نصر المجالي من لندن: تناقلت وسائل إعلام إسرائيلية وعربية، مقتطفات من وثيقة نشرتها صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية تقول إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" كان يعمل لصالح المخابرات السوفياتية "كى جى بي" خلال فترة الثمانينات من القرن الماضي.

وطبقًا للوثيقة التي تناولتها القناة الإسرائيلية الأولى كذلك، فإن المخابرات السوفياتية كلفت محمود عباس بجمع معلومات هامة عن سوريا بالتحديد في العام 1983 لصالحها، وكان يحمل وقتها اسمًا كوديًا طبقا للوثائق الصادرة باللغة الروسية.

وسارع مسؤولون فلسطينيون للرد بسخرية من التقارير، ووصفوها بأنها " محاولة فجة لتقويض سلطة عباس هذا الوقت الذي يتزامن مع حملة شرسة ضده في الداخل والخارج"، كما يؤكد مقربون من رئيس السلطة الفلسطينية أن هناك اتجاها واضحا لمحاولة إلحاق الضرر بالرئيس الفلسطيني من قبل جهات مختلفة، بما في ذلك إسرائيل.

بوتين

وتقول صحيفة (نيويورك تايمز) في تقرير لمراسلها بيتر بيكر، إن رئيس السلطة الوطنية يشترك مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكثير من القواسم المشتركة، أكثر من اهتمامهما بمحادثات السلام في الشرق الأوسط، أهمها عملهما مع "كي جي بي". 

يذكر أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان قد عاش فترة في موسكو لأجل إنهاء أطروحة الدكتوراة بموضوع الهولوكوست. وعمل السوفيات على تجنيد مواطنين أجانب تعلموا في مؤسساتها الأكاديمية الى صفوف أجهزتهم الاستخباراتية.

صورة للوثيقة حول عضوية عباس في كي جي بي 

 

أكاذيب

وحسب ترجمة لموقع (عربي21)، فإن الصحيفة الأميركية تضيف أن "هذه الإمكانية وردت في الصحافة الإسرائيلية يوم الأربعاء، وعدتها السلطة الوطنية أكاذيب، وبنت التقارير الصحافية مزاعمها على الأرشيف البريطاني، الذي يذكر أسماء عملاء (كي جي بي)، وتعود إلى العام 1983، وأشارت وثيقة إلى عباس بطريقة سريعة ومشفرة في سطرين، بأنه (جاسوس)، وانتهى التعريف به بكلمتين (عميل كي جي بي)". 

وينقل الكاتب عن أحد الباحثين في معهد "ترومان" في الجامعة العبرية جدعون راميز، قوله: "نعتقد أنه من المهم الآن في سياق المحاولة الروسية لترتيب قمة بين عباس ونتنياهو، معرفة أن عباس انضم لـ(كي جي بي) في الماضي، مثل بوتين". 

وتشير الصحيفة إلى أن الباحثين كانا كشفا عن الوثيقة للقناة الأولى الإسرائيلية، وتقول زميلة راميز في البحث إيزابيلا غينور إن ماضي عباس مهم؛ نظرا لاستمرار التأثير الروسي عليه، وتضيف: "لا نعرف ماذا حدث لاحقا، وما إن استمر أبو مازن بعمله وخدمته للسوفييت، لكنه يترأس الآن السلطة الوطنية".

المخابرات البريطانية 

وتكشف الصحيفة عن أن الوثيقة التي تذكر اسم عباس هي واحدة من بين آلاف الملفات التي وصلت إلى المخابرات البريطانية، التي قدمها العميل السوفييتي السابق فاسيلي ميتروكين، الذي شعر بالخيبة، وقضى سنوات طويلة وهو ينسخ الوثائق السرية، وجمع خلالها ثروة من المعلومات التي قدمها للمحللين الغربيين والمؤرخين، وأصبحت تعرف بـ(أرشيف ميتروخين)، وكُتب عنها كتابان، وهي محفوظة في مركز أرشيف تشرتشل في جامعة كامبريدج، وسمح للباحثين بالاطلاع عليها العام الماضي. 

ويقول راميز وغينور إنهما عثرا على الوثيقة التي تذكر اسم عباس وهما يبحثان عن دور الاتحاد السوفييتي في الشرق الأوسط.

وبحسب التقرير، فإنه بناء على العنوان الذي يذكر الأشخاص الذين رعتهم "كي جي بي" 1983، فإن الوثيقة تذكر أن عباس ولد عام 1935 في فلسطين، وكان عميلا لها في دمشق، واسمه السري هو "كروتوف"، وهي كلمة تعني جاسوس أو (خُلد/ خلند) وهو حيوان صغير من الثدييات يعيش تحت الأرض، مشيرا إلى أن عباس قد هاجر مع عائلته عام 1948 بعد قيام إسرائيل إلى سوريا، حيث نشأ وعاش في دمشق.

ويبين الكاتب أن الوثيقة لا تذكر أي معلومات عن مكان تجنيده، أو كيفيته، أو ماذا قدم لـ"كي جي بي"، وعما إذا كان قد تلقى أموالا عن خدماته، وكم قضى معها من الوقت، مستدركا أن الباحثين راميز وغينور لاحظا أن نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، كان في الوقت ذاته الذي تتحدث عنه الوثيقة يعمل في محطة دمشق. 

هل كان عباس جاسوسا سوفييتيا ؟

 

بوغدانوف

وتورد الصحيفة أنه بحسب السيرة الخاصة لبوغدانوف في الخارجية، فإنه عمل في دمشق في الفترة ما بين 1983 - 1989، وعاد مرة أخرى في الفترة ما بين 1991-1994، وقال الباحثان: "لا نستطيع القول إنه عمل مباشرة مع عباس في ذلك الوقت، لكننا نفترض أنه عرف عنه مع مرور الوقت؛ لأنه كان خبيرا في الشرق الأوسط". 

وتختم (نيويورك تايمز) تقريرها بالإشارة إلى تأكيد راميز أنه لا يحاول التأثير على عباس، وفي الحقيقة هو من مؤيدي المحادثات مع الفلسطينيين، لكن ليس برعاية الروس، قائلا إنها "ليست فكرة جيدة"، ويضيف: "لهذا قلنا إن الوقت جيد للحديث بشكل علني عن هذا الاكتشاف".

تشويه صورة عباس 

وإلى ذلك، نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (معاً) المقربة من حركة فتح، ردا من مصدر في القيادة الفلسطينية قال إن هذه محاولة لتشويه صورة عباس.

وقال : "نحن لا نستغرب هذه الحملة ضد الرئيس عباس ولا نزال نتوقع اكثر من ذلك، لان إسرائيل فعلت مثل هذا واكثر بالرئيس عرفات وهو محاصر في مقر القيادة في رام الله عام 2002 وقد صرفت إسرائيل مئات ملايين الدولارات على وسائل اعلام عالمية وعربية لتشويه صورته الثورية وسيرته النضالية".

وأضاف المصدر"إن الحركة الصهيونية لا تزال تتعمد تشويه صورة الحاج امين الحسيني والادعاء أنه كان يعمل مع النازيين والحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني برئاسة هتلر. واعتبر أن كل "هذه الترهات الإسرائيلية لن تؤثر في موقف الرئيس عباس الرافض للاعتراف بالدولة اليهودية مهما فعلت تل ابيب".

كما حذر المصدر من أن تكون إسرائيل تخطط للتعرض لحياة الرئيس الفلسطيني محمود عباس "مثلما فعلت بالزعيم عرفات عام 2004" على حد قوله.