلا انه سيقدم اليهم عروضا خاصة واسعارا مخفضة".

واضاف ان "بعض النتائج التي توصلنا اليها تشير الى ان القاتل" دخل حساب فتاة واستخدمه لارسال دعوات للتوجه الى المطعم عند الساعة 16,00 (14,00 ت غ) الجمعة.&

وجاء في الدعوة "ساقدم لكم كل ما تريدونه مقابل القليل من المال"، بحسب ما نقلت وسائل الاعلام الالمانية.&

واضاف انه تعرض في الماضي لعمليات "تحرش" من جانب "شبان في مثل سنه".

وصرح النائب العام في ميونيخ توماس شتاينكراوس كوخ للصحافيين "ننطلق من مبدأ انها قضية تتصل بعمل تقليدي قام به شخص مختل" تحرك "من دون دافع سياسي".

وقال هوبرتوس اندري قائد شرطة ميونيخ "لا توجد اي علاقة مطلقا بين (الاعتداء) وتنظيم الدولة الاسلامية".

واكد ان المحققين يرون "علاقة واضحة" بين عمليات القتل الجمعة والمجزرة التي نفذها بريفيك قبل خمس سنوات بالضبط في النروج وقتل فيها 77 شخصا.

"ليلة رعب"

في اول رد فعل لها وصفت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ما حدث في ميونيخ بانه "ليلة رعب".&

وقالت "الناس في ميونيخ عاشوا ليلة من الرعب"، مضيفة "من الصعب علينا تقبل مثل هذه الليلة".

وتابعت في مقر الحكومة في برلين "جميعنا واقول ذلك بالنيابة عن الحكومة نرثي بقلب حزين كل الذين لن يعودوا ابدا الى اسرهم".

واشادت ميركل بسكان ميونيخ خصوصا الذين فتحوا منازلهم امام التائهين في المدينة بعد توقف حركة المرور فيها.

واضافت "لقد اثبتوا اننا نعيش في مجتمع حر يتمتع بالانسانية. وقوتنا العظيمة تكمن في هذه القيم".

واعلن قصر الاليزيه ان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وميركل توافقا السبت على الحاجة الى "تعزيز التعاون في مواجهة من يسعون (...) الى اشاعة مناخ من الرعب".

وكان معظم الضحايا من الشباب حيث لم يتعد عمر ثلاثة منهم 14 عاما.&

وسونبولي ولد في ميونيخ ويتحدر من اسرة جاءت الى المانيا نهاية تسعينات القرن الماضي وطلبت اللجوء. وكان يرتاد مدرسة في المدينة.

ومساء الجمعة، اطلق النار على مجموعة اشخاص داخل مركز للتسوق وفي جواره. ثم اصابته الشرطة قبل ان ينتحر. وعثر المحققون في حقيبة ظهره على نحو 300 من الذخائر ما يوحي انه كان عازما على قتل عدد اكبر من الناس.

وعلى الشرطة ان تحدد ايضا كيفية حصوله على سلاحه، وهو مسدس غلوك عيار 9 ملم، في شكل غير قانوني. وغالبية ضحايا اطلاق النار من الشباب والمراهقين وبينهم ثلاثة كوسوفيين وثلاثة اتراك ويوناني.

وقال النائب العام انه "يعاني الاكتئاب" لافتا الى ان "اباه يعمل سائق اجرة"، فيما ذكرت تقارير اعلامية انه خضع لعلاج نفسي.&

اوروبا متحدة

اعرب الرئيس الاميركي باراك اوباما عن دعم بلاده القوي لحليفتها المانيا، فيما قالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني ان "اوروبا تقف متحدة".&

ويأتي اعتداء ميونيخ في اجواء من التوتر في اوروبا.

فالهجوم هو الثالث ضد مدنيين في القارة في اقل من عشرة ايام بعد اعتداء نيس (جنوب فرنسا) في 14 تموز/يوليو الذي اسفر عن سقوط 84 قتيلا، والهجوم بساطور في فورتسبورغ.

ودفع اعتداء الجمعة سكان ميونيخ الى التفكير في امر لم يتصوروا انه سيحصل في مدينتهم.&

وقال مايكل شيلنغ محرر صحيفة ابيندتسايتونغ "الناس في ميونيخ كانت لديهم مشاعر خشية. وتنامت المخاوف مع كل هجوم في باريس واسطنبول وبروكسل".&

واضاف "منذ يوم الجمعة اصبح واضحا ان لا امان في اي مكان، حتى في اكثر المدن الالمانية امانا".&