«إيلاف» من بيروت:&استحدثت الحكومة اللبنانية الجديدة حقائب وزارية اثار البعض منها الكثير من الجدل، من هذه الحقائب وزارة الدولة لشؤون المرأة التي هي الاولى من نوعها في تاريخ الجمهورية اللبنانية، والتي ما ان أعلن ان رجلا سيكون على رأسها وهو الوزير الارمني جان اوغاسابيان حتى قامت قيامة العديد من الجمعيات النسائية اللبنانية، والناشطات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، فبرأي هؤلاء ان امرأة كان يجب ان تتبوأ هذه الحقيبة.

يرى الوزير اوغاسابيان أن أصحاب ردات الفعل هذه هم ذوو أفق محدود، وكان عليهم ان يرفعوا الصوت حول انعدام تواجد المرأة في مواقع المسؤولية الكبيرة في الحكومة، ودورها في صنع السياسات العامة والخيارات السياسية الكبرى في لبنان.

«إيلاف» التقت وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان، وكان معه هذا الحوار :&

كان هناك الكتير من التعليقات والانتقادات لحظة تسلمك حقيبة وزارة الدولة لشؤون المرأة، بمعزل عما كان ردك في حينه، الا تعتقد انه في مكان ما، خطوة تنصيب رجل على رأس وزارة من هذا النوع هي خطوة غير موفقة ؟

في الحقيقة هذه مسألة مرتبطة بعقلية وثقافة الناس فنحن تعودنا في لبنان منذ سنين عديدة، أن شأن المرأة أو مسألة المساواة والحقوق او الوجود المجتمعي للمرأة هو شأن نسائي، والنساء في لبنان لديهن نضالات كبيرة ولقد حققوا انجازات كبيرة وهن مشكورات على كل ما قمن به، ولكن انا رأيي الشخصي ان مسألة المرأة هي مسألة تعني وتخص المجتمع كله، لأنها جزء من المجتمع، ويتحمل الرجل مسؤولية في الحفاظ على المساواة بينه وبينها، وان يكون له دور ايجابي وفعال ولديه القدرة والامكانية على تغيير الذهنية الموجودة في البلد من مجتمع ذكوري الى مجتمع الانسان، وهنا أرى ان الخيار الذي اتخذ من قبل الرئيس الحريري بالتوافق مع رئيس الجمهورية هو لإشعار الرجل انه هو أيضا مسؤول عن الرجال والنساء على السواء، وكذلك يفترض بالنساء ايضا ان يكنّ مسؤولات عن النساء والرجال . اذا هي مسألة تعني المجتمع ككل، وعملية وصول المرأة لتحقيق نفسها وان تظهر للبنانيين جميعا انها لديها القدرات، هي عملية تتساوى فيها المسؤوليات بين الرجل والمرأة، وانا أعتبر ان المرأة اللبنانية هي طاقة علمية وفكرية ولديها المستوى الاكاديمي وهي حققت نفسها في قطاعات عديدة، لا بل في بعض القطاعات سبقت الرجل، فمثلا في المحاماة والقضاء والطبابة والهندسة وفي مجال المعلوماتية وهناك نساء ايضا في قطاع المصارف هن رائدات، اذا، لماذا هذه المرأة التي لديها كل هذه النجاحات والقدرات وهذه الطاقة وهذا الفكر لا يراد لها ان تكون موجودة في القطاع العام والمواقع القيادية . لذا يجب على الدولة اللبنانية ان تستثمر هذه الطاقات الموجودة لدى النساء، هذه هي المعادلة، وهذا الامر ليس محصورا بالمرأة، بل هو مسؤولية المجتمع ككل امرأة ورجل، وبالتالي انا اعتبر انه على الرجل ان يأخذ على عاتقه هذه القضية لأنها ليست قضية نسائية صرفة .

هل هذا نوع جديد من التطلع؟

نعم هذا نوع جديد، ولقد تفاجأت بردة الفعل تجاه توزير رجل لشؤون المرأة، وكنت اتمنى أن تنبثق ردات الفعل على عدد النساء في الحكومة وعلى المواقع الأساسية، ويوجد وزارات سيادية في الدولة، فلماذا لا تكون وزيرة الدفاع امرأة مثلا، أو وزيرة داخلية أو وزيرة عدل، لماذا أتت بعض الجمعيات النسائية لتنقد هذه الحقيبة الوزارية،& وهذا يدل على وجود أفق محدود لأن ردة الفعل يجب أن تكون على انعدام وجود النساء في الوزارات المهمة والكبيرة، فأنا لا أريد للمرأة أن تفكر في شؤونها فقط، بل أريد أن يكون لها دور في السياسة العامة في البلد، وفي استراتيجيته والخيارات السياسية الكبرى له.

لم يسبق لنا ورأينا حقيبة من هذا النوع في تاريخ الجمهورية اللبنانية، فهل من الممكن أن تصف لنا بالتحديد مهام هذه الوزارة، وهل ستعنى بجميع القضايا والملفات الخاصة بالمرأة بشكل مطلق ؟

طبعا بشكل مطلق، نحن لدينا النصوص القانونية التي كان يتم العمل عليها على صعيد المجلس النيابي في لجنتي حقوق المرأة وحقوق الانسان من ضمن اقتراحات قوانين، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا لا تكون هذه النصوص في مشاريع قوانين، وبالتالي هذه الاسهامات الموجودة في مجلس النواب تصبح في مجلس الوزراء، فثمة اقتراحات يمكن ان لا توافق عليها الحكومة، بينما اذا صدرت كمشروع قانون عنها، تكون ملزمة بها وقد تم درسها من كل الجوانب القانونية والمالية والادارية. بالاضافة الى القوانين، هناك موضوع صورة المرأة اللبنانية، وهذه يجب العمل عليها ان كان داخل المجتمع اللبناني كي نغير قليلا من ذهنيات الناس، وكذلك صورة المرأة اللبنانية في الخارج، فنحن يهمنا ان نعطي الصورة الجميلة عنها وعن المؤسسات الرسمية والحكومة اللبنانية التي انشأت وزارة للمرأة، وبالتالي هناك تطور في هذا المجال، والبرهان على ذلك انني كنت قد استلمت احدى الوزارات منذ خمسة عشر عاما وهي على علاقة بالمفاوضات اللبنانية السورية، فلم يتحدث معي أحد من الاعلام الغربي،& اما الآن فمؤسسات اعلامية مثل الواشنطن بوست والاندبندت نراها مهتمة ان تكتب مقالات عن هذه الوزارة، وهذا يعني ان هناك تطورا ايجابيا لجهة اننا وضعنا هذه المسألة على مستوى المنابر الدولية الكبيرة . والايجابية الاكبر في هذا الامر ان هذه الجهات الدولية هي في غالبيتها جهات مانحة وهي اصبحت تعرف ان الدولة اللبنانية والجهات الرسمية في لبنان تعنى بشأن المرأة، وبالتالي هناك الكثير من الهبات والمشاريع المخصصة لتقوية المرأة التي لا تأتي الى لبنان بل تذهب الى دول عربية ثانية، الآن بدأ التفكير في استقدامها الى لبنان، ولقد استقبلت وفدا من الاسكوا ومن بعض الادارات داخل الامم المتحدة، وأكدوا وجود مشاريع وطالبوا بالتعاون للعمل على تطبيقها.

كيف ستتعاملون كوزارة مع مسألة الكوتا النسائية في البرلمان، ومسائل أخرى مثل تعنيف المرأة؟

الكوتا النسائية يجب العمل عليها فورا، فهذه ضرورة وواجب، ونحن سائرون بها، اما بخصوص مسألة التعنيف، لقد تقدمت بقانون حول الموضوع الى مجلس الوزراء، ومطلوب مني ان ارسله الى مجلس النواب خلال عشرة ايام، فمسألة التعنيف نعتبرها مسألة شائنة، فمن سيؤذي المرأة حتى لو كانت زوجته سيحاسب.

تحدثت الاسبوع الماضي عن هيكلية معينة لوزارتك ماذا عنها؟

هي موجودة ولكن مجلس الوزراء لم يقرها في الجلسة الماضية، وستعرض في الجلسة القادمة .

كيف يمكن برأيك لهذه الوزارة ان تساهم بشكل فعال في تحسين واقع المرأة في لبنان؟

يمكنها ان تفعل الكثير، ولا سيما كما سبق وذكرت في ما يتعلق بصورة المرأة على صعيد الداخل والخارج، وفي ما خص الثقافة القانونية حول حضورها في المجتمع والتي علينا نشرها والعمل عليها، وكذلك بإعطائها الفرص لان تصل الى المواقع القيادية.

هل تعتقد ان هذه الوزارة ستكون موقتة بسبب ضرورات توزيع الحقائب والتوازن السياسي في البلاد، ام سيستمر وجودها في الحكومات المقبلة؟

انا اعمل لكي تكون برنامجا ثابتا ودائما، ولكن هذا موضوع له علاقة بقرار سياسي كبير، سأحاول ان تحقق هذه الوزارة من الانجازات ومن النجاحات حتى يشعر الناس ان وجودها اصبح ضرورة .

بالنسبة الى الحكومة التي اطلق عليها اسم حكومة استعادة الثقة، برأيك مع هذا العمر القصير لها، هل ستستطيع ان تستعيد ثقة اللبنانيين في ظل هذا الهريان المستشري في قطاعات الدولة؟

نعم يمكنها ذلك، ولا سيما اذا تمكنت من ايقاف ملفات الفساد والسمسرات، نكون قد حققنا خطوة الى الامام، ولكن ان نقول ان الادارة تغيرت كلها في لبنان مع هذه الحكومة، بالتأكيد لا نحن لسنا بنظام توتاليتاري أو بوليسي أو عسكري،& فالادارة هي محمية من القوى السياسية، وهذا الامر لن تتمكن من الغائه الحكومة الحالية خلال عمرها الذي هو ستة اشهر، هذا امر صعب جدا، يمكن القول انها تستطيع ان تؤسس لهذا الامر فقط.

الشغل الشاغل حاليا في الاوساط اللبنانية هو موضوع قانون الانتخاب، والملاحظ ان هذه الطبقة السياسية تعلن شيئا وتضمر شيئا آخر، هل تعتقد انهم سينجحون في وضع قانون انتخابي جديد ام انهم سيستمرون على قانون ال 1960؟

المعطيات كلها تدل أنهم ذاهبون الى الانتخابات وفق قانون الستين مع بعض التعديلات عليه، في الواقع كل يوم نسمع ان هناك قانونا مختلفا، فلقد طار القانون المختلط الذي كانت بعض القوى السياسية قد توافقت عليه، وطار القانون النسبي، واذا كنا سنجري الانتخابات في وقتها،& فليس امامنا الا الستين، لا يمكن ان نضحك على انفسنا.

إذا هل ستجارون هواجس النائب وليد جنبلاط؟

نجاريها لم لا .. النائب جنبلاط محق في هواجسه، ونظامنا في النهاية هو نظام طائفي، لا يمكننا ان نبتعد عن الحقيقة، نظام ميثاقي قائم على حصص واعتبارات كانت هي الاساس في تكوين البلد، واليوم الطائفة الدرزية الكريمة هي قلب هذا البلد، وهي من المكونات الاساسية التي قام& عليها لبنان، فلا يمكن ان نضع قانونا يلغي هذا المكون.

ولكن أليس من المفارقة ألا يرضى الحزب التقدمي الاشتراكي بموضوع النسبية في وقت مؤسسه الزعيم كمال جنبلاط هو اول من طرحها في برنامج الحركة الوطنية ؟

&كان حينها لبنان مختلفا، ليتنا ما زلنا نعيش تلك العقلية ومن دون الحرب طبعا، لاننا الآن نسير اكثر نحو التخلف، هناك جرثومة&اسمها الطائفية، وهي تقف حائلا امام تقدم هذا البلد، وازدهاره وتطوير العقول فيه، وهي بدل ان تتناقص وتصغر، تزداد وتكبر حتى صرنا في نظام طائفي مذهبي الى اقصى الحدود،& فنحن اذا اردنا ان نعين مطلق موظف أو وزير، فالماروني يعين الماروني والكاثوليكي يعين الكاثوليكي والسني يعين السني وهلم جرى.

الى اي متى سيبقى لبنان على هذه& الحال؟

حاليا لا نستطيع، لأنها&ستذوب الأقلية ضمن الاكثرية، لا يمكن من خلال نظام مذهبي أصبح مرسخا في أذهان الناس ان نذهب الى التفكير بشكل مختلف.

على صعيد المنطقة، كيف تقرأ ما يجري حاليا حول الازمة السورية ولا سيما بعد سقوط حلب، وهل محادثات أستانة ستكون جدية ام مثل سابقاتها برأيك؟

انا لا اعول كثيرا على محادثات أستانة&لانه في ظل جنون الادارة الاميركية الحالية، واذا كان دونالد ترامب سيبقى على ما هو عليه من افكار، فالتأثيرات السلبية ستطال العالم بأسره، ولا ادري ماذا سيكون مستقبل العالم، اليوم هناك تغيير كبير، يجب ان ننتظر ماذا ستكون عليه سياسة الادارة الجديدة، والذي يجري في سوريا اليوم هو نوع من الرسم لما يسمى بالمنطقة المفيدة التي يجري تداولها في الاعلام الغربي بشكل واضح، وهذه المنطقة المفيدة ستكون تحت حكم علوي مع وجود للاقليات فيها.

ومع بقاء للاسد ؟

أنا مع بقاء الاسد لمرحلة انتقالية، ولكن لا أحد يعلم الى&اي مدى سيستطيع البقاء، ولا اعلم إذا ما كانوا يعملون على ان تكون منطقة العمق السوري هي منطقة للسنة، ولكن نحن في لبنان ليس لدينا مصلحة الا بتسوية سلمية في سوريا، وعلى ان تبقى سوريا كما هي لان تقسيمها والكونفدراليات فيها ستنسحب على العراق وبالتالي فان لبنان سيتأثر.

هل ترى أن ظاهرة الارهاب الى انحسار؟

بالطبع لا فهذه&الظاهرة تتطلب الكثير من الوقت حتى لو كان «داعش» يخسر حاليا، فهذه الظاهرة لم تعد محصورة بالشرق الاوسط،& فهي كعالم المعلوماتية الذي جعل من العالم كله قرية كونية، والارهاب ايضا جعل من العالم كله قرية كونية،&وبالتالي كل فترة نشهد مظهرا من المظاهر في اي بلد، وداعش هو مثل «داعش» أو «راجح»،& لم نعد نعرف هويته& ومن الذي يقف وراءه . & & & & & & & & &