اتهمت منظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية الدولية اليوم ميليشيا سنية عراقية بتجنيد الاطفال لقتال داعش .. فيما عبّرت الامم المتحدة عن قلقها الشديد لذلك، مؤكدة أن القانون الإنساني الدولي يلزم جميع أطراف النزاع إلى الامتناع عن تجنيد القصر أو استخدامهم للمشاركة في الأعمال المسلحة.

إيلاف من بغداد: قالت منظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية، في تقرير اطلعت "إيلاف" على نصه الخميس، إن ميليشيات تدعمها الحكومة العراقية، في اشارة الى الحشد العشائري السني، تجنّد الأطفال من مخيم واحد للنازحين على الأقل في إقليم كردستان العراق للقتال ضد قوات تنظيم داعش.. وشدد على ضرورة التزام جميع قوات الأمن والجماعات المسلحة بالقانون الدولي وتسريح أي مقاتل تحت سن 18 عاماً.

انهاء وتسريح

واشارت المنظمة الى ان شهود عيان وبعض الأقارب ابلغوها أن مجموعتين مسلحتين من &الحشد العشائري &جنّدتا ما لا يقل عن 7 أطفال كمقاتلين من مخيم ديبكة في 14 أغسطس 2016 واقتادتهم إلى بلدة قريبة من مدينة الموصل، حيث تستعد قوات الأمن العراقية لشن هجوم على تنظيم الدولة الإسلامية لطرده من المدينة. واوضحت انه من المتوقع أن يلعب "الحشد العشائري" المكون من مقاتلين سُنّة محليين دوراً رئيسياً في العمليات العسكرية بالموصل، في حين قد تأمر الحكومة "الحشد الشعبي" المكون أساسًا من ميليشيات شيعية بالبقاء بعيدًا عن القتال في الموصل.

وقال بيل فان اسفلد، باحث أول في قسم حقوق الطفل، "يجب أن يشكل تجنيد الأطفال كمقاتلين في عملية الموصل تنبيهاً للحكومة العراقية التي عليها وحلفائها الأجانب اتخاذ إجراءات فورية وإلا سيشارك الأطفال في القتال على كلا الجانبين في الموصل".

واكدت هيومن رايتس ووتش انها وثقت تجنيداً للأطفال واستخدامهم في قواتها على نطاق واسع، حيث يأوي مخيم ديبكة الذي يقع على بعد 40 كيلومترًا جنوب أربيل أكثر من 35 ألف نازح حاليًا فروا من القتال بين القوات الحكومية وداعش. وقال سكان من المخيم إن شاحنتين كبيرتين جدًا وصلتا مساء 14 أغسطس وأخذتا نحو 250 مجندًا جديدًا 7 منهم على الأقل دون سن 18، للانضمام إلى قوات الشيخ الجبوري.. واشاروا الى أن جميع الرجال والفتيان تطوعوا للانضمام إلى الميليشيات. وذكر عدد من الأطفال في المخيم اسم صبي يبلغ 16 عامًا غادر مع المجموعة، وقالوا إنه كان هناك آخرون.

وقال عامل إغاثة آخر، رصد تطورات مخطط عملية الموصل، إن نقل المجندين من المخيمات كان جزءًا من خطة الميليشيات لتعزيز قواتها بالقرب من خط المواجهة، مع موافقة واضحة من الحكومة العراقية. واوضح العامل أنه رأى رجالاً يرتدون زي قوات الأمن العراقية في معسكر ديبكة قبل أيام قليلة من عملية النقل في 14 أغسطس، وإن أعضاء الميليشيا كانوا يقاتلون مرتدين زي قوات الأمن بالقرب من الخطوط الأمامية.

وقال أحد سكان المخيم إنه فر إلى ديبكة من خباطة في مخمور فور استعادة قوات الحكومة العراقية للقرية. انضم 10 من أبنائه إلى الميليشيات في 5 مارس بعد أيام من وصولهم الى مخيم للنازحين، ويبلغ سن أحد أبنائه، الذي انضم إلى مجموعة من نحو 350 مقاتلاً، 15 أو 16 عامًا. وقال الأب إن ابنه الآخر المولود في 2001 "ذهب أيضًا إلا إنهم أعادوه لأنهم قالوا إنه صغير جدًا". وصف مجموعتين أخريين من الميليشيات التي تجنّد من المخيمات، إحداهما مقرها في الحاج علي "تأخذ أي شخص يريد أن يأتي من المخيمات".

واشار ابنه البالغ من العمر 20 عامًا الى أن الرجال في مجموعته يقاتلون لمدة "أسبوع واحد ثم يعودون للراحة في المنزل لمدة أسبوع واحد، وهكذا. نحن نقاتل جنبًا إلى جنب مع قوى الأمن الداخلي، وتُدفع رواتبنا من بغداد، نحن في الأساس جزء من الجيش العراقي". يتقاضون 447500 دينار عراقي (357 دولاراً أميركياً) شهرياً. قال إنه منذ انضمامه في مارس، قُتل 4 رجال من المجموعة في المعارك وأصيب 45 آخرون.

ويحظر "البروتوكول الاختياري "للأمم المتحدة بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، الذي صادق عليه العراق عام 2008 على الجيوش الوطنية والجماعات المسلحة غير الحكومية تجنيد واستخدام الأطفال دون سن 18.&

وطالبت منظمة هيومان رايتس ووتش الولايات المتحدة وأعضاء التحالف الآخرين - باعتبارهم أطرافاً في النزاع - الضغط على الحكومة والميليشيات العراقية لإنهاء تجنيد الأطفال وتسريحهم فورًا والعمل على إعادة إدماجهم وتوجيه العقاب المناسب إلى القادة المسؤولين عن تجنيد الأطفال بمن فيهم أولئك&المتطوعون .

وقال فان إسفلد "على الولايات المتحدة الضغط على الحكومة العراقية لضمان أن القوات التي تدعمها ليس لديها مقاتلون دون سن 18 عامًا في صفوفها".. مشددًا على انه لا ينبغي خوض معركة الموصل بالأطفال على الخطوط الأمامية.&

قلقٌ شديد

وعبّرت الأمم المتحدة عن قلقها الشديد للمعلومات عن تجنيد الأطفال ونقل الصبيان إلى المناطق القريبة من الخطوط الأمامية للانضمام إلى الجماعات المسلحة التي ستحارب ضد الدولة الإسلامية "داعش" في العراق .

وشددت المنظمة الدولية في بيان صحافي تسلمته "إيلاف" الخميس، على ان "إشراك الأطفال في القتال أمر غير مقبول تمامًا". وقالت ليز غراندي، منسقة الشؤون الإنسانية في العراق، "نحن نشعر بقلق بالغ من التقارير التي تؤكد نقل الاطفال الى جبهات القتال".

واشار مكتب الامم المتحدة في العراق الى أن القانون الإنساني الدولي يلزم جميع أطراف النزاع إلى الامتناع عن تجنيد القصر أو استخدامهم للمشاركة في الأعمال العدائية. واكد ان القانون الدولي الإنساني يطالب أيضا جميع الأطراف إلى ضمان عدم تعرض حياة المدنيين الى الخطر والسماح لهم بمغادرة مناطق النزاع بأمان.

وقالت غراندي: "نرفض تحت أي ظرف من الظروف استخدام المدنيين كدروع بشرية".. مشددة على ان &"هذا يخالف كل المبادئ الإنسانية." واشارت الى ان المجتمع الإنساني قد وجه نداء عاجلاً في يوليو الماضي يطالب فيه بشكل عاجل الولايات المتحدة لتأمين مبلغ 284 مليون دولار للتحضير لعملية تحرير الموصل، ولم يتم حتى الآن سوى جمع أقل من 20 في المئة من هذا المبلغ.

ويسعى الشركاء في المجال الإنساني أيضًا&لتمويل خطة الاستجابة للاحتياجات الانسانية لعام 2016 من اجل تقديم مساعدات لحوالي 7.3 ملايين عراقي، لكنه وحتى الآن فقد تلقى الشركاء 53٪ فقط من الولايات المتحدة وحيث الحاجة ماسة الى مبلغ 861 مليون دولار لسد الاحتياجات الانسانية.
&
مقابر جماعية&

كما عبرت الأمم المتحدة عن قلقها الشديد من التقارير التي تتحدث عن المقابر الجماعية للآلاف من الضحايا المدنيين في مناطق العراق، التي كانت سابقًا تحت سيطرة تنظيم داعش، والتي تركها في مقابر جماعية لدى طرده من المناطق التي كان يحتلها.&

وكانت تقارير اشارت هذا الاسبوع الى توثيق وتحديد إحداثيات 72 مقبرة جماعية تركها تنظيم داعش&في العراق وسوريا تحتوي على ما بين 5200 و15 ألف جثة.

وأكدت أن هذه المقابر التي تم تحديد مواقعها عن طريق تحقيقات ميدانية ودراسة صور ومقابلات مع ناجين ليست إلا جزءًا قليلاً من الآثار التي تركتها وراءها ماكينة القمع التابعة للتنظيم الإرهابي. وتوقعت الكشف عن مقابر جديدة مع توسع رقعة المساحات المحررة من تحت سيطرة الإرهابيين.

وتقع 16 من المقابر التي كشف عنها في العراق في مناطق خطيرة للغاية، ولذلك لا يقدر المسؤولون العراقيون حتى على تقييم عدد الضحايا الذين دفنوا فيها. وفي ما يخص المقابر الأخرى، فتعتمد التقييمات الخاصة بعدد الجثث فيها على ذكريات الناجين والفيديوهات الدعائية لداعش نفسه، وعلى صور بما في ذلك صور التقطت عبر الأقمار الصناعية.

وما زال جبل سنجار في شمال العراق، الذي استولى عليه تنظيم داعش في أغسطس عام 2014، في محاولته لإبادة الأقلية الايزيدية القاطنة في الجبل، مليئًا بالمقابر الجماعية، حيث يقع العديد منها في مناطق لم يتم تأمينها حتى الآن. &وفي هذا السياق، أشارت التقارير إلى ما يعرف بمجزرة "سجن بادوش" في يونيو عام 2014 عندما قتل التنظيم 600 من المحتجزين في السجن على الأقل.. واوضحت أن صورًا التقطت عبر الأقمار الصناعية تظهر بوضوح الموقع الذي مازال يحمل آثار المجزرة وعملية دفن الجثث.
&