بانجول: اعلن يحيى جامع للتلفزيون الحكومي السبت انه سيتخلى عن السلطة، وذلك بعدما صرح الرئيسان الموريتاني والغيني من قبل انهما حصلا على موافقته المبدئية على ان يغادر غامبيا.

وتواصلت المفاوضات حول شروط رحيل جامع، مما ادى بحكم الامر الواقع الى تمديد تعليق العملية العسكرية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا من اجل اجباره على مغادرة منصبه.

وتشهد غامبيا البلد الصغير الناطق باللغة الانكليزية، وتحده السنغال من ثلاث جهات باستثناء شريط حدودي صغير يشكل وجهة مفضلة للسياح، ازمة منذ ان اعلن يحيى جامع في التاسع من ديسمبر رفضه تسليم السلطة الى اداما بارو الفائز في الانتخابات الرئاسية التي جرت في الاول من ديسمبر. ويشكك جامع في نتائج هذا الاقتراع.

وبعد محاولات عديدة لاقناعه، توجه الرئيسان الغيني الفا كوندي والموريتاني محمد ولد عبد العزيز الى بانجول الجمعة في وساطة اخيرة. وقال مصدر موريتاني قريب من الملف لوكالة فرانس برس مساء الجمعة "على ما يبدو تمت تسوية المشكلة. وافق جامع على ترك السلطة. المفاوضات تدور حول (...) منفاه والشروط التي يجب أن ترافق ذلك".

وساطة 
وكان مصدر غيني قريب من الملف قال "يجب ان نجد بلدا بعيدا عن غامبيا لمنع يحيى جامع من التدخل في العملية الديموقراطية الجارية". واضاف "لكن يجب ان نبقى حذرين حتى يوم غد" السبت. واجرى الرئيسان اللذان يقومان بالوساطة ويحيى جامع محادثات قبل وبعد صلاة الجمعة التي ادوها معا.

وليل الجمعة السبت ظهر جامع على التلفزيون الحكومي الغامبي. وقال "قررت اليوم بما يمليه علي ضميري، أن أترك قيادة هذه الأمة العظيمة، مع امتناني الفائق لجميع الغامبيين". واكد جامع انه اتخذ بنفسه قرار مغادرته السلطة بعد ازمة استمرت اسابيع، على الرغم من الضغوط القوية التي مارسها قادة دول غرب افريقيا لدفعه الى الانسحاب وحملة عسكرية لهذه المجموعة داخل الاراضي الغامبية.

وقال "لم يمل علي احد قراري الذي اتخذته اليوم من اجل مصلحتكم العليا، انتم الشعب الغامبي وبلدنا العزيز". وخلافا لموريتانيا وهي جمهورية اسلامية على غرار غامبيا - منذ اعلان جامع فجأة ذلك في 2015 -، تنتمي غينيا الى مجموعة غرب افريقيا التي ارسل عدد من بلدانها قوات الخميس الى الاراضي الغامبية لاجبار جامع على الرحيل.

اطلق على هذه العملية اسم "اعادة الديموقراطية". وقد بدأت بعدما ادى بارو القسم في العاصمة السنغالية دكار التي تستضيفه منذ 15 يناير بطلب من دول غرب افريقيا.

رفع الانذار بحكم الامر الواقع
علقت العملية العسكرية ليتاح التقدم ب"الوساطة الاخيرة" التي يقوم بها الرئيسان الغيني والموريتاني. وكانت مجموعة دول غرب افريقيا حددت ظهر الجمعة (بالتوقيت المحلي وتوقيت غرينتش) موعدا لانذار.

وقال الناطق باسم الجيش السنغالي الكولونيل عبدول ندياي ان "مجموعة غرب افريقيا هي التي يعود اليها امر اتخاذ قرار" حول استئناف محتمل للعمليات العسكرية. وذكر مصدر دبلوماسي ان قوات دول غرب افريقيا ستبقى في المكان حتى رحيل يحيى جامع.

وهي المرة الثانية التي يزور فيها الرئيس الموريتاني بانجول لمحاولة تسوية الازمة. وقال قبل ان يغادر نواكشوط انه خلال الزيارة السابقة "وافق الرئيس جامع على التخلي عن السلطة لمصلحة بلده والشعب الغامبي، وتسارعت الامور بعد ذلك".

وقالت مصادر دبلوماسية ان المبعوث الخاص للامم المتحدة لغرب افريقيا محمد ابن شمباس موجود ايضا في بانجول لدعم جهود الوساطة.

المنفى
حول عرض مغادرته البلاد، قالت مصادر سياسية انه عرض عليه اللجوء الى غينيا او المغرب. كما تذكر موريتانيا وقطر وغينيا الاستوائية بين دول الاستقبال الممكنة.

وكان يحيى جامع، الذي لا يمكن التكهن بمواقفه، ويتهمه عدد كبير من المنظمات الدولية غير الحكومية بانتهاكات حقوق الانسان، وصل الى الحكم في 1994 على اثر انقلاب من دون اراقة الدماء، ويحكم البلاد منذ ذلك الحين بقبضة من حديد.

وعلى رغم الضغوط الدولية، وتخلي نائبته وعدد من وزرائه عنه، اصر على التمسك بكرسي الرئاسة ما لم يبت القضاء بالشكاوى الانتخالية. وقد دفع خطر الاضطرابات او التدخل العسكري عددا كبيرا من الغامبيين والمقيمين الاجانب والسياح على مغادرة البلاد. وتقول وكالات الامم المتحدة ان حوالى 45 الف شخص نصفهم من الاطفال غادروا البلاد منذ بداية الازمة.