برلين: اعتبر الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب في مقابلة مع صحيفتي بيلد الالمانية وتايمز البريطانية نشرت الاحد، أن حلف شمال الاطلسي منظمة "عفا عليها الزمن"، متهماً دولاً اعضاء في الحلف بأنها لا تدفع حصتها في اطار عملية الدفاع المشتركة وبالاتكال على الولايات المتحدة.&

وأوضح ترامب "لقد قلت منذ زمن بعيد إن الأطلسي لديه مشاكل. هو (منظمة) عفا عليها الزمن لأنها أنشئت بالدرجة الاولى منذ سنوات". &أضاف "وبالدرجة الثانية، فإن الدول (الأعضاء في الحلف) لا تدفع ما يتوجب عليها".&وتابع "يجب أن نقوم بحماية هذه الدول لكنّ بلدانًا كثيرة من بينها لا تدفع ما يتوجب عليها وهذا غير عادل بحق الولايات المتحدة الى حد كبير".&

واردف ترامب "ليس هناك سوى 5 بلدان تدفع ما يتوجب عليها، وخمسة ليس عدداً كبيراً". &واشار إلى أن وصفه الأطلسي بأنه منظمة عفا عليها الزمن، مرده إلى أن الحلف "لم يهتم (بموضوع) الارهاب".

لكن ترامب قال لصحيفة بيلد انه إذا تم استثناء كل مكامن الضعف هذه، فإن الأطلسي "يبقى في نظري مهمًا جدًا"، على حد تعبيره. هذه الانتقادات التي وجهها الرئيس الأميركي للأطلسي من شأنها تعزيز مخاوف حلفاء الولايات المتحدة من السياسة التي ستعتمدها واشنطن من الآن فصاعدًا.

وكان ترامب قد أثار في السابق القلق من ان الضمانات الدفاعية التي تقدمها واشنطن لاوروبا منذ نحو 70 عاماً قد لا تستمر عندما قال خلال حملته الانتخابية انه سيفكر مرتين قبل مساعدة حلفاء بلاده في الحلف الاطلسي الذين لا يدفعون كلفة الدفاع عنهم.&وتدعو واشنطن، التي تسهم بنحو 70% من نفقات الدفاع السنوية للدول الاعضاء في الحلف، حلفاءها الى فعل المزيد.&

عرض لروسيا

وأثار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إمكان التوصل الى اتفاق مع موسكو لتقليص الاسلحة النووية في مقابل رفع العقوبات عن روسيا. وقال ترامب في مقابلة مع صحيفة تايمز البريطانية نشرت الاحد، "هناك عقوبات ضد روسيا. لنرَ إذا كان بالإمكان القيام باتفاقيات جيدة مع موسكو. أعتقد أنه يجب تقليص الاسلحة النووية بشكل ملحوظ".&

وأضاف الرئيس المنتخب الذي لا يخفي إعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن "العقوبات سيئة للغاية بالنسبة الى روسيا، لكن أعتقد أنه يمكن التوصل الى شيء ما يكون مفيداً لكثيرين". &في اواخر ديسمبر اكد ترامب انه لا يخشى سباقاً جديداً على التسلح، محذرًا من ان الولايات المتحدة لن تسمح لبلدان اخرى بتعزيز قدراتها النووية من دون أن ترد بالمثل.

اتهام لميركل

كما اعتبر ترامب أن المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ارتكبت "خطأ كارثيًا" بفتح حدود بلادها امام اللاجئين، وذلك في مقابلة اجراها مع صحيفتي تايمز وبيلد الصادرتين الاحد. &وقال ترامب: "اعتقد أنها (ميركل) ارتكبت خطأ كارثيًا يتمثل باستقبال جميع اللاجئين غير الشرعيين وجميع الناس من أينما أتوا".

وأضاف أن ألمانيا "شعرت بوضوح" في الاونة الاخيرة بعواقب سياسة استقبال اللاجئين، في إشارة الى الاعتداء بالشاحنة داخل سوق لعيد الميلاد ببرلين في 19 ديسمبر، والذي تبناه تنظيم الدولة الاسلامية. &

وبذلك، يكون الرئيس الأميركي المنتخب قد أعاد، ولو بشكل جزئي، تكرار الاتهام الذي وجهه اليمين الشعبوي الألماني لميركل. فبعد اعتداء برلين الذي أدى الى مقتل 12 شخصًا، كتب ماركوس بريتزل احد مسؤولي حزب "البديل لالمانيا" اليميني على تويتر "إنهم ضحايا ميركل".

وكانت المستشارة الالمانية قررت في سبتمبر 2015 فتح حدود بلادها امام عشرات الالاف من المهاجرين، بينهم اشخاص فروا من الحرب الاهلية في سوريا، وكانوا يتكدسون على ابواب المانيا التي وصلوها عبر طريق البلقان.&في المحصلة، سجلت ألمانيا عددًا قياسيًا من طالبي اللجوء في عام 2015 بلغ 890 الفًا، فيما بلغ العدد 280 الف طالب لجوء في عام 2016 بعد ان شددت الحكومة الالمانية سياستها في ملف الهجرة. &

واعتبر ترامب ان برلين بدلاً من استضافة اللاجئين، كان يستحسن ان تدفع بشكل أكبر للتوصل الى انشاء مناطق حظر الطيران في سوريا لحماية السكان المحليين من القصف، وقال انه "كان يجب أن تدفع البلدان الخليجية الكلفة (المادية لانشائها) إذ انها تملك المال أكثر من سواها".&واتهم ترامب أيضا ألمانيا بالهيمنة على الاتحاد الاوروبي، معتبرًا أن الاتحاد "هو (...) أداة لألمانيا. ولهذا السبب اعتقد أن بريطانيا كانت محقة بالخروج منه".

لكن على الرغم من كل ذلك، شدد ترامب على أنه يكن "الكثير من الاحترام" لميركل، اذ انها بنظره "(...) واحدة من قادة الحكومات الاكثر اهمية" على حد تعبيره.&وتابع "انا احترمها وأقدرها لكنني لا أعرفها، وبالتالي لا يمكنني أن أقول من سأدعم، في حال دعمت أحدًا" خلال الانتخابات التشريعية الالمانية المرتقبة مبدئيًا في نهاية سبتمبر ". &&

شهدت ميركل مع بداية العام تدهوراً لشعبيتها انعكست في معاقبة حزبها المحافظ، الحزب المسيحي الديموقراطي، في عدد من الاستحقاقات الانتخابية بصعود "البديل لالمانيا". لكنها بدأت منذ عدة اسابيع تستعيد بعضًا من خسائرها في استطلاعات الرأي.

في نوفمبر استغلت المستشارة هذا التحسن لاعلان ترشحها لولاية رابعة على رأس المستشارية في الانتخابات التشريعية التي يرجح تنظيمها في سبتمبر 2017، الامر الذي كرسه مؤتمر حزبها في مطلع& ديسمبر.

شتاينماير: يتناقض مع نفسه
تعقيبا على تصريحات ترامب، أعرب وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير الاثنين عن "قلق" حلف شمال الاطلسي حيال تصريحات الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب الذي اعتبر أن الحلف "تخطاه الزمن".

وقال شتاينماير عقب لقاء مع الامين العام للحلف ينس ستولتنبرغ وقبل اجتماع مع نظرائه الاوروبيين في بروكسل ان الحلف الاطلسي "تلقى بقلق تصريحات الرئيس المنتخب ترامب الذي يرى أن الحلف الأطلسي تخطاه الزمن". وتابع "سنرى ما سيكون تأثير (التصريحات) على السياسة الأميركية" مع تنصيب ترامب رسميا الجمعة.

وشدد شتاينماير على أن هذا الموقف "يتعارض مع ما قاله وزير الدفاع الاميركي (المعيّن) خلال جلسة تثبيته في واشنطن قبل ايام قليلة فقط".&واعتبر وزير الدفاع الأميركي المقبل الجنرال السابق جيمس ماتيس الخميس خلال جلسة في مجلس الشيوخ لتثبيته في منصبه أن الحلف الاطلسي يعد "حيويا" للولايات المتحدة.

وقال وزير الخارجية الألماني إن "تصريحات الرئيس الاميركي المنتخب ستؤثر أو بالأحرى ستحدد" مضمون اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي الـ28 الاثنين في بروكسل، مشيرا إلى أنها "اثارت الدهشة والاضطراب في بروكسل، وليس فقط في بروكسل على ما أعتقد، بل أنا واثق من ذلك".&

إيرولت: الوحدة أفضل رد
اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت الاثنين ان "أفضل رد" من الأوروبيين على تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب حول الاتحاد الاوروبي وخروج بريطانيا من التكتل، يكمن في إظهار "وحدتهم".

وقال آيرولت في بروكسل لدى وصوله لحضور اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الاوروبي إن "افضل رد على مقابلة الرئيس الاميركي هو وحدة الاوروبيين"، معلقا بذلك على تصريحات أدلى بها ترامب لصحيفتي "تايمز" البريطانية و"بيلد" الألمانية واعتبر فيها أن بريطانيا "كانت على حق" بقرارها الخروج من الاتحاد.

وقال آيرولت "إن تصريحات ترامب تستوقفنا، لذلك أنتظر بفارغ الصبر أن يتولى وزير الخارجية الأميركي الذي سيخلف جون كيري، ريكس تيلرسون، مهامه على وجه السرعة حتى ألتقيه ونناقش معا كل النقاط الرئيسة"، ذاكرا من بينها مستقبل العلاقات مع روسيا والمسالة الأوكرانية ومستقبل الاتفاق النووي الأيراني. ورأى أن إدارة "شؤون العالم" تتطلب "المزيد من التنظيمات" و"التشاور" و"التعددية" و"ليس العودة إلى النزعة الوطنية وإلى سعي كل طرف الى مصالحه الخاصة".

نائب ميركل: الثقة سلاحًا
إلى ذلك، صرح نائب المستشارة الألمانية سيغمار غابريال الاثنين أن على أوروبا ابداء "الثقة" في مواجهة الانتقادات الشديدة التي وجهها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي قبل أيام قليلة من تنصيبه الرسمي.

وقال غابريال وهو ايضا وزير الاقتصاد في تصريحات لصحيفة "بيلد" الألمانية "أعتقد أن علينا نحن الأوروبيين ألا نستسلم لاحباط شديد"، مضيفا "لا أقلل من أهمية ما يقوله ترامب، ولا سيما &بشان الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، لكن إبداء القليل من الثقة سيعود علينا بالفائدة في مثل هذا الوضع".

جاءت تعليقات زعيم الاتحاد الاجتماعي الديموقراطي، حليف المحافظين في حكومة أنغيلا ميركل، &ردا على تصريحات أدلى بها ترامب في مقابلتين نشرتا الاثنين في صحيفتي "بيلد" الألمانية و"تايمز" البريطانية، اعتبر فيها ان الحلف الأطلسي "تخطاه الزمن" وأن البريطانيين "كانوا على حق" بقرارهم الخروج من الاتحاد الاوروبي، منددا بسياسة ميركل "الكارثية" على صعيد الهجرة.

ورأى غابريال أن "على اوروبا في المرحلة الحالية حيث ضعفت قوتنا، أن تستدرك الأمر، علينا التصرف بثقة والدفاع عن مصالحها الخاصة". ورد تحديدا على الانتقادات التي وجهها ترامب لاستقبال المانيا أكثر من مليون طالب لجوء فارين بمعظمهم من النزاع في سوريا والعراق، مشددا على أن موجة الهجرة هذه كانت نتيجة السياسة الاميركية في الشرق الأوسط، وخصوصا اجتياح العراق عام 2003.

وقال "ما نواجهه اليوم هو عواقب حرب (العراق) هذه، سياسة التدخل التي تعتمدها الولايات المتحدة منذ 1953 في حوض المتوسط، في الشرق الأوسط، وفي أيران أيضا، والتي نتجت منها حروب الواحدة تلو الأخرى، وصولا إلى تدفق اللاجئين الذي واجهته أوروبا وليس الولايات المتحدة". وقال إنه يتفق على هذا الصعيد مع ترامب الذي اعتبر في المقابلتين أن الاجتياح الأميركي للعراق في عهد الرئيس جورج بوش كان أسوأ قرار اتخذته الولايات المتحدة في تاريخها.

لكنه أعرب عن خشيته من أن "تملأ روسيا الفراغ" في حال انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، مؤكدا أن ذلك "لا يمكن أن يكون لمصلحة الأوروبيين". ودعا أخيرا الى انتظار ما سينتج من أي تقارب محتمل بين واشنطن وموسكو.

وقال "نرى جميعا ببعض القلق أن ترامب و(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين يتفقان في جميع المسائل السيئة. لكن علينا الإقرار من جهة أخرى بأن تراجع حدة المواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا سيكون أمرا حكيما".