نيويورك: بدأ الرئيس الإيراني السابق محمود احمدي نجاد خلال الربيع الماضي حملة في أنحاء إيران "لإعادة تحديد مُثُل الثورة" على حد تعبيره. وهاجم خلفه حسن روحاني بوصفه "غير كفء" وندد بحكومة روحاني لتوقيعها الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة. وتصاعد زخم الحملة خلال الصيف وتصاعدت معها شعبيته.&

واعلن احمدي نجاد في اجتماع حضره مئات في طهران مؤخرا "ان انتصاراً ومستقبلا مشرقاً ينتظرنا". وأقر بان مطبات وعقبات ستعترض طريقه لكنه دعا مؤيديه الى العمل بمثابرة في الأرياف والمحافظات حيث ما زال يتمتع بشعبية.&

ومن المقرر ان تجري الانتخابات الرئاسية الإيرانية في مايو العام المقبل. وكان واضحاً ان احمدي نجاد يمهد الطريق لعودته الى الساحة السياسية رغم ان القانون يمنع النشاط الانتخابي قبل بدء الحملة في ربيع 2017.&

وفي محاولة اخرى للفت الانتباه كتب احمدي نجاد رسالة الى الرئيس الاميركي باراك اوباما يطالب فيها بنقض قرار المحكمة العليا الاميركية السماح باستخدام ملياري دولار من الأرصدة الإيرانية المجمدة لتعويض ضحايا الهجوم على القوات الاميركية في بيروت عام 1983.&

ويلاحظ مراقبون انه ما من سياسي إيراني مثير للجدل أو الاستقطاب في الداخل مثل احمدي نجاد. فهو بعد عامين فقط من توليه منصب عمدة طهران حقق فوزاً مفاجئاً في الانتخابات الرئاسية عام 2005 ضد منافسين ذوي اسماء أكبر وأشهر من اسمه.&

وتمخض فوزه المطعون بشرعيته في انتخابات 2009 وسط اتهامات بحدوث تزوير واسع، عن احتجاجات الحركة الخضراء التي تنامت الى أخطر تهديد لنظام الملالي منذ ثورة 1979. وقُعمت الاحتجاجات بعد اشهر من البطش والملاحقات والاعتقالات الجماعية والمحاكمات الصورية. وبعد ست سنوات ما زال المرشحان الرئاسيان المعارضان رئيس الوزراء السابق حسين موسوي ورئيس البرلمان السابق مهدي كروبي تحت الاقامة الجبرية.

&

محمود أحمدي نجاد


&
اتسم عهد احمدي نجاد خلال ولايتيه بتفشي الفساد مستنزفاً عائدات النفط في قروض متعثرة ومشاريع سكنية شعبية فاشلة. واتُهم اثنان من نوابه بالاختلاس والفساد. وحين تسلم روحاني الرئاسة في عام 2013 اعلن ان خزينة الدولة خاوية. وفي عهد احمدي نجاد ايضاً الغت إيران اتفاقاً مع المجتمع الدولي على تجميد برنامجها النووي وتنامت قدراتها النووية. واشتدت في عهده حدة التوترات الدولية لا سيما بعد دعوته الى محو اسرائيل من الخريطة. وفرضت الأمم المتحدة اقسى ما شهده العالم من عقوبات ضد إيران اربع مرات.&

ويبدو ان عودة احمدي نجاد اثارت حتى مخاوف المرشد الأعلى علي خامنئي الذي دعم اعادة انتخابه في عام 2009. وقال مسؤول إيراني لمجلة نيويورك ان المرشد الأعلى التقى في وقت سابق من سبتمبر الحالي، مع احمدي نجاد بعيدا عن الأضواء، ودعاه الى عدم الترشيح والكف عن استقطاب البلد والامتناع عن العودة الى النشاط السياسي. واضاف المسؤول "ان المرشد الأعلى كان واضحاً".&

رد احمدي نجاد على المرشد الأعلى بتحدي دعوته والعودة الى النشاط الانتخابي. واثار هذا الموقف امتعاض مكتب المرشد الأعلى فسرب حديثه مع احمدي نجاد، كما كشف مسؤولون إيرانيون. واشتعلت طهران بالتكهنات عقب تسريب وقائع اللقاء بشأن مصير اكبر المتشددين في إيران وتداعيات ذلك على الانتخابات.&

وتحدث خامنئي نفسه بصراحة غير معهودة يوم الاثنين الماضي. وهو لم يذكر احمدي نجادي بالاسم ولكن كلامه كان يغني عن ذكر اسمه. إذ قال المرشد الأعلى في خطبة امام جمع من طلاب المدارس الدينية "قلتُ للسيد الذي جاء لمقابلتي أن ليس من مصلحة البلد في مثل هذه الحالة ان يرشح" . واضاف "ان المجتمع منقسم والوحدة بين المسؤولين والشعب يجب ان تسود"، كما افادت تقارير في الصحافة الإيرانية.&

سليماني

ويبدو الآن أن اثنين من أبرز المرشحين انسحبا من السباق الذي من المتوقع ان يدشن فصلا جديدا من علاقات إيران بالعالم بعد الاتفاق النووي. وارتفعت خلال الصيف اصوات عالية تدعو الى ترشيح الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس، الوحدة النخبوية في قوات الحرس الثوري الإيراني، للانتخابات الرئاسية.&

واظهر استطلاع اجرته جامعة ماريلاند الاميركية في الصيف ان سليماني يتمتع بأعلى نسبة من الشعبية بين الشخصيات الإيرانية البارزة، باستثناء المرشد الأعلى، بلغت 54 في المئة. وجاء الرئيس روحاني ثالثاً بنسبة 38 في المئة.&

&

قاسم سليماني


&
وقاد سليماني عمليات خارج إيران، لا سيما في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وفي اكثر من 12 بلدا آخر. وسليماني صاحب الشخصية الكريزمية الذي كان يمارس رياضة بناء الأجسام واحد من اقوى قائدين عسكريين في إيران ويعتبر بطلا على نطاق واسع بين الإيرانيين. وكثيرا ما يظهر في صور على خطوط الجبهة مع جنود محليين. ولكنه انسحب من السباق في وقت سابق من هذا الشهر بدعوى انه يريد ان يبقى عسكريا الى آخر يوم من حياته.&

الرابح الأكبر من انسحاب سليماني هو الرئيس روحاني. ولكن إعادة انتخابه ما زالت تعترضها عقبات. فالاتفاق النووي لم يحقق المنافع المتوقعة لا سيما المنافع الاقتصادية. ولم يبد أي بنك من البنوك الغربية الكبيرة استعداده لتمويل صفقات تجارية منذ رفع العقوبات الدولية العام الماضي، كما لاحظ روحاني مرات متكررة خلال وجوده في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. واظهر الاستطلاع نفسه الذي اجرته جامعة ماريلاند ان ثلاثة ارباع الايرايين قالوا ان ظروفهم المعيشية لم تتحسن. وبعد الاتفاق النووي مباشرة العام الماضي كان أكثر من 60 في المئة من الإيرانيين ينظرون نظرة "ايجابية" الى روحاني وانخفضت هذه النسبة الآن الى أقل من 40 في المئة.&

قال احمدي نجاد مؤخرا "انا سأبقى بفخر جندياً بسيطاً من جنود الثورة وخادماً للشعب". ولكنه سيلاقي صعوبة في الترشيح مرة أخرى لأي منصب سياسي في الدولة. والمجهول الأكبر هو أين سيتجه مؤيدوه في هذه الحالة. فان "الأحمدي نجادية" ما زالت تتمتع بشعبية بين الفقراء وفي الأرياف وخاصة بين المتشددين الذين يخشون ان تعني اعادة انتخاب روحاني لولاية ثانية مزيدا من الانفتاح على العالم والتنازل عن مُثُل الثورة وتضييق المجال المتاح لهم.&

أعدت إيلاف التقرير نقلا عن مجلة نيويوركر على الرابط أدناه:

http://www.newyorker.com/news/news-desk/irans-presidential-election-will-also-be-pivotal-and-ahmadinejad-wont-be-running
&