تناولت ثلاث صحف بريطانية كبيرة ثلاثة موضوعات مهمة متعلقة بترامب ومواقفه وما يحمله المستقبل من مخاطر في ولايته، وبينما وجّهت إليه انتقادات في مجالات حقوق الإنسان وعنصريته ومواقفه من النساء، دافع عنه في المقابل دبلوماسي أميركي سابق معروف بالقول إنه "ليس انعزاليًا".&

إيلاف: تناولت صحف "الغارديان وفايننشال تايمز والتايمز" في مقالات وتحليلات بعض المواقف المهمة التي تنذر بتهديدات للعالم مع بدء ولاية الرئيس الأميركي الجديد، ونقل موقع "بي بي سي" العربي، اليوم الإثنين، المحطات المهمة لما أوردته هذه الصحف الثلاث.

وقال تحليل لصحيفة "الغارديان" إن وصول ترامب إلى البيت الأبيض ليس فقط تهديدًا للتحالفات الدولية والتجارة العالمية، وإنما "يحمل مخاطر تسونامي سيأتي على حركات حقوق الإنسان من أساسها".

تناول التحليل، الذي كتبته ناتالي نوغيريد، تأثير تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة على حقوق الإنسان والحريات المدنية في العالم.&

وقالت الكاتبة: "إن الديمقراطيات الغربية، ليست وحدها التي اهتزت لتنصيب "متعصب استهدف النساء ومجموعات دينية وعرقية بعينها، وقال إنه قد يلجأ إلى التعذيب"، بل إن الخاسر في القضية هو كل معارض مسجون أو صحافي يتعرّض للقمع أو كاتب يتعرّض للرقابة أو أقلية مهمشة، لأن الدفاع عنهم من خلال قنوات حقوق الإنسان الدولية سيكون أكثر صعوبة".

انقراض حقوق الإنسان
تضيف الكاتبة إن الولايات المتحدة لم تكن دائمًا مدافعًا حقيقيًا عن حقوق الإنسان، فسجلها وسجل الدول الغربية كلها ليس ناصعًا في هذا المجال، بداية من قضايا التعذيب على يد "سي آي إيه" وتسليم المشتبه فيهم في تفجيرات 11 سبتمبر، وفتح معتقل غوانتانامو، وما يجري في أوروبا تحت غطاء مكافحة الإرهاب والتعامل مع اللاجئين.

وترى الكاتبة أن تولي ترامب الحكم "يضعنا أمام أمرين: أولهما أن عبارة "حقوق الإنسان" نفسها معرّضة للانقراض من التعاملات الرسمية، والأمر الثاني هو أننا نشهد صعود "مستبدين" إلى الحكم، ليس عن طريق الانقلابات والتسلط، وإنما عن طريق الانتخابات الديمقراطية، "فالمستبدون والشعبويون أصبحوا يحكمون في أوروبا والهند وتركيا والولايات المتحدة، لأن الشعب انتخبهم باختياره".

يخلص التحليل إلى القول إن الولايات المتحدة تبقى هي القوة العظمى الوحيدة، ولها دور تاريخي في صياغة مبادئ الأمم المتحدة، ولهذا فإن "تولي عنصري وديماغوجي ومشروع دكتاتور الحكم في البيت الأبيض يعد أكبر خطر على كل شيء تم إنجازه في مجال حقوق الإنسان على المستوى الدولي منذ الأربعينات".

مسيرات النساء
من جهتها، تناولت صحيفة "فايننشال تايمز" مسيرات النساء التي خرجت احتجاجًا على تولي دونالد ترامب الرئاسة. وتقول: "خرجت في مسيرة في نيويورك مع مئات الآلاف، سادتها روح التضامن، وكانت الشعارات قوية وطريفة".

يذكر أن المسيرات شهدتها مدن في 60 دولة عبر جميع قارات العالم. وقالت الكاتبة آن ماري سلوتر إن هذه المسيرات لم تكن مبرمجة بهذه الطريقة، ولكن تضامن النساء عبر العالم يعد اعتراضًا واضحًا وصريحًا على ما جاء في خطاب الرئيس دونالد ترامب.

قطع لحم
وترى أن العديد من المسيرات كانت ضد ترامب، الذي يتحدث عن النساء كأنهن قطع لحم، وكيف ينظر إليهن ويتحرّش بهن، بينما سار آخرون من أجل أملهم في رؤية هيلاري كلينتون تؤدي اليمين، باعتبارها أول امرأة تتولى رئاسة الولايات المتحدة، وسار آخرون من أجل التأكيد على أهمية حقوق النساء، وخرجت مسيرات أخرى من أجل حماية الديمقراطية الأميركية نفسها.

تختم آن ماري مقالها: "الطريقة التي يتحدث بها ترامب وأنصاره عن النساء تحطم صفتنا كأفراد مستقلين متساوين مع غيرنا في العالم. فقد أبعد عن حكومته النساء إلى وزارات، مثل التربية والمواصلات والأمم المتحدة، بينما اختار الرجال لإدارة المال والسلاح. فهو يتحدث عن مأساة شريحة العمال البيض، ولكنه ينسى نساءهم وبناتهم وأخواتهم".

ليس انعزاليًا
إلى ذلك، نشرت صحيفة "التايمز" مقالًا لسفير الولايات المتحدة السابق في الأمم المتحدة، جون بولتون، يدافع فيه عن دونالد ترامب وينفي عنه الانعزالية التي اتهم بها في وسائل الإعلام، وعلى لسان منتقديه. يقول بولتون "ربما يعطي دونالد ترامب الأولوية لأميركا، ولكنه يؤمن بالتحالفات القديمة وبضرورة تعزيزها".

يضيف الدبلوماسي السابق أن خطاب التنصيب الذي ألقاه ترامب يدعو إلى تجديد العلاقة المتميزة بين بريطانيا والولايات المتحدة، مشيرًا إلى التراجع عن "التصريح المشين" الذي أراد به باراك أوباما أن يدفع ببريطانيا إلى "آخر الطابور" في المفاوضات التجارية بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.

وذكر بولتون أن ترامب أعاد، بعد ساعات من أداء اليمين، تمثال وينستون تشرتشل إلى مكتب الرئيس في البيت الأبيض، كما إنه سيستقبل تيريزا ماي في أقرب وقت.

أولويات الدول&
يرى بولتون أن خطاب ترامب موجّه أساسا إلى الناخب الأميركي، ولكنه يناسب تمامًا أنصار الخروج من الاتحاد الأوروبي في بريطانيا، عندما يقول إنه من حق جميع الأمم أن تضع مصلحتها على رأس أولوياتها، وهو ما تفعله جميع الدول في العالم، حسب السفير الأميركي السابق، "لكنّ الولايات المتحدة وبريطانيا ودولاً قليلة أخرى هي التي يعاب عليها ذلك".

وفي الأخير، يقول بولتون إن ترامب ليس معجبًا بالاتحاد الأوروبي مثل أوباما أو مثل رؤساء جمهوريين سابقين، ولكنه محق في ذلك، لأن "الاتحاد الأوروبي فشل في كثير من الجبهات، لأنه أصبح مشروعًا سياسيًا غير واقعي، يهدف إلى إفراغ مفهوم الدولة من محتواه، بدلًا من أن يكون تجمعًا اقتصاديًا، ويعتبر فوز ترامب إنذارًا للنخبة الأوروبية المفصولة عن الواقع"، على حد تعبيره.