القدس: سجي جثمان الرئيس السابق شيمون بيريز الذي توفي الاربعاء عن 93 عامًا، لـ 12 ساعة الخميس امام مقر الكنيست في القدس ليتاح للاسرائيليين إلقاء النظرة الاخيرة على رئيسهم السابق.

وبيريز هو الشخصية الاخيرة من جيل مؤسسي دولة اسرائيل، وأحد المهندسين الرئيسيين لاتفاق اوسلو للسلام مع الفلسطينيين في 1993 الذي منح من اجله مع رئيس الوزراء حينذاك اسحق رابين والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات جائزة نوبل للسلام. وقد توفي الاربعاء نتيجة إصابته بجلطة دماغية.

وجاء مئات من الاسرائيليين من كافة الاعمار لإلقاء النظرة الاخيرة على النعش الذي غطي بالعلم الاسرائيلي، والتقط بعضهم الصور.

وقام الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون بإلقاء النظرة الاخيرة على الجثمان الخميس أمام مقر الكنيست.

وبدا على كلينتون التأثر عند وقوفه صامتًا بالقرب من جثمان الرجل الذي كانت تربطه به علاقة وثيقة. ولعب كلينتون دورًا رئيسيًا في التوصل الى اتفاقات اوسلو للسلام مع الفلسطينيين عندما كان رئيسًا.

وتم تنكيس الاعلام صباح الخميس &في كل المباني الرسمية في الدولة العبرية، وفي البعثات الدبلوماسية الاسرائيلية في الخارج.

جنازة غير مسبوقة

وسيشيع بيريز في القدس الجمعة في جنازة سيحضرها قادة عدد من دول العالم. وسيدفن في مقبرة جبل هرتزل، التي دفن فيها عدد من كبار القادة الاسرائيليين.

وبين القادة الذين سيشاركون في الجنازة الرئيس الاميركي باراك اوباما، الذي امر بتنكيس الاعلام على المباني الحكومية في الولايات المتحدة حدادًا على بيريز.

وقال البيت الابيض إن "الرئيس باراك اوباما سيترأس الوفد الاميركي الى القدس للمشاركة في جنازة الرئيس الاسرائيلي السابق شيمون بيريز". واضاف أن اوباما سيتوجه الخميس الى القدس وسيعود إلى بلاده الجمعة بعد انتهاء الجنازة.

واعلنت الرئاسة الاميركية أن اوباما امر ايضًا "بتنكيس العلم الاميركي في البيت الابيض وسائر المباني الرسمية والعسكرية الاميركية داخل الولايات المتحدة وخارجها" احترامًا لذكرى بيريز.

ومن ابرز المشاركين ايضا الرؤساء الفرنسي فرنسوا هولاند وولي العهد البريطاني الامير تشارلز ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو والعاهل الاسباني الملك فيليبي السادس، اضافة الى بيل كلينتون الذي سيحضر من دون زوجته هيلاري نظرًا لانشغالها في حملة الانتخابات الرئاسية.

وقررت السلطات الاسرائيلية فرض اجراءات امنية استثنائية في هذه المناسبة التي تأتي قبل ايام من عيد رأس السنة اليهودية، الذي يليه بعد عشرة ايام عيد الغفران.

وقال القائد العام للشرطة الاسرائيلية روني الشيخ: "نحن نتعامل مع العملية على نطاق غير مسبوق". وتم نشر تعزيزات امنية يؤمنها 7000 شرطي ليومي الخميس والجمعة.

وسيتم قطع الطريق التي تربط بين القدس وتل ابيب بشكل متكرر، من اجل تنقل رؤساء الدول والحكومات الذين سيحضرون الجنازة.

ولم تشهد اسرائيل أي جنازة على مستوى دولي مماثل منذ جنازة رئيس الوزراء السابق اسحق رابين عام 1995، الذي اغتيل على يد ناشط في اليمين المتطرف معارض بقوة لاتفاق اوسلو الموقع بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.

نوبل السلام ومجزرة قانا

وكان بيريز في وسط المعارك الكبرى في تاريخ اسرائيل وفي صلب السجالات العنيفة التي واكبت الحياة السياسية في هذا البلد. ويعتبره الاسرائيليون شخصية توافقية واحد حكماء البلاد، لكن الشارع الفلسطيني والعربي إجمالاً يرى انه لا يختلف عن قادة اسرائيل الآخرين ويصفه بـ"المجرم".

في 1994، نال بيريز مع رابين وعرفات جائزة نوبل للسلام عن "جهودهم لإحلال السلام في الشرق الأوسط".

ويرتبط اسم بيريز ببداية أنشطة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وبقصف مخيم تابع للامم المتحدة في بلدة قانا في جنوب لبنان في 1996 في مجزرة راح ضحيتها اكثر من مئة مدني.

وكان بيريز يصنف بين "صقور" حزب العمل، وقد وافق حين كان وزيرًا للدفاع في السبعينات على بناء اولى المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة.

غير انه انتقل فيما بعد الى صفوف "الحمائم" ولعب دورًا حاسمًا في ابرام اتفاقات اوسلو، في وقت كان اسحق رابين يشكك بقوة في العملية السلمية.

وقال بيريز المعروف عنه اعتناؤه الشديد بصحته ومحافظته على نشاطه رغم تقدمه في السن، إن سر عمره المديد يكمن في ممارسة الرياضة يوميًا وتناول كمية قليلة من الطعام وشرب كأسين من النبيذ يوميًا.

وفي سن الـ93، كان بيريز لا يزال ينشط من خلال "مركز بيريز للسلام"، الذي يشجع التعايش بين اليهود والعرب، في وقت باتت آفاق تسوية النزاع الاسرائيلي الفلسطيني مسدودة اكثر من أي وقت مضى.

واضطر الى وقف نشاطاته مرتين في يناير لاصابته بعارضين في القلب خلال عشرة ايام. غير انه اكد بين الفترتين اللتين امضاهما في المستشفى، عزمه على استئناف العمل.
&