الرباط: أثار إعلان حزب العدالة والتنمية، متزعم الائتلاف الحكومي (مرجعية إسلامية)، ترشيح الشيخ حماد القباج، أحد رموز التيار السلفي بالمغرب، وكيلاً للائحة الحزب الانتخابية في دائرة جيليز بمراكش، موجة من ردود الفعل المتباينة بشأن هذا الترشيح، حيث عبّر العديد من أبناء التيار اليساري والعلماني عن رفضهم له، متهمين الحزب&بتعبيد الطريق لأحد المتطرفين لولوج قبة البرلمان، فيما دافع أنصار التيار الإسلامي عن اختيار الحزب للقباج، الذي اعتبروه رمزًا للسلفية الوطنية المغربية المتنورة.

ومباشرة بعد هذا الإعلان، قفز اسم جديد من التيار السلفي للواجهة الانتخابية، إذ تناقلت تقارير إعلامية أخبارًا تفيد بأن حزب الاستقلال، دخل في مشاورات مع الشيخ عبد الوهاب رفيقي، الملقب "ابي حفص"، من أجل ترشيحه بمدينة فاس، وهو أحد شيوخ السلفية الذين اعتقلوا عقب أحداث 16 مايو 2003 الإرهابية بالدار البيضاء، قبل أن يغادر السجن بمقتضى عفو ملكي شمله مع عدد من الشيوخ إبان أحداث الربيع العربي سنة 2011.

ويفتح هذا الحدث الباب على مصراعيه أمام الأحزاب السياسية المغربية في التنافس وخطب ود أنصار التيار السلفي، الذي يمثل أنصاره خزانًا انتخابيًا كبيرًا من شأنه تعزيز مكانة من يظفر بأصواته في الخريطة السياسية لما بعد 7 أكتوبر المقبل، فيما يرى مراقبون أن الانفتاح على هذا التيار ورموزه، من شأنه أن يساعد على إدماجهم في الحياة السياسية وتعزيز إيمانهم بالدولة المدنية الوطنية بدل حلم دولة الخلافة الإسلامية الموحدة.

ويرى مراقبون أن هذه الترشيحات، تدخل ضمن مسار ناتج عن تطور طبيعي مستقل عن الأجهزة الأمنية، يحتاج إلى الدعم والاحتضان من قبل القوى الديمقراطية، حيث اعتبر أصحاب هذا التحليل أن قرار ترشيح القباج يدخل ضمن هذا السياق.

من جهته، ذهب خالد الشيات، المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، إلى أن انفتاح الأحزاب السياسية على رموز التيار السلفي، سيساعد هذه الفئة على المصالحة مع السياسة، مؤكدًا أن الامر يمثل مسألة إيجابية وستغير الكثير من الجوانب عند هذه الفئة، خاصة على مستوى القناعات لرؤية المجتمع والسياسيين لهذه الفئة من المجتمع.

وأضاف الشيات في تصريح لـ"إيلاف" أن ما يمكن اعتباره تنافسًا بين الأحزاب على استمالة رموز التيار السلفي، نابع من كون هذه الفئة تملك قاعدة واسعة من الناخبين، كما أبرز ذات المحلل، بأن مشاركة هؤلاء داخل الأحزاب السياسية ستؤدي إلى ذوبانها داخل هذه الأحزاب.

واستبعد الشيات أن يكون لممثلي التيار السلفي أي إضافة نوعية في الحقل السياسي المغربي، لافتًا الى أن النجاح في إقناعهم بالانخراط والمشاركة في العملية السياسية والثقة في المؤسسات الوطنية سيكون مكسبًا مهمًا &للدولة والأحزاب.

وعكس ذلك، يرى منتصر حمادة، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أن حجم التيار السلفي في قاعدة الناخبين يبقى ضعيفاً، لأن السلفيين المسجلين في اللوائح الانتخابية قلة، أخذاً&في الاعتبار مقتضى مواقفهم مع العمل السياسي والحزبي"، ومشددًا على أن تأثير الصوت السلفي في الاستحقاق الانتخابي يبقى متواضعاً بشكل عام.

وأكد حمادة، في تصريح لـ"إيلاف"، أن الترشح للانتخابات يشكل مدخلاً هامًا لإدماج التيار السلفي في اللعبة السياسية، حتى لا يبقى "معزولاً عن غمار العمل السياسي الحزبي، والانتقال من مقام العمل الجمعوي، نحو مقام العمل الحزبي"، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يمثل "منعطفًا نفسيًا لدى التيار السلفي بشكل عام، بحكم أنه يعمل بشعار "من السياسة ترك السياسة".

وسجل الباحث في مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث بالرباط، أن أهم إضافة لهذا الانفتاح، هو تأكيدها تميز ما دعاه "النموذج المغربي في التعامل مع الظاهرة الإسلامية"، عبر إضافة فصيل إسلامي حركي جديد، ليتبقى أمام السلطة تحدٍّ واحد، يتمثل في إدماج جماعة "العدل والإحسان" المحظورة.