رغم الفشل في التوصل لاتفاق بشأن هدنة عسكرية في سوريا، إلا أن الولايات المتحدة وروسيا أصبحتا على بعد خطوة من بلورة نص اتفاق بشأن سوريا.

إيلاف من لندن: انتهت ليل السبت محادثات ماراثونية امتدت نحو 12 ساعة "متقطعة" في جنيف بين وزيري الخارجية جون كيري وسيرغي لافروف، حيث تركز البحث على اتفاق للتعاون العسكري ووقف العمليات القتالية في سوريا، وأعلن الوزيران أن أمامها قضايا قليلة‭ ‬"محدودة" يتعين حلها قبل إمكان الإعلان عن التوصل إلى اتفاق.

كما نقلت "إيلاف" عن مصادر دبلوماسية يوم الجمعة 26 أغسطس وكانت تقارير تحدثت في الكواليس عن احتمال التوافق بين واشنطن وموسكو على تحديد توقيت زمني لإطلاق المرحلة الانتقالية في سوريا، فإن وزيري الخارجية قالا في مؤتمر صحافي مشترك إن فريقين من الجانبين سيحاولان بحث التفاصيل النهائية في الأيام المقبلة في جنيف.

وقال كيري إن الجانبين "حققا وضوحا بشأن الطريق إلى الأمام" وإن معظم الخطوات نحو تجديد هدنة وخطة إنسانية تم التوصل إليهما في فبراير استُكملت خلال المحادثات.

اتفاق فعال

وأضاف وزير الخارجية الأميركي: "لا نريد اتفاقا من أجل الاتفاق. نريد إنجاز شيء فعال يفيد الشعب السوري ويجعل المنطقة أكثر استقرارا وأمنا ويأتي بنا إلى الطاولة هنا في جنيف لإيجاد حل سياسي".

وقال كيري "يمكنني اليوم أن أقول إننا توصلنا إلى الوضوح بشأن المضي قُدُما". واضاف: إن خبراء من الولايات المتحدة وروسيا سيستمرون في اجتماعاتهم في جنيف في الأيام المقبلة لحل عدد من القضايا العالقة.

ولم يوضح كيري ما هي تلك القضايا العالقة ولكنها تشير إلى التعقيد الذي وصل إليه الصراع في سوريا المستمر منذ 5 سنوات، حسب تقرير لمراسلة بي بي سي في جنيف.

وقال كيري إن "معظم الناس في سوريا ليسوا على دراية إن هناك اتفاقا ساريا لوقف إطلاق النار في البلاد"، مؤكدا ضرورة "تعديل هذا الاتفاق للحد من العنف، وهو ما يستحقه ويحتاجه السوريون".

اتفاق سياسي&

وشدد الوزير الأميركي على أن الطريق الوحيد لحل الصراع في سوريا عبر اتفاق سياسي. كما أكد وجود إمكانية لفصل المعارضة السورية عن الإرهابيين، مع أنه أقر بأن المسألة لا تخلو من صعوبة في ما يتعلق بتنظيم "جبهة النصرة" علما بأن فصائل المعارضة ومسلحي "النصرة" تتمركز في الأراضي نفسها في أغلب الأحيان.

وفي تطرقه إلى موضوع وجود نتائج ملموسة في فصل الإرهابيين عن المعارضين، قال كيري: "هناك خطوات يمكن اتخاذها لحل هذه المسألة، من بينها تلك التي "تتعلق بإشراك دول أخرى تدعم هذه المجموعة أو تلك وتمارس نفوذها على هذه المجموعات ولديها إمكانية المساعدة في عملية الفصل".

وأكد كيري أن مباحثاته مع لافروف كانت بناءة وتطرقت إلى عدد من الملفات، وأشار إلى أهمية العودة إلى مفاوضات حقيقية حول التسوية السياسية في سوريا في جنيف، على أساس انطلاق كل من واشنطن وموسكو من استحالة حل الأزمة السورية حلا عسكريا.

خطوات للأمام&

ومن جانبه، قال وزير الخارجية الروسي إن الوثيقة سيتم عرضها على الرأي العام العالمي في وقت قريب. وأكد أنه هو ونظيره الأميركي قاما بعدد من الخطوات نحو الأمام حول الأزمة السورية، وتوصلا إلى اتفاق حول العمل في اتجاهات محددة وتكثيف الاتصالات الثنائية بهذا الهدف.

واضاف خلال المؤتمر الصحافي المشترك إن العمل سيتواصل من أجل فك ارتباط المعارضة السورية العادية "السليمة" بالإرهابيين. وقال لافروف: نفهم أنها مهمة صعبة جدا…ولكن يجب تحقيقها في وقت سريع. وأشار الوزير الروسي إلى أن الطرف الروسي سيواصل العمل مع الحكومة السورية، فيما يواصل الطرف الأميركي العمل مع المعارضة السورية لإقامة الحوار بينهما على أرض الواقع.

وتابع وزير الخارجية الروسي: أكدنا نحن والزملاء الأميركيون، اليوم، ضرورة الاستئناف العاجل للعملية السياسية التي يجب أن تشارك فيها جميع الأطراف السورية. وأرى أنه من الضروري أن يشارك الأكراد في هذه العملية. ويجب أن يبقى الأكراد جزءا من الدولة السورية.

محادثات للخبراء العسكريين&

وقال لافروف إن روسيا والولايات المتحدة اتفقتا على تكثيف الاتصالات والمحادثات بين خبرائهما في جنيف ومسؤولين عسكريين يتواجدون في قاعدة حميميم الجوية السورية والعاصمة الأردنية عمان، حول تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا.&

وجدد الوزير الروسي موقف موسكو القائل إنه لا يمكن ضمان الحفاظ على الهدنة في سوريا دون الفصل بين المعارضة والإرهابيين. وذكر أنه اتفق مع نظيره الأميركي على آلية محاسبة الأطراف التي تنتهك نظام وقف الأعمال القتالية في سوريا.

وأشار لافروف إلى أن الجانب الروسي تلقى لأول مرة قائمة بالمجموعات التي انضمت إلى نظام الهدنة عبر الجانب الأميركي، مضيفا أن موسكو تسعى إلى مساعدة واشنطن في فصل المعارضين عن عناصر "جبهة النصرة".

جولة مفاوضات&

وشدد رئيس الدبلوماسية الروسية على ضرورة إطلاق جولة جديدة من المفاوضات المباشرة بين الحكومة السورية والمعارضة، مشيرا إلى أنه اتفق مع وزير الخارجية الأميركي على ضرورة استئناف العملية السياسية بمشاركة جميع الأطراف السورية، بما في ذلك الأكراد الذين "يجب أن يبقوا جزءا من الدولة السورية".

وأشار لافروف إلى أن الصفقة الروسية الأميركية حول سوريا لا تقتضي حظرا على طلعات الطيران الحربي السوري، وقال: "لا نتحدث عن أن على أحد وقف تحليقاته، إنما الحديث يدور عن ضرورة أن يقوم الطيران الذي يعمل في أجواء سوريا بمحاربة كل من داعش وجبهة النصرة بصورة فعالة".

تفاهمات&

واستطرد قائلا: "لقد توصلنا إلى تفاهمات محددة (حول هذه المسألة) وسيجري تطبيقها بعد أن يتم التنسيق حول التفاصيل الفنية وأن تبدأ الآلية التي لا يمكننا البوح بها العمل. لكن مهمتنا لا تكمن في أن يتوقف هذا الطرف أو ذاك عن مهمة التحليقات، إنما تكمن في أن يكون الإرهابيون هم المستهدَفين من قبل من يحلق. ولطالما انعدم التنسيق في هذا المجال مع الشركاء الأميركيين، ومع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، لكنه مهمة نعمل على تحقيقها بدءا من لقاء موسكو".

وأعرب لافروف عن أمله في أن تساعد المشاورات المرتقبة بين خبراء روس وأميركيين على البدء في تنفيذ هذه المهمة، واكد كيري من جانبه، أن الخبراء الأميركيين والروس سيستمرون في الأيام القليلة المقبلة في مناقشة المسائل الفنية التي سيتيح حلها تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.&
&