الرباط: كلما اقتربت أزمة مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة في المغرب من الحل، ظهر مستجد يعيدها إلى الوراء، فبعدما أكد رئيس الحكومة المعين، عبد الإله ابن كيران، أن التحالف الحزبي الذي سيقود الحكومة جرى الحسم فيه ، وأنه ينتظر لقاء أخنوش والعنصر للاتفاق على التفاصيل، خرج رئيس التجمع الوطني للأحرار، ببيان &ينتظر أن يعيد المفاوضات إلى الوراء، ويؤجل إعلان تشكيل الحكومة حتى إشعار آخر.

فعكس ما ذهب إليه ابن كيران، من أن الحكومة ستقتصر على أحزاب التحالف السابق، الذي يضم احزاب: العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، قال عزيز أخنوش، امس الجمعة في تصريح مكتوب عممه على وسائل الإعلام، وتلقت &"إيلاف المغرب" نسخة منه "تابعنا باهتمام بلاغ حزب الإتحاد الدستوري بشأن المباحثات، وكذلك نداء حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية ورغبته بلقاء الأطراف السياسية الأخرى"، وأكد أنه بناء على هذه الرغبة "ستلتقي قيادات هذه الأحزاب لتباحث هذه المستجدات ولتبادل الآراء وتعميق النقاش حول مسار تشكيل التحالف الحكومي المقبل"، وهو ما يعني ضمنيا أن تجمع الأحرار ما زال متشبثا بحليفية "الدستوري" و"الاشتراكي"، في تحد جديد لرئيس الحكومة المعين وحزبه الذي يرفض مشاركة الحزبين في التحالف.

ويسود اعتقاد في المغرب ان اخنوش ، من خلال بيانه الجديد، شرب حليب السباع، ويتساءل كثير من المراقبين كيف يسمح حزب له فقط 37 مقعدا نيابيا بفرض مواقفه على الحزب المكلف تشكيل الحكومة (125 مقعدا)، ذلك انه وضع "فيتو" على مشاركة حزب الاستقلال، وتمكن من تحقيق مبتغاه، والآن يريد ان يفرض على رئيس الحكومة المكلف اشراك حزبين آخرين في الحكومة المرتقبة رغم أنفه.

في سياق ذلك، جدد أخنوش دعوته لتشكيل غالبية حكومية قوية، وقال "من هذا المنطلق نجدد دعوتنا لتشكيل أغلبية حكومية قوية تكون عند مستوى تطلعات المغاربة قيادة وشعبا وتحقق الآمال والتطلعات المعقودة عليها إن شاء الله".

وكان حزب الإتحاد الدستوري أصدر أمس الخميس، بيانا وصف فيه المقاربة التي اعتمدها ابن كيران لتشكيل الحكومة الجديدة من الأغلبية السابقة بأنها "تفتقد عناصر العقلانية .. وتتجاهل بعض المستجدات الحزبية، ولا تأخذ في الاعتبار البعد الواقعي للأرقام التي تعتمد عليها".

وأشار بيان الإتحاد الدستوري، الذي نشرته "إيلاف المغرب" في وقت سابق إلى أن المقاربة التي اعتمدها ابن كيران "تدعو بشكل مباشر إلى فك الارتباط بين حزبين سياسيين قررا، قبل بدء مسلسل المشاورات من اجل تشكيل الحكومة، أن يتقاربا وأن يشكلا فريقًا موحدًا في مجلس النواب، وأن يبرما تحالفًا استراتيجيًا، لا يستجيب لظرفية محددة، ولا يصدر عن مناورة سياسية. وقد أخذت الساحة السياسية علمًا بهذا القرار وسجلته جميع الأطراف بما فيها حزب رئيس الحكومة المكلف نفسه".

وأضاف البيان أن "الأجدر أن تحترم هذه الإرادة الحزبية الجادة والمؤسسة لمزيد من الانسجام بين مكونات المشهد السياسي، وتؤخذ بالتالي في الاعتبار"، معتبرًا أن "مقاربة من هذا القبيل إنما تضرب استقلالية الحزبين في اتخاذ قراراتهما بكامل الحرية وفي انسجام مع توجهاتهما ومبادئهما المشتركة وأهدافهما المتقاربة".

وبعد بيان حزب الاتحاد الدستوري المغربي، اصدر &حزب الاتحاد الاشتراكي القوات الشعبية أيضا بيانا في حق رئيس الحكومة المعين، الذي رفض مشاركة الحزبين في الحكومة التي يعتزم &تشكيلها، معتبرا أن منهجية تعامل رئيس الحكومة المكلف مع ملف المشاورات حيّرت الفاعلين والمحللين.

وأضاف الاتحاد الاشتراكي في بيان لمكتبه السياسي، تلقت "إيلاف المغرب" نسخة منه، أن منهجية رئيس الحكومة المعين في تدبير المشاورات "حارٓ الفاعلون السياسيون والإعلاميون والمحللون، في فهمها"، موضحا أنه "تارة يضرب هذا الحزب بالآخر، وتارة يستعمل تكتلا في مواجهة تكتل آخر، بهدف تحويل الأحزاب إلى فزاعات، للمقايضة بها، لخدمة مصالحه الحزبية".

وأكد الحزب الذي يقوده إدريس لشكر، أنه رغم الموقف الإيجابي الذي اتخذه الإتحاد الاشتراكي من تشكيل الحكومة، "الشيء الذي تبلور بوضوح في اللقاء الثاني، بين الأخ إدريس لشكر والسيد عبد الإله ابن كيران ، حيث التزم هذا الأخير بضم حزبنا إلى الأغلبية التي يؤسس لها.. إلا أن هذا الأمر لم يتم، مع حزبنا"، مشددا على أن هذا يؤكد "الاستنتاج الذي استخلصناه، حول غموض منهجية رئيس الحكومة، وعدم وضوح نيته، في كل هذا المسلسل".

يذكر أن مفاوضات تشكيل الحكومة، دخلت النفق المسدود منذ أسابيع طويلة، حيث ما زال رئيس الحكومة المكلف، منذ 10 أكتوبر الماضي يبحث عن جمع الغالبية الحكومية المطلوبة، دون أن يفلح في مهمته، رغم تنازله على مضض لشرط استبعاد الاستقلال من التحالف، وهو المطلب الذي اشترطه اخنوش، على ابن كيران، مقابل مشاركة التجمع الوطني للأحرار في الحكومة، ورغم ذلك يبدو أن أخنوش، ما زال متمسكا بمشاركة حليفيه الاتحادين "الدستوري" و"الاشتراكي" في الحكومة، وهو ما أعلن ابن كيران عن رفضه المطلق له.