نصر المجالي: قررت الحكومة البريطانية إنشاء وحدات خاصة منفصلة داخل السجون لعزل السجناء من دعاة الكراهية المدانين بالتطرف والانتماء إلى الجماعات الإرهابية بعد أن كشف تحقيق رسمي بأن بعض هؤلاء يتصرفون كـ(أمراء إسلاميين) وراء القضبان.

وأعلنت وزيرة العدل البريطانية، اليزابيث تراس، أنه تقرر إنشاء وحدات خاصة في داخل السجون يوضع فيها السجناء والمعتقلون الإسلاميون المتشددون حتى لا يصيبوا نزلاء آخرين بعدوى التطرف في هذه المؤسسات الإصلاحية.

قالت الوزيرة تراس، إن "التطرف الإسلامي يشكل خطرا على المجتمع وتهديدا للسلامة العامة، ولا بد أن يهزم أينما وجد"، معلنة التزامها بـ" المواجهة والتصدي لانتشار هذه الإيديولوجية السامة وراء القضبان".

وأضافت الوزيرة البريطانية في تقرير نشرته صحيفة (الغارديان) أنها ستعزز آليات مراقبة رجال الدين المسلمين الذين يزورون هذه المؤسسات الإصلاحية بحكم عملهم، وتزيل الكتب التي تدعو إلى التشدد من رفوف المكتبات التابعة للسجون.

وقالت وزيرة العدل إن منع "أكثر الأشخاص تطرفا وخطرا" من نشر تطرفهم أمر ضروري للإدارة الآمنة للسجون البريطانية، وأساسي لحماية المجتمع.

حظر كتب&

وبموجب الإجراءات الجديدة ستمنع الكتب التي تنطوي على أفكار متطرفة ولا تتفق مع القيم البريطانية من مكتبات السجون، علما بأن التحقيق كشف أن خمسة نصوص موجودة في هذه المكاتب ينبغي إزالتها من هناك.

ويأتي هذا الموقف في أعقاب نشر تقرير خلص إلى أن وجود "نوع من اللامبالاة تجاه مشكلة متنامية" بسبب التطرف الإسلامي في السجون البريطانية. ولكن معارضين لهذه الإجراءات التي تعتزم الحكومة تطبيقها يخشون من تحول نزلاء مدانين بجرائم شائنة إلى أبطال بعد اعتناقهم أفكارا متطرفة.

خجل مؤسسي

ويشار إلى أن اللورد إيان أشيسون، المسؤول الكبير السابق في وزارة الداخلية والمدير السابق لأحد السجون قاد جهود مراجعة الإجراءات المطبقة في السجون البريطانية للتعامل مع المتطرفين الإسلاميين، وهو قال في تصريحات نشرتها صحف بريطانية وموقع (بي بي سي) إن هذه السجون تشهد نوعا من "الخجل المؤسسي" في ما يخص التصدي للأفكار المتطرفة في السجون البريطانية إذ إن موظفي هذه السجون يخشون من اتهامهم بأنهم "عنصريون".

وأضاف اللورد أشيسون أيضا أن المتطرفين حاولوا جعل موظفي السجون يغادرون مواقعهم خلال صلاة الجمعة. ومن ضمن التوصيات التي ذهب إليها اللورد أشيسون "عزل" المتطرفين الذين يستخدمون العنف عن بقية السجناء.

وحدات خاصة&

وتابع قائلا إنه يمكن تطبيق هذا الإجراء من خلال إنشاء وحدات خاصة في السجون ذات الإجراءات الأمنية الشديدة بحيث يعزل السجناء المتطرفون بشكل تام عن بقية النزلاء الآخرين. ومضى قائلا إن مصلحة إدارة السجون في إنكلترا وويلز "أبعد ما تكون عن التعامل بفعالية في ما يخص فهم التطرف الإسلامي والتعامل بشكل مناسب معه".

وقال اللورد أشيسون في بيان نشره موقع (بي بي سي) إنه "يجب تغيير هذا الواقع لحماية موظفي السجون، والسجناء، والمجتمع الأوسع. لقد قدمنا عشرات التوصيات تحقيقا لهذا الهدف". وخلص اللورد أشيسون إلى أن "السجون يجب أن تكون أماكن يسود فيها النظام والمراقبة والاستقرار والقيادة".&

متشددون&

وكان أشيسون أعلن في يوليو الماضي أن (متشددين إسلاميين) داخل سجون إنكلترا وويلز "خطرون للغاية ويجب عزلهم تماما، لأنهم يقومون بنشاط دعوي وسط 12500 نزيل مسلم في هذه السجون".

ويشار إلى أنه لن ينشر إلا ملخصا لهذه التوصيات التي أتى بها اللورد أشيسون وذلك لاعتبارات أمنية.

وإلى ذلك، قال دانييل ساندفورد إن إنشاء وحدات خاصة لا يخلو من مخاطر، مستشهدا بأن تجميع سجناء منظمة الجيش الإيرلندي السري الذين كانوا يحاربون الحكومة البريطانية في التسعينيات من القرن العشرين في سجن (وايت مور) جعلهم يراكمون نفوذا واسعا داخل السجن ومن ثم تمكنوا من الهرب في نهاية المطاف.

أرقام

وتظهر الأرقام أن هناك نحو 12، 633 سجينا مسلما في سجون في انكلترا وويلز حتى نهاية يونيو. وكان عدد مثل هؤلاء السجناء لا يتجاوز الـ8243 قبل عقد من الزمان.

وفي نهاية مارس من 147 شخصا في السجن بسبب جرائم تتعلق بالإرهاب، 137 منهم يعتبرون أنفسهم مسلمين. وقال تقرير رسمي منفصل نشر الشهر الماضي ان إدارة البحث الجنائي الوطنية تتعامل مع أكثر من 1000 حالة تم تحديدها على أنها متطرفة أو عرضة للتطرف.

انجم تشودري&

ويشار إلى أن هذه الإجراءات تأتي غداة إدانة داعية الكراهية رجل الدين البريطاني المثير للجدل أنجم تشودري بدعوة آخرين إلى دعم تنظيم "الدولة الإسلامية".

وخلال محاكمة أمام المحكمة الجنائية المركزية البريطانية، اتهم تشودري (49 عاما) بدعم التنظيم في سلسلة خطب نشرت على موقع يوتيوب. ويواجه تشودري احتمال السجن لمدة قد تصل إلى 10 أعوام، وأدين تشودري إلى جانب صديقه المقرب محمد رحمن.