للسنة الثانية على التوالي، نظمت عمدة باريس يومًا كاملًا من دون سيارات للحدّ من نسبة التلوث في العاصمة، وتشجيع السكان على حياة صديقة للبيئة، ولاقى إقبالًا شعبيًا في مدينة تحتل البيئة لدى قاطنيها الأولوية إلى جانب موضوعي الإرهاب والاقتصاد.

إيلاف من باريس: هدوء يوم الأحد في الجميلة باريس لا يحمل غرابة، لكن الاستيقاظ وعدم رؤية أي سيارة تجول في الشوارع غريبٌ فعلًا.&

هكذا أرادت عمدة باريس، بخطوة رمزية، أن تقلص التلوث في أجواء المدينة. نجحت في هذا النشاط في العام الماضي، فوسّعت رقعته هذه السنة؛ 38 كيلومترًا مربّعًا من العاصمة الفرنسية من دون صوت محرّك، ولا زمامير، أي تقريبًا 45 % من مساحة باريس الإجمالية.&

ترغيب في النقل العام
في بقية الطرق حدّدت السرعة القصوى للمركبات بـ20 كيلومترًا فقط في الساعة. يعني على مهل. وعلى الأرصفة الواسعة كانت تمارين رياضية، نشاطات للأطفال وعروض رقص وغناء في شوارع قديمة ضيقة ملأتها دراجات هوائية.&

كريستيان ناجدوفسكي، المكلف بالنقل والأماكن العامة في بلدية باريس، يؤكد لـ"إيلاف"، أن هذه الخطوة رمزية بالطبع، لكن يمكن أن يكون لها بعدٌ توعوي، لتشجيع سكان باريس على استخدام وسائل النقل المشترك. ويقول: "الباريسيون بحاجة إلى هواء نظيف، وسوف يشعرون بالفرق اليوم".&

وصَدَق ناجدوفسكي، فمؤسسة Airparif التي تعنى بدرس مدى تلوث الهواء، أصدرت تقريرًا يوضح أن نسبة ثاني أكسيد النيتروجين في الهواء تراجعت الأحد 35 %.&

أهمية شعبية
ومنذ انتهاء قمّة المناخ في العام الماضي في باريس (COP21)، صار الموضوع البيئي أولويةً بالنسبة إلى فرنسا. وثمة تدابير عدة نراها كلّ أسبوع، كمنع السيارات من التجوّل مرّة في الشهر في جادة الشانزيليزيه، ومنعها أيضًا من المرور بضفتي نهر السين على مدار السنة.&

يضاف إلى ذلك منع السيارات القديمة ذات نسبة التلويث المرتفعة من دخول العاصمة، ومنع المتاجر من بيع الأكياس البلاستيكية، وحتى منع استخدام الشوك والسكاكين والصحون البلاستيكية، واستبدالها بأخرى صديقة للبيئة. لا شكّ أن الفرنسيين يعيرون أهميّة كبيرة للموضوع البيئي، ويبدو أنه سيكون أساسيًا في انتخابات الرئاسة المقبلة، إلى جانب الإرهاب والاقتصاد.&

"وأخيرًا يمكننا أن نتنفس من دون أن نتنشّق غاز السيارات"... يقول مواطن فرنسي لـ"إيلاف". الآراء مرحّبة إجمالًا بهذه الخطوة رغم زحمة السير التي تسببت بها في ضواحي باريس. &

البعض اقترح أن تكون وسائل النقل المشترك مجانية في مثل هذا اليوم على الأقل. والعرب تمنّوا لو تُنظّم نشاطات مماثلة في بلدانهم ومدنهم الملوّثة. أمّا الممثل الكوميدي الفرنسي فابريس إيبويه فنشر شريط فيديو على فايسبوك حقق انتشارًا واسعًا، طالب فيه بيومٍ من دون سياسيين في فرنسا.&