باريس: اثارت صورة جثة الطفل الممددة على الشاطئ التركي صدمة كبيرة في انحاء العالم واوروبا، خاصة مع انتشار صورة جثة الطفل السوري ايلان التي عثر عليها على شاطىء قبالة منتجع بودروم السياحي الفاخر في جنوب تركيا، حيث قضى الطفل ايلان ذي الثلاث سنوات وامه وشقيقه وتسعة لاجئين آخرين.

وفي الوقت الذي كانت اوروبا تشهد اسوأ ازمة هجرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، خففت برلين من شروط استقبال المواطنين السوريين وتخلت عن ارسالهم الى نقاط دخولهم الى اوروبا، وشهدت المانيا التي استقبلت في 2015 ما مجموعه 1,1 مليون طالب لجوء وهو رقم قياسي، وصول اكثر من 20 الف مهاجر يومي 5 و6 سبتمبر الماضي. وفي قرار غير مسبوق قبلت النمسا بعد ان تشاورت مع برلين بتسهيل استقبال وعبور آلاف المهاجرين الى المانيا. وهم اللاجئون الذين كانوا عالقين في المجر التي شهدت تدفق نحو خمسين الف شخص الى اراضيها في اغسطس 2015، ودعت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل شركاءها الاوروبيين الى فتح الابواب اكثر امام عشرات آلاف اللاجئين الذين تدفقوا على ابواب اوروبا، وبعد اخذ ورد تعهدت فرنسا باستقبال 24 الف لاجىء خلال عامين وبريطانيا باستقبال 20 الف سوري خلال خمس سنوات.

تراجع ميركل

لكن مع تضاؤل قدرات المانيا على استقبال المزيد من المهاجرين ، اعادت برلين في 13 سبتمبر العمل بالمراقبة على حدودها بهدف "مراقبة" تدفق عشرات آلاف اللاجئين القادمين من البلقان وعلقت العمل بحرية التنقل في الفضاء الاوروبي، جاء التراجع الالماني اثر تعرض ميركل لمشاكل لوجستية وتململ في داخل معسكرها ازاء هذه السياسة.

تشدد في شرق اوروبا

وسريعا ما فرضت دول شرق اوروبا، على غرار المانيا الرقابة على حدودها. وكانت هذه الدول رفضت قبل اسابيع الفكرة الالمانية باعتماد نظام حصص لتقاسم اللاجئين بين دول الاتحاد الاوروبي، فأعادت تشيكيا وسلوفاكيا وهما دولتا عبور، المراقبة على الحدود. واقامت المجر وسلوفينيا وهما ابرز نقطتي دخول الى فضاء شنغن اسيجة الاسلاك الشائكة على حدودهما، اما في المجر فان رئيس الوزراء فيكتور اوربان المتشدد في هذا الملف، استصدر تشريعا جديدا يتيح نشر الجيش على الحدود ويجعل المهاجر غير الشرعي معرضا لعقوبة السجن، كما اعلن في يوليو عن تنظيم استفتاء في الثاني من اكتوبر ضد خطة توزيع المهاجرين على دول الاتحاد الاوروبي، ثم اغلقت دول عدة في شرق اوروبا والبلقان في فبراير 2016 حدودها امام المهاجرين وبينها خصوصا مقدونيا وسلوفينيا وصربيا وكرواتيا.

مليون مهاجر في اوروبا

وصل مليون مهاجر الى اوروبا في 2015 وهو رقم قياسي منذ الحرب العالمية الثانية، بحسب بيان نشرته في ديسمبر 2015 منظمة الهجرة الدولية والمفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة، والغالبية الساحقة منهم، اكثر من 821 الفا، مروا باليونان حيث وصل 816 الفا منهم بحرا، بحسب المنظمتين اللتين اوضحتا ان نحو 3700 مهاجر قضوا في البحر خلال عام.

اتفاق هش مع تركيا

وفي مارس 2016 ابرم الاتحاد الاوروبي وتركيا اتفاقا مثيرا للجدل نص على طرد جميع المهاجرين وطالبي اللجوء الذين يصلون الى اليونان بداية من 20 مارس 2016. ومنذ ذلك التاريخ شهد عدد المهاجرين الذين يعبرون البلقان ووسط اوروبا تراجعا، لكن هذا الاتفاق على المحك اليوم حيث تهدد تركيا بالتخلي عنه اذا لم يلغ الاتحاد الاوروبي التاشيرة المفروضة على مواطنيها لدخول بلدانه. وبات العدد الاكبر من المهاجرين يمر عبر ايطاليا، ومنذ يناير 2016 عبر 272 الف مهاجر البحر الابيض المتوسط، واكثر من 112 الفا منهم حلوا بايطاليا، في حين قضى 3165 مهاجرا في البحر، بحسب حصيلة للمنظمة الدولية للهجرة نشرتها في نهاية اغسطس 2016.