أقر وزير العدل المغربي، محمد أوجار، أن بلاده تعاني عجزًا كبيرًا في التواصل السياسي، مؤكدًا أن هذا العجز يؤثر حتى في القضية الوطنية الأولى للمغاربة، في إشارة إلى ملف قضية الصحراء.

إيلاف من الرباط: قال أوجار خلال تأطيره للدرس الافتتاحي لماستر التواصل السياسي في المعهد العالي للإعلام والاتصال، تحت عنوان: "دور الإعلام والتواصل السياسي في ترسيخ العدالة وحقوق الإنسان": "إننا في المغرب عندنا عجز كبير في التواصل السياسي، وحتى في القضية الوطنية لدينا ضعف".

أضاف وزير العدل المغربي إن في كل الوزارات والقطاعات الحكومية "هناك عجز بين في التواصل وخبراء التواصل"، مشددًا على أن الحاجة ماسّة إلى التواصل من أجل إبراز الخصائص والإنجازات الكبرى التي تحققها البلاد على مستويات عدة.

ودعا أوجار، الذي قدم إلى عالم السياسة والمسؤولية من قطاع الصحافة والإعلام، دعا المغرب إلى "إعطاء التواصل السياسي ما يستحق من عناية"، مبرزًا أن هذا التوجّه من شأنه "بناء وإعادة الثقة بين المواطن والمؤسسات الدستورية".

وأكد أن المغاربة اختاروا بشجاعة سياسية كبيرة "نموذجًا تتقاسم فيه السلطات، ويحمل أرقى ما توصل إليه الفكر البشري"، معبّرًا عن أسفه لـ"وجود خطابات سوداوية تقفز على الإنجازات التي تحققها البلاد".

وزاد أوجار موضحًا أن دستور 2011 جاء بـ"هندسة جديدة وبتصور مؤسسي لهياكل الدولة يقوم على التوازن وفصل السلطات"، معتبرًا أن ما ورد في الوثيقة التي تفاعلت بها المملكة مع تداعيات أحداث الربيع العربي "استدرك كل ما تعرفه المنظومة الدولية لحقوق الإنسان وأعطاها بعدًا ومكانة في الدستور".

وأفاد المسؤول الحكومي بأن المملكة تعيش انتقالًا ديمقراطيًا وصفه بـ"الناجح"، معتبرًا أنه نتج من توافقات كبرى بقيادة الملك محمد السادس، و"أدخلنا الإسلام السياسي إلى حظيرة المؤسسات"، مشددًا على أن نجاح عمليات الانتقال الديمقراطي والإصلاحات يحتاج "تواصلًا سياسيًا مهنيًا ذكيًا، ليس بهدف الدعاية والانتصار لأي جهة، ولكن بوضع المجتمع والنخب في عمق الإصلاح".

وأشار أوجار إلى أن الكثير من الدول "تعيش اليوم انتقالًا ديمقراطيًا، لكن غالبية محاولات الإصلاح تعيش إرهاصات تحوّلت إلى أزمات وتطاحنات بين أبنائها"، لافتًا إلى أن هذه الأزمات كانت نتيجة أسباب عدة، من بينها "تحول الإعلام إلى طرف في الصراع بدلًا من أن يكون القاطرة التي تنتصر للديمقراطية وحقوق الإنسان".

وزاد وزير العدل المغربي موضحًا رؤيته للدور الذي ينبغي أن يلعبه الإعلام في البلاد، حيث قال: "أؤمن أن المرحلة بالغة الحساسية، وتحتاج نخبًا إعلامية حريصة على استقلاليتها". وأضاف "نستشعر أننا بحاجة ماسّة إلى جيل جديد من خبراء التواصل تسكنه الإرادة الوطنية الصادقة لبناء بلد جديد والدفاع عن الديمقراطية ونشر القيم التي تمثل المشترك بين المغاربة".

ونوه أوجار بالإصلاحات التي همّت قطاع العدل، مؤكدًا أن إقرار استقلالية النيابة العامة عن وزارة العدل والحكومة يمثل "إنجازًا تاريخيًا"، مبرزًا في الآن عينه، أن القدرات التواصلية للمؤسسة القضائية "غير متطورة، ولا تهتم بالتواصل مع المواطن، لأن المحكمة تعقد بأن وظيفتها هي إصدار الأحكام فقط".

ومن أجل تدارك النقص الحاصل على مستوى تواصل المحاكم مع الصحافة ورجال الإعلام، أفاد أوجار بأن الوزارة تدفع باتجاه إحداث "غرف متخصصة في مجال النشر والإعلام والتواصل بالمحاكم، ووضع ضوابط محددة لحصول الصحافيين على المعلومة القضائية الصحيحة، وتخصيص أماكن خاصة بالصحافيين داخل المحاكم". 

وحذر وزير العدل من عدد من الممارسات التي تشوب قطاع العدل والصحافة، حيث قال إن "تحقيق الشرطة يصل إلى الصحافي قبل أن يصل إلى النيابة العامة، ويقع الاستدراج وتقع تسريبات هنا وهناك"، مؤكدًا أن هذه الممارسات "تؤثر على سير وشروط المحاكمة العادلة"، مطالبًا الصحافيين باحترام أخلاقيات المهنة والحذر من نشر الأخبار التي من شأنها التأثير على القضاء والمس بقرينة البراءة.