تلقي رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الثلاثاء خطابًا تعرض فيه استراتيجيتها للمفاوضات المرتقبة مع الاتحاد الأوروبي بغية خروج بلادها منه، ويتوقع أن تكشف فيه عن رغبتها في قطيعة كاملة مع التكتل.

إيلاف - متابعة: يفترض أن تعطي ماي في خطابها إشارات جديدة إلى أن بلادها تتجه نحو ما يطلق عليه محللون تسمية بريكسيت "متشدد" أو بريكسيت "واضح وصريح"، رغم المخاوف من آثاره الاقتصادية، بعدما سرت تكهنات عن عملية انفصال "رمادية" أو "لينة".

وبحسب مقتطفات من خطابها وزّعتها رئاسة الحكومة مسبقًا على الصحافة، ستعلن ماي "شراكة جديدة منصفة (...) وليس وضع عضو جزئي أو شريك للاتحاد الأوروبي يضعنا في منزلة ما بين داخل الاتحاد وخارجه".

مستقلة ومنفتحة
وستشدد رئيسة الحكومة المحافظة على بناء مملكة متحدة "منفتحة على العالم" توقع اتفاقاتها التجارية الخاصة مع دول من الكومنولث والدول الآسيوية الكبرى والولايات المتحدة.

تلقي ماي خطابها، الذي ينتظر أن تتطرق خلاله إلى جميع تفاصيل استراتيجيتها بشأن بريكسيت، قبل ظهر الثلاثاء في قصر "لانكاستر هاوس" في وسط لندن. 

وبعد حوالى سبعة أشهر على تصويت البريطانيين التاريخي لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي، لم يعرف عن نوايا رئيسة الوزراء سوى صيغة غامضة أعلنتها حين قالت "ماذا يعني بريكسيت؟، حسنًا، بريكسيت يعني بريكسيت"، من غير أن توضح شروط الانسحاب المزمع.

المؤشر الوحيد الواضح حتى الآن هو تعهدها بالشروع في آلية الطلاق بحلول نهاية مارس، لتبدأ عندها سنتان من المفاوضات مع بروكسل بحسب المادة 50 من معاهدة لشبونة.

ضربة للإسترليني
قد تعلن ماي انسحاب بلادها قريبًا من السوق الموحدة والوحدة الجمركية الأوروبية ومحكمة العدل الأوروبية، بهدف استعادة السيطرة على ملف الهجرة، الذي يندرج في طليعة أولويات لندن، ولو أن ذلك يهدد بالانعكاس سلبًا على الجنيه الإسترليني.

في تعاملات الاثنين، انخفض الجنيه الإسترليني إلى 1.1986 دولار ليسجل أدنى معدل له منذ "انهياره" في أكتوبر إلى 1.1841 دولار في أدنى مستوى له منذ 31 عامًا. إلا أنه عاد وعوّض القسم الأكبر من خسائره لاحقًا خلال النهار ليسجل 1.2047 دولار.

وكانت ماي أعلنت في وقت سابق أنها ترغب في الحدّ من الهجرة من الاتحاد الأوروبي والإبقاء على "أفضل وصول ممكن" للشركات البريطانية إلى السوق الاوروبية الموحدة. 

ضمان التنافسية
إلا أن قادة في الاتحاد الأوروبي اعتبروا أن هذين الأمرين متناقضان، وأن الدخول إلى السوق لا يمكن ضمانه إلا في حال قبول قوانين الاتحاد الأوروبي بشأن حرية الحركة. 

وفي مقابلة مع صحيفة "فيلت إم سونتاغ" الألمانية الأحد، ألمح وزير المالية البريطاني فيليب هاموند إلى أن لندن مستعدة لخفض الضرائب على الشركات بشكل كبير لضمان تنافسية الشركات الموجودة في بريطانيا في مواجهة رسوم جمركية من الاتحاد الأوروبي. 

ورأى أنه "إذا لم تتمكن (بريطانيا) من دخول السوق الأوروبية" فإن ذلك سيرتب أضرارًا اقتصادية قريبة الأمد، ولكن سيتعيّن على بريطانيا تغيير نموذجها "للحفاظ على التنافسية". 

ترحيب أميركي
وطرحت ماي خلال الأسابيع الماضية إمكانية إبرام اتفاق انتقالي مع بروكسل لتسهيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو اقتراح يدعمه حاكم البنك المركزي البريطاني مارك كارني.

وأثنى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فاعتبر في مقابلات صحافية الأحد أن بريكسيت "أمر عظيم"، معلنًا عزمه إبرام اتفاق تجاري مع بريطانيا "سريعًا".

لكن اتفاقًا كهذا يصعب تحقيقه سريعًا على أرض الواقع، إذ لا يسمح لبريطانيا بتوقيع اتفاقات تجارية مع طرف دولي ثالث قبل أن تخرج رسميًا من الاتحاد الأوروبي. 

حتى إن لقيت خطة ماي التي ستكشفها الثلاثاء ترحيبًا واسعًا، فإن العقبات القانونية قد تعرقل أجندتها للخروج من الاتحاد. وستبتّ المحكمة العليا لاحقًا هذا الأسبوع في ما إذا كان يتحتم على ماي أن تحصل على موافقة البرلمان قبل تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة للشروع في مفاوضات بريكسيت مع الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يؤخّر البدء بالآلية.