اعتبر إبراهيم الجبين عضو الهيئة السياسية في المجلس العربي في الجزيرة والفرات أن المجلس يمثل مجموع المشاريع السياسية والاجتماعية التي" كنا نسعى إلى أن ترى النور على يد أبناء المنطقة الشرقية في سوريا بمحافظاتها الثلاث (الرقة والحسكة ودير الزور)".

وقال في تصريح خصّ به "إيلاف"" المجلس ليس تجمعاً إقليمياً، يقوم على أسس "غير مدنية" أو "قبلية عشائرية"، بالعكس، هو كيان شامل يحترم طبيعة المجتمع العربي في الجزيرة والفرات، ولا يتعالى عليها ولا يحاول فرض حلول فكرية وسياسية بقدر ما يمثل إطاراً جامعاً يطابق مثيلاته من التشكيلات الاجتماعية والسياسية في بلدان العالم كله، فالقوى المدنية والاجتماعية وتشكيلات المجتمع سواء كانت قبيلة أو نقابية أو سواها، تتطلب منا الحرص على وجودها في المشهد، واحترام اتجاهاتها وتقاليدها ورأيها في الأحداث والمستقبل. وهو ما نريد لهذا المجلس الذي يقع على عاتقه اليوم تقديم الحالة العربية بصيغتها الجديدة، ما بعد الفكر القومي الضيق الذي استثمره الاستبداد في سوريا وأفرغه من محتواه".

وأوضح الجبين "دعينا إلى القاهرة من قبل أحمد الجربا رئيس تيار الغد السوري للتشاور حول مستقبل المنطقة، ولم يكن مبرمجاً التوصل إلى جسم سياسي، ولكن جميع الحاضرين من وجوه وأعيان المنطقة الشرقية والكفاءات العلمية والثقافية وشيوخ القبائل العربية على ضرورة خروج إطار سياسي أبعد من الإيديولوجيا والتعصب يحفظ هوية عرب المنطقة الشرقية ويحرص على مصالحهم ومستقبلهم السياسي.".

تهجير واسع

ورأى الجبين أن المعطيات في المنطقة الشرقية والملف السوري اختلفت الآن بعد ظهور المجلس العربي في الجزيرة والفرات، و"بات لأهل المنطقة الشرقية من يحارب سياسياً وعسكرياً من أجل حقوقهم، التي تكاد تضيع ما بين ميليشيات عنصرية كردية تحاول فرض التغيير الديمغرافي بالقوة كما برهنت على ذلك منظمة العفو الدولية في تقاريرها وكذلك وزارة الخارجية الأميركية التي تحدثت عن عمليات تهجير واسعة تعرض لها سكان المنطقة العرب بشكل ممنهج، ولعلمنا أن هذه الميليشيات مرتبطة كليا بجبل قنديل الذي تديره طهران كما تدير القوات الغازية القادمة من الغرب ممثلة بحزب الله والميليشيات الأفغانية والعراقية المساندة لجيش الأسد المهزوم، فإننا سنعمل على إيصال صوت عرب الجزيرة الفراتية إلى كل المحافل العربية والدولية، وهم الذين يشكلون أكثر من 80 بالمئة من السكان ذوي الأعراق المتعددة من عرب وكرد وسريان وشيشان وآشوريين. أي أن هذه المنطقة ليست منطقة فارغة يحتلها من يملك السلاح ويفرض عليها الأمر الواقع بالقوة" على حد تعبيره.

وأشار الى أن المجلس العربي" يقر بحقوق الإخوة الكرد القومية وحقوق جميع القوميات المكونة للمنطقة الشرقية وسوريا وفقاً لدولة القانون والمساواة التي لا تميز بين عربي وغير عربي في الواجبات والحقوق. ولا نقبل أن يتم هضم حقوق عرب سوريا أو استضعافهم أو تحويلهم إلى طرائد تصيدها طائرات التحالف بعد اتهامهم زوراً بأنهم دواعش".

وحول اللقاء الذي عقد مع الأمين العام للجامعة العربية الدكتور أحمد أبو الغيط، قال الجبين "يعتبر أول الإجراءات التي سنقوم بها، لوضع ملف عرب المنطقة الشرقية على الطاولة، أولاً كي يلتفت المجتمع الدولي الذي يتعامل مع هؤلاء العرب بالتعميم ودون النظر إلى كونهم مجتمعا عريقا قدم الكثير لسوريا، ويقدم اليوم من خلال النخب الاكاديمية والكفاءات التي لا يستطيع أحد إنكار وجودها، والتي تملأ سوريا وبلدان ومحافل العالم. بينما لم ترَ بعض مؤسسات المعارضة السورية في عرب المنطقة الشرقية سوى بعض البدو والريفيين قليلي الأهمية، ولم تكلف خاطرها عقد مؤتمر واحد يعيد الاعتبار لهؤلاء ويظهر حقيقة وجودهم بالأرقام والإحصاءات بل تركتهم نهباً لكل الشراذم التي أرادت مياه المنطقة الشرقية ونفط المنطقة الشرقية والأراضي الخصبة والموقع الاستراتيجي الهام لها. ولكننا نقول اليوم " كفى" فنحن لن نترك أهلنا وحدهم وسنتحالف مع كل من يحقق لنا هذه الأهداف المعلنة الصريحة وصولاً لتطبيق حل سوري عام عادل مبني على قرارت مجلس الأمن والقرار 2254 الذي ينص على إقامة حكم جديد لا مكان فيه لبشار الأسد وجميع القوى التي ارتكبت جرائم الحرب".

وأضاف "نطمح إلى أن تكون المحطات القادمة خلال الأسابيع القادمة مفاصل حقيقية في العمل من أجل إبراز الدور والحضور القويين لعرب الحسكة والرقة ودير الزور في الملف السوري دولياً وإقليميًا. وسنحرص على أن يكون المجلس العربي في الجزيرة والفرات هو الجسر الذي يعيد العرب إلى الإمساك بزمام الأمور في المسألة السورية، وعدم تركها لهذه الدولة أو تلك من دول الإقليم التي تحرص كل منها على تطبيق مشاريعها القومية بينما يقول لنا بعض شركائنا في سوريا : عليكم أن تنزعوا عن أنفسكم صفة العروبة كي نتعاون على بناء سوريا جديدة، ولكن ما هو البديل: هل هو تقمص الحالة الإيرانية أو التركية أو حتى الكردية أو الروسية الصاعدة التي لا تخفي وجهها ولا تخجل من طموحها القومي. بينما يفرض علينا أن نكون بلا هوية"..

وشدد أنه يجب أن يدرك الأميركيون ومعهم الروس أنه لا يمكنهم تطبيق أي حل في المنطقة الشرقية في سوريا من دون عرب المنطقة الشرقية، و"لا يمكنهم تجاهل وجودهم وقوتهم الممتدة على امتداد الفرات والبادية والمدن السورية الكبرى في الرقة ودير الزور والحسكة والقامشلي والبوكمال والميادين وغيرها فبذريعة محاربة الإرهاب يجري استعمال قوات قسد والميليشيات الكردية لإبادة السكان العرب وتغيير شكل المنطقة وهذا ما لن نقف صامتين إزاءه"، بحسب الجبين..

الخطوة العملية

من جانبه، قال الدكتور ممتاز الشيخ عضو الهيئة السياسية في المجلس العربي في تصريح مماثل إن الخطوة العملية الأولى في نشاط المجلس العربي كانت من خلال لقاء أحمد الجربا وقيادات المجلس مع الأمين العام لجامعة الدول العربية هذا الأسبوع.

واعتبر الاجتماع خطوة ذكية باعتبار أن توجه المجلس العربي هو لتفعيل دور العرب في سوريا، خاصة وأن المشاريع الإقليمية والدولية والدولية المطروحة في سوريا كلها على حساب العرب.

وأضاف أن "تشكيل المجلس العربي في هذه اللحظة هو جرس إنذار للتنبيه من مخاطر العبث في بالجغرافيا والديموغرافيا في سوريا وفي المنطقة الشرقية التي تتعرض لتدمير شبه كامل لتمرير مشاريع غريبة عن بيئة المنطقة وتاريخها وبعيداً عن إرادة أهلها الأصليين، الأمر الذي يؤسس لحروب طويلة قادمة ومستنقع عنف لن يسلم منه أحد".

وأشار الى" أن المجلس تعمد أن تكون البداية من الجامعة العربية علها تتنبه إلى خطورة اللحظة، فخطورة ما يجري الآن ينسحب على الجميع بعد حين" .

 حض الجامعة العربية

من جانبه، أكد الدكتور محمد خالد الشاكر المتحدث الرسمي لقوات النخبة السورية الذي حضر الملتقى التشاوري الأول للقبائل والقوى السياسية السورية في المنطقة الشرقية الذي نتج عنه المجلس العربي "أن لقاء الأمين العام لجامعة الدول العربية لوفد المجلس العربي في الجزيرة والفرات وفي مقر الأمانة العامة بالقاهرة، وعلى رأس وفد يتقدمه رئيس تيار الغد السوري ، يأتي استجابة سريعة لما رشح عنه البيان الختامي للملتقى التشاوري للقبائل والقوى السياسية العربية السورية في المنطقة الشرقية الذي دعا الجامعة العربية للاضطلاع بأدوارها خلال هذه الفترة المحمومة التي تشهدها المنطقة الشرقية، حيث يحتدم الصراع في منطقة يرزح أهلها تحت ثالوث من المعاناة المتمثل بدءًا من النظام فداعش فقوات سوريا الديمقراطية، إذ شكلت آليات القضاء على داعش في هذه المناطق، نموذجاً لانتهاك القانون الدولي الإنساني، فافتقرت المعارك العسكرية إلى أدنى شروط حماية المدنيين خلال النزاعات المسلحة، إذ شكلت عمليات النزوح والدمار الشامل للبنى التحتية، حالة لم يشهدها التاريخ المعاصر".

ورأى الشاكر في تصريحات لـ"إيلاف" "إنّ اللقاء فرصة لحض الجامعة العربية، للاضطلاع بدورها في تأكيد البعد العربي للهوية السورية، عن طريق دراسة واقع قوات النخبة السورية، التي تتألف من أبناء القبائل في المحافظات الثلاث، والتي اضطلعت بجميع مراحل عملية غضب الفرات كفصيل مستقل داخل التحالف الدولي ضد داعش، قبل أن تم إبعادها من قبل قوات سورية الديموقراطية مع اقتراب انتهاء عمليات غضب الفرات؛ والإشارة إلى الإصرار على إبعاد الفصائل العربية الأخرى ودلالات ذلك، والتذكير أيضاً بأنّ لا وجه عربياً لهذه المناطق الحيوية في سوريا بدون قوة عسكرية على الأرض، تشكل الضمان لأهلها وحمايتهم من قبل أبناء المنطقة ذاتها، التي تتمتع بخصوصية لا قبل لغيرهم في إدارتها، خصوصاً في مراحل مابعد الصراع.

وإلا يحذّر الشاكر "فإن تداعيات خطيرة، تدق بناقوس الفتنة الذي يمهد لتقسيم سوريا، من خلال أجندات سياسية باتت واضحة المعالم، والتي تؤكدها حالات التهجير والدمار الشامل للبنية التحتية والتغيير الديمغرافي، الذي تعاني منه المنطقة الشرقية الآن، حيث تبدو مناطق الرقة ودير الزور مدمرة بشكل كامل، وتكاد تكون خالية من سكانها".

كما، بحسب الشاكر ، تشكل الزيارة فرصة لاطلاع الجامعة العربية، بواقع العرب في تلك المناطق العربية الخالصة، التي تشكل ما يقارب نصف مساحة سوريا، ودراسة واقع أهلها، الذين يتوزعون في مخيمات يعاني فيها الأطفال والنساء والشيوخ لأدنى مقومات الاستمرار في الحياة، حيث تتكرر يومياً حالات الوفاة بسبب العطش والجوع المرض.

ومن الناحية السياسية، أوضح الشاكر "تشكل الزيارة فرصة للإشارة إلى موقع المنطقة الشرقية في إطار العملية السياسية، إذ تحدث القرار 2254، عن عملية سياسية شاملة لكامل سوريا، وهو ما لا تشير إليه الوقائع على الأرض في مناطق شرق وشمال سوريا، فمازالت هذه المناطق تفترق في التعاطي معها عما يجري من اتفاقيات خفض التصعيد، وبدت بعيدة سواء عن محادثات أستانة، لتصبح مجرد منطقتي صراع على النفوذ بين روسيا والولايات المتحدة، وتتعقد مسألة إدخال المنطقة في إطار العملية السياسية، مع الدفوعات الإقليمية وتجاذباتها، سواء المتعلق بالموقف التركي مع الأكراد، أو الموقف الإيراني مع النظام، لاسيما بعد أن كسر الأخير نظرية شرق نهر الفرات وغربه، ما يمهد لأدوار خطيرة للمليشيات الإيرانية في المنطقة، قد يهدد الحل السياسي برمته".

اطلاق المجلس العربي

وكان الملتقى التشاوري الأول للقبائل والقوى السياسية السورية في المنطقة الشرقية (دير الزور – الرقة – الحسكة)، أكد في بيانه الختامي يوم الأربعاء 20 سبتمبر، على وحدة الأراضي السورية، مشيراً إلى أن الحل السياسي هو الخيار الاستراتيجي المطلوب للواقع الذي تعيشه سوريا.

وأكد بأن المحافظات الشرقية تواجه اليوم مصيراً مجهولاً، في ظل تغييب شبه كامل للقوى والفعاليات الاجتماعية القبلية والفكرية والسياسية العربية في هذه المحافظات التي تشكل أكثر من 80% من سكانها.

كما شدد البيان الختامي للملتقى على وحدة سوريا ..، والعمل على تفعيل دور العرب في المنطقة الشرقية في محاربة الإرهاب بكافة أشكاله، والتوجه إلى كافة المكونات الاجتماعية والسياسية للتعاون والعمل معاً من أجل تحقيق الأهداف الوطنية المشتركة.

وأشار البيان إلى أن الحل السياسي هو الخيار الاستراتيجي المطلوب للواقع الذي تعيشه سوريا، داعياً جامعة الدول العربية، والمنظمات الدولية والإنسانية كافةً بالتوجه لمساعدة أبناء المنطقة الشرقية، ودعم قوات النخبة السورية العاملة في إطار التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب.

وقد تم الاتفاق آنذاك على تشكيل (المجلس العربي في الجزيرة والفرات) ليكون" معبراً سياسياً عن مصالح سكان المنطقة وحقوقهم ودورهم في إدارة شؤون محافظاتهم والمشاركة الفاعلة في رسم مستقبل سوريا، كما تم تشكيل هيئة تنفيذية، ونظامٍ داخليٍ، وبرنامج عمل تكون فيه الهيئة التنفيذية مسؤولة أمام الهيئة العامة للمجلس العربي في الجزيرة والفرات".