عاد الهدوء النسبي إلى قضاء طوزخورماتو ذي الأكثرية التركمانية بعد ليلة حبست فيها الأنفاس إثر تبادل لإطلاق النار بين البيشمركة والحشد الشعبي.وفيما قال وزير الداخلية العراقي إنه لا توجد أية عمليات عسكرية في قاطع كركوك، فإن رئيس الوزراء حيدر العبادي أكد أن لا حرب على "مواطنينا" في أي مكان، ودعا نائب رئيس الجمهورية أياد علاوي إلى حوار وطني.

إيلاف من بغداد: طبع الهدوء المشوب بالحذر الساعات الأولى من نهار قضاء طوز خورماتو التابع لمحافظة صلاح الدين في ظل تضارب الأنباء بشأن حصيلة ضحايا تبادل إطلاق النار، الذي أعقب تفجيرًا قرب حسينية دده غائب وهجومًا مسلحًا على مقر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، فيما أعلن القيادي الكردي البارز برهم صالح أن إقليم كردستان يوافق على تجميد الاستفتاء.

الاشتباكات اندلعت بين قوات البيشمركة والحشد الشعبي التركماني في قضاء طوز خورماتو، بحسب ما ذكره نائب محافظ صلاح الدين محمد عبدالواحد، الذي أوضح أن مجهولين أطلقوا النار أثناء قيام قوات الشرطة بإبطال مفعول عبوة ناسفة مزروعة بالقرب من أحد المساجد في القضاء.

روايتان
روى الحشد الشعبي، السبت، تفاصيل الأحداث التي جرت ليلة أمس في الطوز، فيما أشار إلى أن هذه الأحداث لم تسفر عن وقوع أية خسائر بشرية.

وقال المتحدث الرسمي باسم الحشد في محور الشمال علي الحسيني، إن "مسلحين تابعين لقوات البيشمركة شنوا، ليلة أمس، هجومًا على حسينية دده غائب وسط قضاء طوزخورماتو (75 كم جنوب شرق صلاح الدين)"، مبينًا أن "قوات حماية الحسينية، وهي مجموعة من الحشد التركماني ردت على المهاجمين، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات مسلحة بين الجانبين".

أضاف الحسيني إن "هذه الاشتاكات استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، إلا أنها لم تسفر عن وقوع أية خسائر بشرية"، مشيرًا إلى أن "قوات الحشد الشعبي تمكنت من تهدئة الأوضاع في القضاء".

يذكر أن قضاء طوز خورماتو شهد في العام الماضي اشتباكات مسلحة بين الحشد الشعبي والبيشمركة تسبب عنها مقتل العشرات، حيث تدخلت الحكومة والأطراف السياسية لوقف تلك الاشتباكات وإعادة الهدوء إلى القضاء.

من جهته قال المتحدث باسم عصائب أهل الحق نعيم العبودي لـ"إيلاف" إن "الاشتباكات بدأت عندما تم استهداف حسينية دده غائب، واستمرت حتى الساعة الخامسة فجرًا، واستعملت فيها قذائف آر بي جي 7 وقذائف الهاون، وإنها أسفرت عن إصابة منتسب واحد في الشرطة المحلية، في حين تم انتشال طفل من تحت الأنقاض، ولا يزال حيًا صباح اليوم".

وأوضح العبودي أن من استهدف الحشد التركماني والحسينية بقنابل يديوية هي مجموعة مسلحة تتبع للمدعو كوران جوهر، مشيرًا إلى أنها مجموعة متورطة في أعمال عنف وسلب وخطف في البلدة، على حد تعبيره.

لكن رئيس الجبهة التركمانية في قضاء طوز خورماتو هيثم هاشم، أفاد للصحافيين اليوم، أن ثنين من عناصر الشرطة، قتلا في تبادل لإطلاق النار قرب حسينية "دده غائب" الواقعة في حي الجمهورية وسط قضاء طوز خورماتو.

من جهة أخرى، أفاد مسؤول تنظيمات الجبهة التركمانية فرع كركوك، محمد سمعان آغا أوغلو، عن انفجار قنبلة صوتية قرب مدرسة في حي النور في طوزخورماتو، أعقبته اشتباكات، ما أدى إلى إصابة 4 مواطنين ومقتل طفل.

أضاف أوغلو، بأنه "تمت تهدئة الوضع الآن، والهدوء يسود الوضع في طوزخورماتو مع بقاء إطلاق نار خفيف"، على حد قوله.
فيما ذكرت وسائل إعلام كردية محلية أن مسلحين اثنين يستقلان دراجة نارية قاما برشق مقر الاتحاد الوطني الكردستاني بطلقات نارية في حي العسكري في طوز خورماتو من دون خسائر في الأرواح.

وتابعت تلك الوسائل إن مسلحين يعتقد أنهم ينتمون إلى "فصائل تركمانية تتبع للحشد الشعبي" قد هاجموا أيضًا المقر الـ16 للحزب، ومقرًا آخر للديمقراطي الكردستاني، وفتحوا النيران بشكل عشوائي على الأحياء ذات الغالبية الكردية في طوزخورماتو.

وأوردت مصادر كردية بأن الاشتباكات التي وقعت ليلة أمس وفجر اليوم قد بدأت بإطلاق قذائف آر بي جي 7، أعقبها إطلاق نار كثيف على مقار الاتحاد الوطني الكردستاني لتقوم البيشمركة بالرد على مصادر النيران في مناوشات لم تنته إلا في الساعة الخامسة من صباح اليوم.

وقف إطلاق النار
وأعلن قائممقام قضاء طوزخورماتو، شلال عبدول، التوصل إلى اتفاق بين الأطراف المتنازعة في القضاء لإيقاف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن الاتفاقية دخلت حيز التنفيذ.

وقال عبدول: "كنت على تواصل دائم مع قوات بدر وعصائب أهل الحق وقوات الشهيد الصدر، طوال الليلة الماضية، وفي النهاية اتفقنا على إيقاف إطلاق النار، والآن الوضع الأمني مستتب، وتم إيقاف إطلاق النار".

وأشار قائممقام طوزخورماتو إلى إعادة فتح الطريق الرئيس في القضاء، والذي أغلق الليلة الماضية جراء المواجهات، وعادت الحركة إلى طبيعتها داخل المدينة.

العبادي: لن نستخدم القوة ضد مواطنينا
وأبدى رئيس الوزراء حيدر العبادي استغرابه من الضجة المفتعلة حيال تحريك قوات الجيش العراقي لفرض الأمن. وأكد أن لا حرب على "مواطنينا".

&العبادي خلال اجتماعه مع أعضاء الحكومة المحلية لمحافظة الأنبار

وقال العبادي لدى اجتماعه مع أعضاء الحكومة المحلية لمحافظة الأنبار معلقًا على تحريك قوات باتجاه كركوك: "لن نستخدم جيشنا ضد شعبنا أو نخوض حربًا ضد مواطنينا الكرد وغيرهم، ومن واجبنا الحفاظ على وحدة البلد وتطبيق الدستور وحماية المواطنين والثروة الوطنية". وأضاف "لن نسمح بالعودة إلى المربع الأول وإعادة الخطاب الطائفي والتقسيمي".

الأعرجي: لا عمليات عسكرية قي قاطع كركوك
وقال وزير الداخلية، قاسم الأعرجي إنه "لا توجد أية عمليات عسكرية في قاطع كركوك". وأوضح في تصريح صحافي أن "ما جرى يوم الجمعة هو عملية إعادة انتشار للقوات الاتحادية بعد انتهاء تواجد داعش في القاطع وصولًا إلى ما كنا عليه قبل 9 يونيو 2014".

وسلمت قوات بيشمركة كردستان بعض مواقعها جنوب كركوك إلى القوات العراقية صباح الجمعة، حسب اتفاق بين الطرفين، وفق ما قالته مصادر في قوات البيشمركة.

وأكدت القيادة العامة لقوات بيشمركة كردستان، الجمعة، أن تحركات الجيش والحشد الشعبي في محيط كركوك كانت بدفع ودعم دولة أجنبية.

وقالت القيادة في بيان لها، "بدأت قوات الحشد الشعبي وبعض قطعات الجيش العراقي الليلة الماضية بالتحرك والاستعداد للهجوم على المناطق الخاضعة لسيطرة البيشمركة خاصة في محيط كركوك".

وأوضحت قائلة، أن "هذه التحركات تأتي بعد تشجيع ودفع أجنبي، وكذلك بعد التصاريح التهديدية في الأيام الأخيرة، لبعض المسؤولين العراقيين الحكوميين والعسكريين ضد شعب كردستان، والتي كانت تحتوي على إشارات خطيرة حول اندلاع حرب وهجوم على كردستان".

برهم صالح: إقليم كردستان يوافق على تجميد الاستفتاء
من جهته أكد رئيس تحالف العدالة والديمقراطية، برهم صالح، أن السلطات في إقليم كردستان وافقت على تجميد نتائج الاستفتاء والعمل بناء على مبادرة تقدم بها، إياد علاوي، نائب رئيس الجمهورية.

وقال برهم صالح في حديث تلفزيوني لقناة "إن آر تي الكردية" إن "السلطات في إقليم كردستان وافقت على تجميد نتائج الاستفتاء الشعبي، لكن بغداد غير راضية، وتطالب بإلغاء نتائج الاستفتاء". أضاف صالح، إن "إقامة دولة كردية تحتاج حوارات مع الحكومة العراقية مرورًا بالحكومات الإقليمية، وإلا فستكون لدينا دولة مشابهة للدول غير الناجحة".

تابع، إن "المرجع الديني علي السيستاني كان قد أعلن عن مبادرة للالتزام بالدستور ووحدة العراق، وكان موضع ترحاب من قبل إقليم كردستان، لكن معظم الأطراف العراقية والإقليمية والدولية باتت الآن ترفض تعليق نتائج الاستفتاء لسنتين، وإنما تطالب بإلغاء نتائج الاستفتاء برمتها".

علاوي يدعو إلى حوار وطني
وطالب نائب رئيس الجمهورية، إياد علاوي، بضرورة عقد لقاء وطني عاجل لوضع خارطة طريق وحل الأزمة الراهنة. وقال علاوي في بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه إن "دعوات الحوار التي أطلقها مسعود بارزاني والقادة في الاتحاد الوطني الكوردستاني والأخوة في التغيير والأخ برهم صالح، وكذلك تصريحات حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء، والتي رفض فيها الاحتكام للقوة لحل الأزمة الراهنة، تستدعي بدء الحوارات الثنائية وبحث المناطق المختلف عليها تحت سقف الدستور لنزع فتيل التوتر والوصول إلى حلول عاجلة".

وأضاف "إننا ننتهز الفرصة اليوم لنؤكد ضرورة موازاة الحوارات الثنائية بين بغداد وأربيل بلقاء وطني عاجل لوضع خارطة طريق واضحة لمستقبل العملية السياسية".

وأشار علاوي إلى "أن المسؤولية التاريخية تتطلب من جميع الأطراف تحركًا عاجلًا لتهدئة الأوضاع ونزع فتيل التأزم والتوتر في ظل التحديات التي يعيشها أبناء شعبنا اليوم، وهو ما لن يتحقق إلا وفق حوار حقيقي وشفاف ضمن إطار بناء عراق اتحادي ديمقراطي موحد، وهو ما دعونا إليه بادئ الأمر، ونكرر دعوتنا إليه الآن".

كورك توقف خدماتها في خمس محافظات بعد خطف عاملين
هذا وأعلنت شركة كورك للهاتف المحمول، وهي تتبع لمالكين مقربين من رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، السبت، عن توقف خدماتها في خمس محافظات عراقية، بعدما تعرّض أحد مقارها الرئيسة إلى "هجوم إرهابي" في مدينة الحلة.

وفجّر مسلحون مساء أمس قنبلتين على أبراج شركة كورك للاتصالات في الحلة، مما ألحق بها أضرارًا مادية من دون أن توقع خسائر بشرية. وتم احتجاز اثنين من مهندسي الشركة وسبعة موظفين لساعات قبل أن يطلق سراحهم لاحقًا، بحسب ما أفادت به السلطات المحلية في محافظة بابل.

وقالت شركة كورك في بيان لها تابعته "إيلاف" إن "الهجوم الذي استهدف بدالتها، التي تغذي منطقة الفرات الأوسط، نفذه مسلحون يقودون أربعة سيارات "مما أدى إلى ضرر كبير في البدالة وخسائر مادية كبيرة". وأضافت الشركة، ومقرها أربيل، أن "الهجوم الإرهابي" أدى إلى توقف خدماتها في النجف وكربلاء والديوانية والمثنى، إضافة إلى بابل.

جاء في البيان إن "العملية الإرهابية تأتي في حين تجري في المنطقة مراسم محرم، الأمر الذي أدى إلى قطع الشبكة عن الآلاف من زوار العتبات المقدسة".

ولفتت الشركة إلى أنها "سوف تلجأ إلى جميع الوسائل القانونية للكشف عن الجهة المسؤولة عن هذا العمل الإرهابي، علمًا أن الموضوع لا يزال قيد التحقيق حتى الآن". ولم يصدر من الحكومة العراقية أي تعليق، كما لم تصدر وزارة الداخلية أي إيضاح.

وقع الهجوم بعدما تصاعد التوتر بين بغداد وأربيل حيال كركوك، التي تشهد تحشدات عسكرية عراقية، ردًا على استفتاء حق تقرير المصير في كردستان. وكانت الحكومة العراقية قد أصدرت قرارًا في الآونة الأخيرة، طالبت فيه بنقل مقري شركتي كورك وآسياسيل للاتصالات إلى بغداد.
&