إيلاف من دبي: تحتفل الإمارات هذا العام بالذكرى الثانية ليوم المرأة الإماراتية، الذي دشنته الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة بالإمارات، في 28 أغسطس من العام 2015 اعترافًا بأهمية المرأة ودورها المحوري في المجتمع، وضمن مسيرة طويلة قطعتها الدولة من أجل تمكينها.
&
مناصب رفيعة

ويأتي الاحتفال هذا العام والمرأة الإماراتية حققت إنجازات كبيرة وتقلدت أرفع المناصب، والدليل على ذلك تعيين 8 سيدات في حقائب وزارية من إجمالي 29 وزيرًا خلال التشكيل الوزاري الأخير للحكومة الاتحادية، وتحقيق الإنجاز التاريخي غير المسبوق على المستويين المحلي والعربي بفوز الدكتورة أمل عبدالله القبيسي بمنصب رئيسة المجلس الوطني الاتحادي عن الفصل التشريعي السادس عشر، ووصول عدد عضوات المجلس إلى تسع عضوات يشكلن ما نسبته 22.5 بالمئة من إجمالي الأعضاء البالغ عددهم 40 عضوًا.&

كما تشغل المرأة مناصب رفيعة بوزارة الخارجية والتعاون الدولي. ووفقًا لتقرير صادر عن الوزارة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، تشغل أول امرأة حاليًا منصب المندوب الدائم للإمارات لدى منظمة الأمم المتحدة، فضلاً عن 7 سيدات يعملن سفيرات وقناصل للدولة في مملكة إسبانيا والسويد والبرتغال وميلانو وكوسوفو وهونغ كونغ وجمهورية مونتنجرو "الجبل الأسود"، من بين 157 دبلوماسية يعملن في مقر وزارة الخارجية ونحو 42 من العاملات في البعثات الدبلوماسية للدولة في الخارج، إضافة إلى عملها بكفاءة عالية في الدفاع الجوي والطيران المدني والعسكري والهيئة القضائية والنيابة العامة ومختلف أنواع ووحدات وزارة الداخلية.

وتصدرت الإمارات المرتبة الأولى عالميًا في مؤشر احترام المرأة الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2014، كما أصبحت تشغل اليوم 66% من الوظائف الحكومية العامة، من بينها 30 % من الوظائف القيادية العليا المرتبطة باتخاذ القرار، و15% من الوظائف الأكاديمية المتخصصة، وارتفعت بصورة مطردة نسبة مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي وسوق العمل منذ تأسيس مجلس سيدات الأعمال في الدولة ليصل عدد المسجلات في غرف التجارة والصناعة إلى نحو 22 ألف سيدة أعمال يعملن في السوق المحلية والعالمية، ويدرن استثمارات يتجاوز حجمها 45 مليار درهم، عدا أعداد النساء اللواتي يعملن في القطاع المصرفي الذي يعد من أهم القطاعات الاقتصادية في البلاد، ويصل عددهن إلى نحو 37.5 % من مجموع العاملين فيه.
&
وحصلت المرأة الإماراتية على مكاسب وحقوق تعليمية غير مسبوقة في عهد المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان، فنسبة تعليم النساء الإماراتيات هي الأعلى في العالم العربي، إضافة إلى طرقها لأبواب العمل الدبلوماسي في الخارج بدخولها إلى وزارة الخارجية ونجاحها في الوصول إلى منصب وزير.

ولم تطأ قدما المرأة الإماراتية الجامعة إلا في عهد الشيخ زايد، وشاركت في كل مناحي الحياة وعملت مهندسة، طبيبة، مديرة، موظفة، معلمة، مدرسة وغيرها إدراكًا منه أن هذا العصر هو عصر التقدم والتكنولوجيا وعصر التطبيقات الرقمية، وأن تقدم الدول يقاس بمستوى التعليم بين أفرادها، ولذلك وقف بصلابة ضد الأمية.

محو أمية المرأة

وقد بدأت خطوات تجربة الإمارات في مجال محو أمية المرأة مع بداية سبعينيات القرن العشرين، وساهم الاتحاد النسائي في حملة محو الأمية منذ منتصف الحقبة نفسها، وكان له دور فعّال في تعليم المرأة وإقامة الندوات والمؤتمرات والخطط التوعوية الشاملة، كما حدث في عام 1988 حيث أصدر القرار الوزاري 83/‏7 لسنة 1989، الذي حدد فترة تسع سنوات لمحو الأمية في الدولة.

ولم تمضِ سنوات حتى انتظمت مراكز تحفيظ القرآن ومحو الأمية ومراكز لتعليم المرأة طرق إدارة شؤون المنزل والتدبير المنزلي، فضلاً عن مراكز تعليم الصناعات التقليدية، وذلك حفاظًا عليها من الاندثار.

وبدأت عجلة تعليم المرأة الدوران، وفي مرحلة تاريخية لاحقة تم إنشاء مراكز للتنمية الاجتماعية عندما انتقلت الدولة بقيادة زايد من مرحلة توفير الخدمات إلى بناء الدولة الحديثة بمشاركة المرأة.

فمنذ تولي المغفور له الشيخ زايد مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي توالت المبادرات والقرارات والأوامر الخيرة التي تستهدف الرفع من شأن المرأة الإماراتية وجعلها شريكاً أساسياً في برامج التنمية؛ فعبر في كلمته في الأول من ديسمبر عام 2003 بمناسبة اليوم الوطني الثاني والثلاثين، عن فخره واعتزازه بإنجازات المرأة في الإمارات، قائلاً "إنني على يقين بأن المرأة في دولتنا الناهضة تدرك أهمية المحافظة على عاداتنا الأصيلة المستمدة من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وهي أساس تقدم الأسرة والأسرة هي أساس تقدم المجتمع كله".
&
تمكين المرأة سياسيًا

ويعتبر برنامج التمكين السياسي للمرأة، الذي تبناه الراحل الشيخ زايد أحد أهم ملامح مسيرة المرأة الإماراتية، وساند من خلاله حقوق المرأة في شغل أعلى الدرجات الوظيفية ومواقع اتخاذ القرار ومعترك العمل السياسي حين أكد تشجيعه للمرأة على المشاركة الكاملة في خدمة وطنها، بما في ذلك العمل السياسي الذي يشكل جزءًا من هذه المشاركة. وقال "أنا نصير المرأة أقولها دائمًا للتأكيد على حقها في العمل والمشاركة الكاملة في بناء وطنها".

وأسهمت التشريعات في عهد الشيخ زايد في تقديم كل أنواع الدعم للمرأة، فقد كان انضمام الإمارات عام 2004 إلى المعاهدة الدولية لمكافحة والقضاء على أشكال التميّز كافة ضد المرأة "السيداو" مؤشرًا قويًا إلى سعي الإمارات الدؤوب إلى تحسين وضع المرأة والارتقاء بها إلى مصاف مثيلاتها في الدول المتقدمة.
&
الشرطة النسائية

وشاركت المرأة الإماراتية في حفظ الأمن والاستقرار في ربوع الدولة، ومنذ الأيام الأولى لقيام الاتحاد انخرطت ابنة الإمارات في سلك الشرطة لتقف إلى جانب أخيها الرجل عندما يتطلب الواجب الأمني وجود العنصر النسائي من تفتيش النساء في المطارات والمنافذ الحدودية والتحقيق مع النساء في مراكز الشرطة في مختلف القضايا والشكاوى التي تكون المرأة طرفاً فيها، وأداء مهام مرافقة وحراسة زوجات كبار الشخصيات الزائرة للدولة، والعديد من المهام والواجبات التي تتطلب وجود العنصر النسائي.

وفي عهد الشيخ زايد لم يقتصر التعيين في سلك الشرطة على الرجال فقط، بل شمل أيضًا المرأة باعتبارها نصف المجتمع، وقد تولى معهد الشرطة هذه المهمة وقام بتدريب الفتيات منذ عام 1977 ممن يرغبن بالعمل في هذا المجال، وأنشئت مدرسة الشرطة النسائية في إمارة أبوظبي في مارس عام 1978، وكانت لهذا الحدث أهمية كبرى في الاعتراف بأن المرأة تتعاون مع الرجل يداً بيد وعلى كل المستويات، وكان إنجازًا حضاريًا رائعًا أسهم في بناء الإمارات الحديثة.