لندن: تبدأ الحكومة العراقية، بالتنسيق مع قوات البشمركة الكردية وبإسناد قوي من الولايات المتحدة، عملية تحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، ويُرجح أن تتكلل العملية بالنجاح في استعادة السيطرة على ثاني أكبر مدينة في العراق. لكن الصراعات المحلية والمناطقية يمكن أن تحول هذا النجاح التكتيكي سريعا إلى انتكاسة استراتيجية.

فمن دون تحضيرات أفضل لمرحلة ما بعد التحرير، يمكن أن تشعل عملية الموصل حروبًا متعددة داخل الحرب الأوسع، وتلحق دمارًا كبيرًا بالمدينة. ومن شأن هذا أن يعقد الجهود الرامية إلى إشاعة الاستقرار في العراق الذي يعاني غياب أي مجهود عملي لإعادة بناء المدن السنية المدمرة بعد تحريرها، وعودة الحد الأدنى من سكانها المهجرين، والخوف من الميليشيات الشيعية وخروقاتها.&

وتشير هذه العوامل إلى استمرار الاحتقانات الطائفية وربما تفاقمها، ما يمهد لعودة داعش من جديد أو من يأتي بعده. ويرى السفير الاميركي السابق في العراق زلماي خليل زاد ست قضايا حاضرة بقوة.

دور الميليشيات الشيعية&

أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في البداية أن الميليشيات الشيعية لن تشارك في عملية تحرير الموصل، في قرار مدفوع في الأساس بالحوادث التي وقعت بعد تحرير الفلوجة في وقت سابق من العام الحالي. فعندما طوقت الميليشيات الشيعية المدينة، اتهمها سكانها السنة بارتكاب الفظائع ضد الأهالي. وما زال نحو 600 مدني في عداد المفقودين لا يُعرف مصيرهم. وطغى عدوان الميليشيات الشيعية على حجم جرائم داعش وأثار ردات فعل غاضبة من السنة أدت إلى اعتداءات انتقامية ضد أهداف شيعية. وبعد ثلاثة أشهر على تحرير الفلوجة، لم يعد إلا 500 من المهجرين إلى المدينة التي كان عدد سكانها 350 ألفًا.&

وإذا دخلت الميليشيات الشيعية مدينة الموصل أو اخذت "تمحص" في هوية المدنيين الهاربين فإن تعقيدات يمكن أن تحدث على نطاق أوسع. ويمكن أن تمتد الاحتقانات السنية - الشيعية في الموصل إلى انحاء العراق وتؤجج مزيدًا من التطرف.

لكن العبادي يتراجع الآن عن تعهده السابق بالحد من دور الميليشيات، قائلًا أن لا خيار لديه سوى إشراكها في عملية الموصل. والأرجح أنه في موقفه هذا يرضخ لضغوط قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني واحزاب شيعية في بغداد متحالفة مع إيران.

مثلث الالتقاء

بالنسبة إلى إيران، لحوادث الموصل أهميتها في سياق رغبة طهران في هزيمة داعش من جهة، لكن في اطار طموحها الأكبر لإضعاف القوى السنية التي تنافسها من الجهة الأخرى. وما له أهمية ايضًا هو مستقبل قضاء تلعفر غربي الموصل، فإلى جانب كونه موطن التركمان الشيعة، يمكنه أن يمنح ايران موقعًا في مثلث التقاء الأراضي العراقية والسورية والكردية التركية. وستتيح السيطرة على هذا القضاء لايران استعراض قوتها نيابة عن نظام الأسد ومضايقة حكومة إقليم كردستان العراق.&

يكتب خليل زادة في مجلة ناشونال انتريست انه خلال زيارته السعودية وتركيا أخيرًا، أبدى قادة البلدين قلقهم من أن تستغل ايران سيطرة عناصر موالية لها على الموصل لإرساء أساس رواق بري إلى سوريا تستطيع طهران أن تستخدمه لزعزعة استقرار خصومها أو لضربهم. وقد يكون في حسابات طهران أن تشكل مشاركة عناصر موالية لإيران ثقلًا مضادًا للوجود العسكري التركي.&

تدخل تركيا&

ليس العدوان الايراني إلا واحدًا من عوامل متعددة يمكن أن تدفع تركيا إلى التدخل. فلتركيا مصلحة في الدفاع عن التركمان السنة ضد الميليشيات الشيعية وتأمين عدم استبعاد حلفائها السنة عن الادارة الحكومية بعد طرد داعش. كما تنظر أنقرة بحذر إلى وجود حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب في سنجار، بين الموصل والحدود السورية. واعرب ممثلو تركمان العراق عن قلقهم مطالبين بطرد حزب العمال الكردستاني من المناطق التركمانية.&

وفي موقف أثار حفيظة بغداد، أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أنه مستعد لدعم دخول قوات عربية سنية لحماية التركمان السنة. ومن حلفاء تركيا الكبار محافظ الموصل السابق اثيل النجيفي. وخلافًا لممانعة بغداد، أقامت تركيا قاعدة عسكرية عبر نهر دجلة في بعشيقة حيث يدرب جنودها مقاتلي "الحشد الوطني"، وهو قوة من المتطوعين العرب السنة عبّأها النجيفي.&

أعدت "إيلاف" هذه المادة عن مجلة ناشونال انتريست على الرابط أدناه:

http://nationalinterest.org/feature/six-factors-will-determine-whether-mosul-success-or-failure-17856