إيلاف من لندن: مع انطلاق حملة الجيش التركي العسكرية التي تحمل اسم (درع الفرات) وراء الحدود، قالت أنقرة إنها استخدمت حقوقها التي تنبع من الاتفاقيات الدولية ضد تنظيم (داعش) الإرهابي، ومن التفويض الذي منحه إياها البرلمان، وتحظى العملية بدعم عناصر التحالف الدولي أيضًا.

وكان البرلمان التركي مدد في سبتمبر 2015 الذي يمنح الحكومة صلاحية من أجل اتخاذ كافة أشكال التدابير ضد التهديدات الإرهابية للأمن القومي وكل أشكال المخاطر الأمنية، في إطار القانون الدولي، وإرسال القوات المسلحة إلى دول أجنبية.&

واشترط قرار البرلمان على الحكومة التركية أن تحدد وتقدر حدود وتعداد ومدى تلك القوات&والمدة الزمنية لها، من أجل القضاء على إمكانية شن كافة المنظمات الإرهابية في العراق وسوريا هجمات على تركيا، وتحقيق استمرارية الأمن القومي ضد المخاطر المحتملة الأخرى مثل الهجرات الجماعية، والسماح بوجود قوات أجنبية في البلاد، واستخدام هذه القوات وفقًا للأسس التي تحددها الحكومة، وإجراء ترتيبات ضرورية للأسس التي ستحددها الحكومة، لمدة عام واحد اعتبارًا من 2 أكتوبر 2015.

مخاطر الأمن القومي

وأشار القرار إلى ارتفاع المخاطر والتهديدات ضد الأمن القومي على طول الحدود البرية الجنوبية لتركيا، وإلى استمرار العناصر الإرهابية لمنظمة "بي كا كا" المسلحة بالتواجد في منطقة شمال العراق، لافتًا إلى ملاحظة ارتفاع في حجم التهديدات للعناصر الإرهابية الأخرى في سوريا والعراق.

وشدد قرار البرلمان على الأهمية الكبرى التي توليها تركيا لوحدة الأراضي العراقية والحفاظ على وحدة شعبها واستقرارها، مشيرًا إلى أهمية استمرار زيادة المبادرات والتدابير الدبلوماسية والسياسية والعسكرية ضد التهديدات النابعة عن وجود مجموعات إرهابية في العراق.

وأما في سوريا فأكد القرار استمرار التهديدات والمخاطر على الوضع الإنساني والأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي، التي مهدت لها سياسة العنف الذي انتهجه النظام السوري وسياسته في دعم المجموعات الإرهابية وتحويله لاختلافات الشعب الإثنية والمذهبية إلى صراعات حقيقية.

حق تركيا&

كما يُظهر قرار الأمم المتحدة بخصوص الحرب ضد تنظيم داعش، حق تركيا في إجراء عملية عسكرية خارج حدودها، حيث أن القرار أدان بشدة ممارسات التنظيم وأيديولجيته القائمة على العنف وعملياته الإرهابية وانتهاكه المكثف لحقوق الانسان بشكل ممنهج، فضلاً عن الجرائم التي ارتكبها ضد القانون الدولي الإنساني.

ومن بين ممارسات التنظيم التي أدانها القرار المذكور، القتل والاستهداف المتعمد للمدنيين دون تمييز، وحالات الإعدام الجماعية والقتل المخالف للقوانين والأعراف الدولية، والذي يطال الجنود أيضًا، وأعمال التعذيب بحق الأفراد على أساس ديني وعقدي، بالإضافة إلى اختطاف المدنيين، وتهجير الأقليات، وقتل الأطفال وتجنيدهم، وممارسة العنف الجنسي بأشكال مختلفة، والاعتقالات التعسفية، والهجمات التي تستهدف المدارس والمستشفيات وتدمير المنشآت الثقافية والدينية، ومنع الشعوب من استخدام حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية.

ويشجع القرار البرلماني التركي كافة الدول على تسليم الأشخاص والفصائل والتكتلات الداعمة للعمليات الإرهابية والمنظمة لها، وممن لها صلة بتنظيم القاعدة بما فيه داعش وجبهة النصرة، إلى العدالة، ويدعوها إلى اتخاذ التدابير اللازمة التي تناسب القوانين الدولية من أجل مجابهة الهجمات الإرهابية والحيلولة دون تدمير الإرهابيين والأطراف الداعمة لهم للمؤسسات التعليمية والثقافية والدينية.

حق الدفاع عن النفس

وفي هذا الإطار، فإن استخدام القوة ضد وحدة دولة ما واستقلالها السياسي هما من بين الأمور الممنوعة في ميثاق الأمم المتحدة. لكنّ هناك استثناءين لهذا الأمر. الأول هو التفويض من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والثاني هو حق الدفاع عن النفس.

وقال القرار البرلماني التركي: ولكي يتحقق شرط الدفاع عن النفس، فإن ذلك يستوجب وجود هجوم مسلح. لكن ليس شرطًا أن يكون هذا الهجوم ناجمًا عن دولة ما. بموجب هذا الأمر، فإنه يمكن للدول أن تستخدم حق الدفاع عن النفس بمفردها، وكذلك يمكنها أن تطلب مساعدة دول أخرى لاستخدام هذا الحق معًا.

وفي هذا الإطار، فإنه سواء القصف الذي يشنه تنظيم داعش الإرهابي من شمال سوريا باتجاه تركيا، أو الهجمات الإرهابية التي يشنها التنظيم، يعطيان الحق لتركيا في هذا الخصوص. بالإضافة إلى ذلك، فإن المعاهدات الدولية تشير على أحقية تركيا في هذا الخصوص.

وينظم البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، التدابير التي يمكن للدول الأعضاء اتخاذها في حال تهديد السلم أو الإخلال به أو عمل هجومي. وبحسب المادة 51 من المعاهدة، فإن من حق أي دولة في الأمم المتحدة تتعرض لهجوم مسلح، في الدفاع عن نفسها إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، ولا يمكن لأي مادة أن تمنع تلك الدول من هذا الحق.

مكافحة الإرهابيين الأجانب

ومن بين الأمور التي ركّز عليها مجلس الأمن هو التهديد الناجم عن المقاتلين الإرهابيين الأجانب. وتحرك المجلس في هذا الخصوص عام 2014، واتخذه العديد من القرارات في هذا الإطار. وكانت الوثائق التي لدى المجلس تشير إلى أن حوالي 25 ألف مقاتل إرهابي أجنبي، من أكثر من 100 دولة، يتواجدون ضمن صفوف داعش في العراق وسوريا. من أجل حل هذه المشكلة، تم التركيز مرارًا على ضرورة كشف المقاتلين الإرهابيين الأجانب في دول المنبع، وعدم السماح لهم بمغادرة البلاد.

وكانت تركيا اتخذت تدابير مهمة في هذا الصدد. ووضعت تركيا في هذا الإطار منذ 2011 وحتى فبراير 2016 حظرًا لأكثر من 37 ألف شخص من دخول البلاد، كما أنها قامت بترحيل أكثر من 3 آلاف شخص للاشتباه بصلتهم بتنظيمات إرهابية ولدخولهم البلاد بطريقة غير شرعية. وكان قد تم تفتيش ما يزيد عن 7 آلاف و500 شخص من قبل مجموعات تحليل المخاطر التي تم إنشاؤها في المطارات ومحطات الحافلات، وأكثر من 5 آلاف من هؤلاء خضعوا لمقابلات، فيما لم يسمح لـ 700 آخرين بدخول البلاد.

وإلى ذلك، فإنه في إطار العمليات التي أجرتها قوات الأمن التركية، تم توقيف ألفين و433 شخصًا لارتباطهم بتنظيم داعش الإرهابي، بينهم ألف و 30 أجنبيًا، فيما تم اعتقال 808 منهم، وكانت تركيا قد عززت من إجراءاتها الأمنية الفعلية على حدودها مع سوريا.
&