قررت السلطة الإعلامية العراقية إعادة تشكيل وكالة الانباء العراقية الرسمية، بعد أن ألغاها الحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر قبل 14 عامًا، حيث رحبت أوساط إعلامية بالقرار وسط مخاوف من سيطرة رسمية أو حزبية على الوكالة، وما ستبثه من معلومات وأخبار.

إيلاف من لندن: قررت هيئة أمناء شبكة الإعلام العراقي إعادة العمل بوكالة الانباء العراقية (واع)، التي كانت قد تأسست عام 1959 بعد ان كان الحاكم المدني الأميركي للعراق قد ألغاها ضمن قراره المتخذ في مايو عام 2003 بإلغاء وزارة الإعلام بعد اسابيع من الاحتلال الأميركي. ومنذ الغائها، فقد ظهرت عبر شبكات الانترنت عدة وكالات لصحافيين وإعلاميين اطلقوا على وكالاتهم اسم "وكالة الانباء العراقية" بالرغم من انها ظلت وكالات خاصة بأصحابها.&

سد الحاجة لوكالة وطنية رسمية

وفي قرار لمجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي موقع من قبل رئيسها مجاهد أبو الهيل، فقد تم التأكيد على ضرورة "سد الحاجة لوجود وكالة وطنية رسمية معتمدة تؤمن وصول الخبر والمعلومة من مصادرها الرسمية إلى المواطن، اضافة إلى تقديم الخدمات الإعلامية لوكالات الانباء المحلية والدولية من مصادرها الرسمية".

&ووضع القرار الذي حصلت "إيلاف" على نصه خارطة طريق لاهداف ومهمات الوكالة، حيث أشار إلى أنّه يأتي من اجل "سد الحاجة إلى وجود وكالة رسمية وطنية معتمدة تؤمن وصول المعلومة والخبر من مصادرها الرسمية إلى المواطنين، بالاضافة إلى تقديم الخدمات الإعلامية لوكالات الانباء المحلية والدولية من مصادرها الرسمية".

&

محسن حسين أحد مؤسسي وكالة الانباء العراقية السابقة

&

وأشار إلى أنّه "لاهمية وكالة الانباء العراقية وعمرها الطويل في مجال الإعلام الرسمي، ولكون شبكة الإعلام العراقي ممولة من المال العام وتمثل إعلام الدولة، لذلك كان الخيار هو تفعيل (واع) وإعادة العمل بها من خلال عدة اجراءات، منها مفاتحة الرئاسات الثلاث للجمهورية والبرلمان والحكومة، ومؤسسات الدولة كافة لاعتماد (واع) ناقلاً وطنيًا وحيدًا وحصريًا للاخبار والمعلومات من خلال تعميم ذلك على الادارات والتشكيلات التابعة لها وحصر التصريحات الرسمية كافة للمتحدثين الرسميين للمؤسسات التابعة للدولة بوكالة الانباء العراقية".

وأشار القرار إلى إلغاء مديرية المواقع الالكترونية والتطبيقات الالكترونية التابعة للشبكة، ودمجها مع (واع)، وربط جميع المراسلين العاملين في الشبكة بواع وتزويدها بالاخبار الاولى وتخصيص معتمدين ومراسلين للوكالة لتزويدها بالاخبار والانشطة المحلية والدولية".

وأشار القرار إلى أنّه "سيتم فتح اشتراكات رسمية شبه مجانية للوكالات المحلية ويكون رئيس مجلس الامناء أو من يخوله من اعضاء المجلس مشرفًا على الوكالة وادائها". وتأسست وكالة الانباء العراقية بطلب من رئيس الوزراء الراحل عبد الكريم قاسم عام 1959 وأذاعت أول نشرة لها يوم 9 نوفمبر من العام نفسه.

ترحيب وسط شكوك

وردًا على سؤال لـ"إيلاف" حول ما اذا كان هذا القرار يعني سيطرة حكومية على تدفق الاخبار، فقد رحب بتحفظ احد مؤسسي وكالة الانباء العراقية عام 1959 شيخ الصحافيين العراقيين محسن حسين بقرار اعادة العمل بوكالة الانبار العراقية.

وقال حسين في اتصال هاتفي من مقر اقامته الحالي في دبي اليوم إن وكالة الانباء تختلف عن الصحف التي تبدي موقفاً أو رأيًا من الاخبار التي تنشرها، لأنها تبثها مجردة وكما حصل الحدث. وأشار إلى أنّه اذا نجحت الوكالة العراقية الجديدة بنقل الخبر بدون انحياز او سيطرة من قبل جهة رسمية أو حزبية، فإنها تكون قد قدمت خدمة اخبارية لا غبار عليها.&

واضاف أن المشكلة في الاخبار الرسمية انها تحجب بعض المعلومات احيانًا وتمرر غيرها لصالح المؤسسة الرسمية في احيان أخرى.. لكنه اوضح انه في مقابل تمويل احزاب أو شركات لوكالات من اجل الترويج لاخبارها وتوجهاتها فتتلاعب بالاخبار، فإن الوكالة المملوكة للدولة فيها امل بتجاوز ذلك اذا كانت هناك رغبة صادقة وتصميم على تجاوز تلك السلبيات.

وحول ما اذا كان الصحافي حميد قاسم المسؤول عن وكالة السومرية العراقية، والمعين لإدارة وكالة الانباء العراقية المنتظرة، قادرًا على جعل (واع) وكالة مستقلة حقيقية تتبع الدولة وليس الحكومة واحزابها، أشار محسن حسين إلى أنّه يأمل أن يستطيع قاسم تبديد المخاوف من ذلك، فهو صحافي متمرس وشاب جريء ويشارك في التظاهرات الشعبية بساحة التحرير وسط بغداد للمطالبة بالاصلاح وبالدولة المدنية.&

بعيدًا عن الصراعات الطائفية والتدخلات المليشياوية

ومن جهته، قال الصحافي سيف الدين الدوري، معاون المدير العام لوكالة الانباء العراقية الملغاة، والذي عمل فيها بين عامي 1962 و1992، في حديث مع "إيلاف" الجمعة، إن من الشروط الموضوعية التي تجعل وكالة الانباء تعمل بكل حرية هو ابعادها عن الصراعات الطائفية والمناطقية التي يتصف بها المشهد العراقي حاليًا.. وتساءل عما اذا ستكون ادارة الوكالة قادرة على ابعاد تأثيرات هذه الاتجاهات عن أدائها الاخباري.

واشار الدوري الذي أرّخ لمسيرة الوكالة ونشاطها المحلي والخارجي إلى أن الحرية هي التي تخلق الصحافي والحرية الكبيرة تخلق الصحافي الكبير، وبعكسه فستكون الوكالة المفترضة مجرد اداة للتعبير عن فئة معينة او طائفة معينة ووجهة نظر واحدة.&

وقال: "اطلعت على ما يجري من توجه لإعادة وكالة الانباء العراقية للعمل مرة أخرى لتكون وكالة رسمية، وعلى آراء المؤيدين والمتحفظين على عودتها في ظروف العراق الحالية، وأنا منهم ولهم ولي الاسباب والمبررات لذلك، فإذا كانت الوكالة رسمية وتابعة للحكومة العراقية، فإن عليها توفير حماية العاملين فيها، لان جميع الحكومات التي اعقبت احتلال العراق وحتى الحكومة الحالية لم تكن قادرة على توفير الأمن لوسائل الإعلام والعاملين فيها، والذين سقط منهم حتى الان".

وشدد على أن "من اولويات عمل وكالة الانباء العراقية هو توفير الأمن للعاملين فيها بعيدًا عن تدخلات المليشيات المسلحة ليس بعملها فحسب، وانما بأداء العاملين فيها ايضًا، وهذا الشرط وانا واثق مما اقول، فإن الحكومة الحالية غير قادرة على توفير ذلك".&
&
حل وزارة الإعلام وبضمنها وكالة الانباء العراقية

وكان الحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر قد أصدر في 23 مايو عام 2003 بعد ستة اسابيع من اسقاط النظام العراقي السابق قرارًا ألغى فيه عدة وزارات ومؤسسات عراقية معلنًا بأنها غير شرعية.&

والوزارات والمؤسسات التي تم حلها هي الحرس الجمهوري ووزارتا الدفاع والإعلام (بضمنها وكالة الانباء العراقية) واللجنة الأولمبية والمحاكم العسكرية والأمنية.

وجاءت هذه الخطوة بعد أسبوع من قيام بريمر بإعلان حل حزب البعث العربي الاشتراكي، وفرض حظر على أعضائه يمنعهم من العمل في القطاع العام.

&

&