مراكش: في إشارة تحمل أكثر من دلالة ورسالة، أخذ حماد القباج، الوكيل السابق للائحة حزب العدالة والتنمية بدائرة جيليز النخيل، بمراكش، الذي تم منعه من الترشح، الكلمة، خلال المهرجان الخطابي الذي ترأسه، مساء الخميس، عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ورئيس الحكومة، وسط حضور غفير غصت بها القاعة المغطاة وجنبات المركب الرياضي الزرقطوني.

وقال القباج، مخاطباً الحضور، من على كرسيه المتحرك، بمنصة المهرجان الخطابي: "إن ابن كيران نجح لأنه صادق". كما عبر عن اختلافه معه لاستعماله لمصطلحي "التماسيح" و"العفاريت"، قائلا: "بعد كل ما تعرضت له من ظلم وإهانة، أرى أنه كان عليه أن يستعمل مصطلح "الديناصورات"، وزاد موضحاً: "لأن التمساح إذا لم تذهب لبركته المائية لن يعضك، ولكن الديناصور، كما صورته أفلام هوليود، يأتي على كل شيء يقف في طريقه، فلا يترك أخضراً ولا يابساً".

وتوسع القباج، في الحديث عما تعرض له، فقال: "خضعت لعملية استهداف فكري وجسدي.. حيث إنهم ذهبوا ينقبون في فكري، وعندما لم يجدوا شيئاً كذبوا علي، وبعد هذا كله ذهبوا يبحثون في جسدي، وقالوا "انه مجرد معاق"، مضيفاً: هذا مخجل وعيب".

حماد القباج في حديث مع عبد الإله ابن كيران خلال المهرجان الخطابي بمراكش

 

وتحدث القباج عن مميزات حزبه وخصال أعضائه، فقال: "من المصطلحات التي أصبحت متداولة في المجال السياسي مصطلح الوطنية الصادقة، ونحن في أمس الحاجة لمثل هذا المصطلح الذي يدل على أن هناك وطنية غير صادقة وممارسة سياسية غير صادقة، بل إن قلة الصدق أضحت من الصفات البارزة في الممارسة السياسية التي كثر فيها الكذب الذي يبدأ في الحملات الانتخابية ويمتد حتى يكون على مستوى ممارسة الشأن العام". ثم مضى يقول: "المواطنون يشتكون من الكذب ومن الوعود الفارغة، من دون أن يتحقق شيء. وهذا أمر خطير لأنه يبطل ويضعف مصداقية العمل السياسي ويرسخ العزوف واليأس ويؤدي إلى سوء الظن وإلى الكراهية واستفحال الفساد وفقدان الثقة في العمل السياسي، وهذا يعد أمراً خطيراً لا علاج له إلا بالصدق".

وبعد أن أشار إلى أن الكفاءة والبرامج شيء مهم، استدرك قائلا: "من دون صدق، تبقى الكفاءة والبرامج كالجسد بدون روح؛ والمغاربة يبحثون ويريدون الصدق". وزاد قائلاً: "الصدق، اليوم، وأقول كلامي هذا وأنا مرتاح البال، من أبرز جهاته حزب العدالة والتنمية. صفة الصدق في هذا الحزب مبدأ وليست برغماتية. الصدق ليس شيئاً يحاول ويكابد، بل من طبيعة وأخلاق مناضلي هذا الحزب، لذلك إذا تتبعتم مناضليه من الحملة الانتخابية إلى الوزارة، فصفة الصدق ماثلة في كل المواقف إلا ما كان من سهو أو خطأ، ولا أحد معصوم من الخطأ".

وحظي موضوع منع القباج، بنصيب وافر من خطاب ابن كيران، حيث قال: "وماذا به حماد القباج؟ ماهي مشكلته؟ قالوا عنه إنه سلفي. وماذا بعد؟ هناك من عنده الحق في أن يكون "تلفيا" (به دوخة) والقباج ليس له الحق في أن يكون سلفياً. هو سلفي متنور. منذ عشرين سنة وهو يحاضر، داخل وخارج المغرب، معززاً مكرماً، رجل صادق، يحب بلده وملكه، كما ساهم في حملة التصويت لصالح الدستور. فكيف نتنكر له، هو وأمثاله ممن يجعلون من التيار السلفي تياراً إيجابياً مشاركاً في المجتمع، يقف في وجه الإرهاب والتطرف والتشدد؟".

وتحدث ابن كيران عن أمور تتعلق بترشيح القباج، فقال: "نحن من استدعيناه، ولم يطلب أن يكون نائباً برلمانيا. المصطفى الرميد (وزير العدل والحريات) هو من اقترح اسمه، وقد استقبلته في بيتي، فناقشته ووجدته رجلاً محترماً ولديه أفكار نيرة، وأنه سيمثل إضافة تحت قبة البرلمان".

وخاطب ابن كيران القباج قائلا: "لا عليك. إذا لم يتيسر هذا الأمر هذه المرة، ستصير برلمانياً في المرة القادمة. لو لم نصبر، نحن، ما كنا، اليوم، في البرلمان أو في رئاسة الحكومة". وزاد قائلاً: "نحن إذا ظلمنا قومنا لا نرد الظلم بالظلم. نحن نحب ديننا وبلدنا وملكنا، وإذا اقتضى الأمر نضحي".

وشدد ابن كيران على أنه بحديثه عن القباج، يخاطب "الإخوان السلفيين"، حتى "يزيدوا في الاعتدال والاندماج في المجتمع، ويبتعدوا عن أي فكر متشدد، وأن يكونوا حاجزاً أمام أي فكر متشدد، وأمام الإرهاب والتطرف".