حلب: هددت واشنطن موسكو الاربعاء بتعليق التعاون معها حول سوريا فيما ندد الامين العام للامم المتحدة بتعرض اثنين من المستشفيات الرئيسية في الجزء الخاضع لسيطرة الفصائل المقاتلة في حلب للقصف مشيرا الى "جرائم حرب".

وتعتبر منظمات غير حكومية وسكان ان هذه الهجمات المتعمدة من النظام السوري وحليفه الروسي هدفها القضاء على البنية التحتية التي لا تزال قيد الاستخدام في المناطق المحاصرة التي تفتقد الى كل شيء.

وخلال محادثة هاتفية جديدة، ابلغ وزير الخارجية الاميركي جون كيري نظيره الروسي سيرغي لافروف أن "الولايات المتحدة تستعد لتعليق التزامها الثنائي مع روسيا حول سوريا، وخصوصا اقامة مركز مشترك" للتنسيق العسكري بحسب ما ينص عليه الاتفاق الروسي الاميركي الموقع في جنيف في التاسع من سبتمبر قبل ان ينهار بعد عشرة ايام.

وهذا التعاون بين موسكو وواشنطن الذي سعى اليه جون كيري حتى النهاية طوال اشهر، سيتوقف الا اذا "اتخذت روسيا تدابير فورية لوضع حد للهجوم على حلب واعادة العمل بوقف الاعمال القتالية" الذي "انتهى" في 19 سبتمبر مع قرار الجيش السوري بدء الهجوم على حلب تزامنا مع انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك.

"قصف متعمد"

واصيب اكبر مستشفيين فجرا بضربات جوية، فيما تستمر المعارك في المدينة حيث اعلنت قوات النظام تحقيق تقدم على الارض خلال الساعات الاخيرة.

وقال ادهم سحلول من الجمعية الطبية السورية الاميركية، مقرها في الولايات المتحدة، لوكالة فرانس برس "وقع الهجوم عند الساعة الرابعة صباحا (1,00 ت غ) عندما استهدفت طائرة عسكرية المستشفيين بشكل مباشر".

وقتل مريضان على الاقل واصيب اثنان من طاقم المعالجين في الضربات، وفق منظمة اطباء بلا حدود.

في نيويورك، اعتبر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الاربعاء ان الهجمات على مستشفيات في حلب تشكل "جريمة حرب"، وقال امام مجلس الامن ان "الامر اسوأ من مسلخ"، لافتا الى "اشخاص فقدوا اعضاءهم" و"معاناة رهيبة مستمرة لدى اطفال".

من جهتها، قالت ديانا سمعان من منظمة العفو الدولية ان مثل هذه الضربات تهدف الى اجبار 250 الف نسمة في مناطق الفصائل على الفرار الى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.

واضافت ان "الهدف الوحيد من هذه الهجمات ضد المستشفيات هو زيادة معاناة المدنيين، وتدمير البنية التحتية لاجبارهم على المغادرة الى مناطق يوجد فيها بنى تحتية".

بدوره، صرح وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت ان بلاده ستطرح قرارا في الامم المتحدة لوقف اطلاق النار في حلب والذين سيمتنعون عن التصويت لصالحه "يجازفون بتحمل مسؤولية المشاركة في جرائم حرب".

وتتعرض الاحياء الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة منذ اسبوع لغارات جوية عنيفة يشنها الطيران السوري والروسي اوقعت عشرات القتلى ومئات الجرحى ودمرت مباني سكنية.

ولم يعرف ما اذا كان المستشفيان تعرضا لغارات شنتها طائرات تابعة للجيش السوري ام لحليفه الروسي.

واكد سحلول "ان تجدد القصف يعني التوقيع على صك مقتل مئات من الاشخاص".

والغارات مستمرة منذ اعلن الجيش السوري في 22 سبتمبر البدء بحملة واسعة لاستعادة كامل مدينة حلب المنقسمة منذ عام 2012 بين احياء شرقية تسيطر عليها الفصائل المقاتلة واخرى غربية تسيطر عليها قوات النظام.

وقتل خلال الغارات اكثر من 165 شخصا اغلبهم من المدنيين منذ بدء الحملة على الاحياء الشرقية، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.

وكان الجيش السوري استعاد السيطرة الثلاثاء على احد احياء المعارضة في وسط حلب بعد ايام من القصف الجوي الكثيف. 

الى ذلك، دان البابا فرنسيس الاربعاء في روما تصاعد اعمال العنف في سوريا ودعا المسؤولين عنها الى "مراجعة ضمائرهم"، مؤكدا ان "الله سيحاسبهم".

وطالبت منظمة اطباء بلا حدود في تغريدة على تويتر "باجلاء الجرحى والمرضى في حالة حرجة من حلب الشرقية" مضيفة "انهم الان واقعون في الفخ وقد يموتون".

بدورها، نبهت منظمة الصحة العالمية الى ان الاجهزة الطبية في شرق حلب على وشك "التدمير الكامل"، مطالبة "باقامة ممرات انسانية من اجل اجلاء المرضى والجرحى".

وكان الجيش السوري طلب بعد اعلانه بدء الهجوم من سكان حلب الشرقية المغادرة باتجاه المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام، الا ان اغلب السكان يخشون توقيفهم لدى عبورهم الى حلب الغربية.

شهر لا اكثر

وقتل الاربعاء ستة مدنيين على الاقل في قصف مدفعي قرب مخبز في حلب الشرقية، بحسب المرصد السوري ومسعفين.

ويستهدف الجيش السوري حي المعادي بشكل خاص انطلاقا من قلعة حلب التاريخية في المدينة القديمة، بحسب مراسل وكالة فرانس برس. 

وافاد المرصد ان هذه المنطقة تشهد منذ الثلاثاء معارك عنيفة.

من جهته، راى رئيس "الخوذ البيضاء" (الدفاع المدني في مناطق المعارضة) رائد الصالح الثلاثاء في حوار اجرته معه وكالة فرانس برس ان القسم الشرقي من حلب لن يصمد "لأكثر من شهر" بسبب استمرار تدمير ما تبقى من الخدمات العامة.

وقال الصالح "لن يكون هناك مياه او كهرباء او وقود ولن تتمكن المستشفيات من مواصلة عملها".

وفي حي العزيزية الخاضع لسيطرة القوات النظامية، قتل مدنيان الاربعاء واصيب عشرة اخرون بسقوط قذائف اطلقها مقاتلو الفصائل، بحسب مصدر طبي.