يصرّ السفير المصري في لبنان على دور بلاده الوازن في ملفات المنطقة، مؤكدًا أن زيارة وزير الخارجية إلى بيروت تصبّ في خانة تحرّك جدي لإخراج لبنان من أزمته الراهنة.

إيلاف من بيروت: يغادر السفير المصري في بيروت محمد بدر الدين زايد، غدًا الأربعاء، منهيًا مهماته الديبلوماسية الرسمية كسفير لبلاده في لبنان، والتي كان بدأها في نوفمبر 2014، حيث سيخلفه نزيه النجاري.

زايد لخّص لـ"إيلاف" ماهية الأفكار التي حملها وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت، والتي تتمحور حول إمكانية حل أزمة الشغور الرئاسي في لبنان، فيما تحدث عن العلاقات المصرية الخليجية راهنًا، وعن العلاقات المصرية التركية، مقدمًا رؤية مصر للصراع في كل من سوريا وليبيا واليمن، ولكيفية مواجهة الإرهاب في المنطقة.

وإليكم نص الحوار:

مع الزيارة التي قام بها الوزير سامح شكري إلى بيروت أخيرًا، ما جديد مصر حيال لبنان؟، وهل استطاع شكري الوصول إلى مقاربة ما حول إنهاء ملف الشغور الرئاسي؟
زيارة السيد الوزير سامح شكري أسفرت عن تأكيد مهم، هو إجماع القوى السياسية اللبنانية على طلب دعم مصر، وطلب مساعدتها على تحقيق إنهاء الفراغ الرئاسي، وبالقطع، لم تكن كما ورد في الإعلام اللبناني، زيارة إستطلاعية، وإنما تحرك مصري تجري بلورته من أجل تحديد معالم طريق واضح للمساعدة على إنهاء الأزمة الراهنة في لبنان.&

زيارة شكري
لقد زرت الرئيس نبيه بري، وودعته، وأبلغته بفحوى الاتصال الأخير بين السيد شكري ووزير الخارجية الفرنسي (جان مارك إيرولت)، والذي تناول عددًا من الموضوعات، وفي طليعتها التشاور المصري مع العديد من القوى الدولية والإقليمية في شأن لبنان وكيفية دعمه في هذه المرحلة.

جمعتم إلى مائدتكم الأطراف اللبنانية المتصارعة باستثناء طرفين أساسيين، هما حزب الله والنائب وليد جنبلاط، ألا ترون أن ذلك يضعف من زخم أي وساطة مصرية قد تأتي في المستقبل؟
مصر حريصة على علاقتها الوثيقة بكل مكونات لبنان، ولم تكن الخطوة السابقة إلا بداية تحرك متواصل سيشمل، مستقبلًا، كل هذه المكونات.

قيل إن من الأسباب التي حالت دون لقاء الوزير شكري مع أحد قياديي حزب الله هو إصدار القضاء المصري في اليوم نفسه أمرًا بالتحقيق مع حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح بتهمة التخابر مع حزب الله والحرس الثوري الإيراني، ماذا تقول حول هذا الأمر؟
هذا كلام يشوبه الكثير من التعميم. لقد كانت هنالك ملابسات وظروف متعددة وراء لقاءات الوزير وما تم تأجيله خلال الزيارة.

لا فيتو على أحد
بعض المعلومات قالت إن الرئيس نبيه بري تحفظ عن حضور اللقاء بسبب توقيت زيارة الوزير شكري إلى بيروت، والتي تأتي بعد زيارة الأخير إلى تل أبيب؟
بالقطع هذا غير دقيق، الرئيس بري إستقبل الوزير المصري والوفد اللبناني في لقاء غير عادي، وحرص على إيفاد أحد أهم مساعديه، وهو الوزير علي حسن خليل إلى اللقاء. ويهمّنا أن نوضح أن مستوى التنسيق والتفاهم بيننا وبين الرئيس بري ربما يكون الأعلى والأقوى في لبنان.

لماذا لم يحضر النائب وليد جنبلاط؟
كانت هناك ظروف خاصة بالسيد جنبلاط. لكن مصر تجمعها مع الطائفة الدرزية الكريمة أوثق وأطيب العلاقات.&

وُصف تحرك الوزير شكري بالمبادرة الإعلامية في الوقت الضائع، وبأن هذا التحرك يأتي في إطار تظهير الدور المصري إقليميًا فقط، ما هو تعليقك على هذا الرأي؟، وما هي المعوقات التي تواجهها مصر في سعيها إلى استعادة دورها؟
من يقول هذا الكلام لا يفهم ديناميات المنطقة بشكل دقيق، فالدور المصري أكبر من أن يتم تجاوزه، وتفرضه حقائق الجغرافيا والتاريخ، وإذا كان يواجه الكثير من التحديات، فقد كان دومًا يواجه تحديات، لكنه يتواصل دومًا.

العلاقات مع الخليج
هل تعرضت لضغوط معينة في مرحلة ما من الأطراف الداخلية في لبنان بهدف الانحياز إلى هذا الفريق أو ذاك؟
من الطبيعي أن كل فريق يريد إقناعي وإقناع مصر بوجهة نظره ورؤيته للأمور، ونحن حريصون على الإستماع للجميع.

ما هو تقويمك الراهن للعلاقات المصرية الخليجية بشكل عام، والعلاقات المصرية السعودية والمصرية الإماراتية بشكل خاص؟
العلاقات المصرية الخليجية والسعودية بشكل خاص هي أحد أسس التحرك المصري الخارجي، وما يربط مصر بالسعودية والإمارات ودول الخليج رؤية مشتركة إستراتيجية، لا يمكن أن تهتز، والتنسيق دائم بين مصر وهذه الدول.

هل تؤدي مصر دورًا وسيطًا بين بعض الدول العربية وإسرائيل؟، وكيف تقوّم العلاقات بين القاهرة وتل أبيب في هذه المرحلة؟
مصر لا تؤدي دور الوسيط بين الدول العربية وإسرائيل. مصر أوضحت صراحة التزامها بمبادرة السلام العربية، وأساسها أن العلاقات مقابل إقامة سلام ودولة فلسطينية مستقلة وفقًا لحدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.&

هناك انتقاد لغياب دور مؤثر لمصر على صعيد القضية الفلسطينية، وللسياسة المصرية حيال قطاع غزة وحصاره، ما هو تعليقك على هذا الأمر؟
ليس من الصحيح أن مصر تحاصر قطاع غزة، مشكلة القطاع أن الجهة التي تسيطر عليه لا تريد تطبيق الالتزامات التي سبق أن وافقت عليها في مؤتمرات دولية واجتماعات عديدة.

في فبراير من العام الماضي كانت هناك دعوة لافتة من قبل الرئيس السيسي إلى إنشاء قوة تدخل عربية موحدة لمواجهة الإرهاب، لم تلاقَ هذه الدعوة ترجمة لها على الأرض، ما الذي يعوق إنشاء مثل هذه القوة؟
القمة العربية الأخيرة وافقت على إنشاء قوة التدخل العربية المشتركة لمواجهة الإرهاب، وللأسف طلبت بعض الأطراف العربية تأجيل تنفيذ هذا المشروع الذي تبلور تمامًا، ونحن نثق في أن الجميع سيعود في المستقبل القريب لتفعيل هذه الفكرة.

ندعم تسوية سورية
في ما خص الصراع السوري. ما هي نظرتكم إلى هذا الصراع في هذه المرحلة؟ وهل تشعر القيادة المصرية الحالية بأنها عاجزة عن فعل أي شيء حيال الأزمة؟
نحن مع أي تسوية يقررها ويوافق عليها الشعب السوري. وندعم كل الجهود الدولية المؤدية إلى إنهاء هذا الصراع ووقف نزيف الدم.

هل أنتم مع التسوية التي تشمل بقاء الرئيس الأسد؟
إذا وافق السوريون على هذا الأمر. نحن مع أن يقرروا ما يريدون بأنفسهم.&

بعد التقارب الروسي التركي والإيراني التركي، هل من مساعٍ إلى التقريب بين مصر وتركيا بعد المسار السلبي الذي اتخذته العلاقات بين البلدين أخيرًا؟، وهل راهنت مصر على نجاح الانقلاب العسكري الأخير في تركيا؟&
مصر موقفها ثابت تجاه الحرص على علاقتها التاريخية بتركيا وشعبها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. المشكلة لدى الحكومة التركية الراهنة التي تظن أن من حقها التدخل في شؤون مصر الداخلية والتأثير على إرادة شعبها، وهذا لن يحدث أبدًا.

ليبيا واليمن
في ما خص العلاقة مع الجارة ليبيا. مصر اقترحت في السابق على مجلس الأمن القيام بعمل عسكري منسق تجاه ليبيا، إلا أن هذا الاقتراح قوبل بمعارضة غربية، كيف توّصف العلاقة الحالية بين مصر وليبيا؟
مصر هي الطرف الذي يعتمد عليه النظام الدولي لمحاولة تهدئة الأمور في ليبيا، ومصر تبذل جهودها للتقريب بين البرلمان الليبي والمجلس الرئاسي. مصر تحرص على التفاعل مع الأطراف والقبائل الليبية بشكل مستمر.

وبالنسبة إلى الوضع اليمني، ما هو دور مصر حيال أزمة اليمن؟
مصر جزء من التحالف العربي إزاء اليمن، ودورها معروف في هذا المجال. وأخيرًا إستقبلت رئيس وزراء اليمن، وتقدم كل الدعم الممكن إلى الحكومة الشرعية برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي.