«إيلاف» من القاهرة: كشف التحريات الأمنية في حادث مقتل 35 شرطيًا، وإصابة 2 آخرين في هجوم إرهابي بالواحات مساء أمس الجمعة، أن ضابطا سابقا بالجيش المصري، يقف وراء العملية، بعد استدراج قوة كبيرة من الشرطة إلى وادي منخفض جدًا، ومحاصرتها، وقتل جميع أفرادها باستثناء شرطيين فقط مصابين.

حصلت "إيلاف" على معلومات مهمة حول الهجوم الإرهابي الذي أسفر عن مقتل 35 شرطيًا، بينهم قيادات رفيعة المستوى في وزارة الداخلية المصرية، في إدارتي الأمن الوطني والقوات الخاصة.

وحسب المعلومات المتاحة، فإن قوة كبيرة من الشرطة توجهت مساء أمس الجمعة إلى منطقة الواحات الصحراوية بالقرب من الحدود الليبية، بعد ورود معلومات إلى جهاز الأمني الوطني، حول تمركز مجموعة إرهابية في تلك المنطقة، وتستعد لشن هجمات على قوات للجيش والشرطة ومنشآت عامة في مصر.

وتعرضت القوة الأمنية إلى عملية خداع، وثبت أن المعلومات التي حصلت عليها لم تكن دقيقة، وأنها تعرضت للقتل في كمين نصبته لها مجموعة مسلحة، كان مزودة بأسلحة حديثة، ومنها صواريخ محمولة على الكتف.

تورط ضابط سابق

وترجح التحريات الأولية حول الحادث الإرهابي تورط الضابط السابق في الصاعقة بالجيش المصري، هشام العشماوي، في العملية الإرهابية، لاسيما أنه يقود جماعة مسلحة تقاتل في ليبيا، وتستهدف المصريين في ليبيا، وتتخذ منها منطلقًا لشن هجمات ضد قوات الجيش والشرطة في منطقة الصحراء الغربية.

التحق العشماوي بالجيش المصري في العام 1994 ضابطًا في سلاح الصاعقة. وفي العام 2007، خضع لمحاكمة عسكرية بسبب تحريضه ضد الجيش، والتشدد الديني، وفصل من الخدمة في العام 2009.

 اعتنق العشماوي الفكر التكفيري بعد ذلك، وانضم إلى مجموعة تدين بالولاء إلى تنظيم "أنصار بيت المقدس"، المعروف حاليًا بـ"ولاية سيناء" بعدما بايع تنظيم داعش في العراق.

شارك العشماوي في القتال في سوريا، بعد أن دخلها عن طريق تركيا في أبريل 2013، ثم عاد إلى مصر في بعد ثلاثة أشهر فقط، بعد مع عزل الرئيس الإسلامي السابق محمد مرسي. وشارك في اعتصام أنصاره في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر.

بعد فض الاعتصام في منتصف أغسطس 2013، توجه العشماوي إلى ليبيا، وشكل في معسكرات "درنة" تضم العشرات من المسلحين، بينهم 4 ضباط شرطة، وأطلق على نفسه لقب "أبو عمر المهاجر".

استهداف مصر بالأساس

وفي يوليو 2015، أسس مجموعته الخاصة المعروفة باسم "المرابطون"، وتستهدف المجموعة مصر بالأساس، ولها علاقة بعمليات قتل للمصريين في ليبيا، ومنهم الأقباط، واستهداف قوات الجيش في منطقة الفرافرة العام الماضي، وصدر بحقه حكم بالإعدام شنقًا في تلك القضية.

اتهم العشماوي أيضًا في الاشتراك في محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم، وعملية اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، والإعداد لاستهداف الكتيبة "101 حرس حدود".

في السياق ذاته، كشف اللواء محمد صادق، الخبير في مكافحة الإرهاب، مساعد وزير الداخلية الأسبق، تفاصيل حادث الواحات الإرهابي، الذي وقع مساء الجمعة.

وقال مساعد وزير الداخلية الأسبق، في تصريحات تليفزيونية: "إن الحادث وقع في واد منخفض للغاية، حيث قامت العناصر الإرهابية بركوب أعلى منطقة في الجبل، وأطلقوا النيران على رجال الشرطة"، مشيرًا إلى أن "العناصر الإرهابية استخدمت الآر بي جي والهاون لاستهداف قوات الأمن".

وأضاف: "هناك قوات تحركت من القوات المسلحة مع قوات الشرطة، ولكنهم لم يتمكنوا من دخول الجبل، في ظل الظلام الدامس في المنطقة، وحدث تمشيط في المنطقة من الخارج".

واستطرد: "واضح أنه كان هناك حماس زايد من القوات التي تعاملت مع الموقف، وظنوا أن بإمكانهم الحصول على أدلة تدين التنظيم التابع له الشخص الذي أرشدهم"، مؤكدا أنها "عناصر مدفوعة من ليبيا من جناح تابع لتنظيم داعش يلقب نفسه بأنصار الشريعة تسللوا من الحدود الغربية، وبالفعل وصلت المعلومة وتم ضبط جزء من هذه العناصر".

وأوضح مساعد وزير الداخلية الأسبق أن من نزل مع قوات الأمن للإرشاد عن مكان تواجد عناصر التنظيم الإرهابي هو أحد أعضائه، منوهًا بأن "استطلاع الموقف الذي أجري بالطيران كانت نتيجته سلبية وأنه لا يوجد أحد، وهذه المنطقة التي وقع بها الحادث هي وادي الحيتان تقع في خلف وادي الريان أي نمشي 135 كيلو على طريق الواحات ثم الدخول في الجبل لمسافة 35 كيلو".

وأشار إلى أن القوات دخلت في وادٍ منخفض، وتوجد في هذه المنطقة من الصحراء الغربية وديان متعددة، مؤكدا أنه لا يستطيع الحكم حول سبب نزول القوات رغم نتيجة الاستطلاع السلبية، وقد يكون توهمت القوات أنه من الممكن أن تجد أدلة أو أسلحة أو وسائل إعاشة تستدل منها على المعلومات".

ولفت إلى أن "المرشد الذي دل القوات أعطى معلومات كافية بينها وصول "محشي" لهذه العناصر من القليوبية منذ 3 أيام.

وكانت وزارة الداخلية المصرية أصدرت بيانًا رسميًا عن الأحداث، دون أن تشير إلى عدد الضحايا، وقالت: "وردت معلومات لقطاع الأمن الوطني تفيد باتخاذ بعض هذه العناصر الإرهابية للمنطقة المتاخمة للكيلو 135 بطريق الواحات بعمق الصحراء مكانًا لاختبائها".

وأضافت: "وتم إعداد مأمورية لمداهمة تلك العناصر، وحال اقتراب القوات واستشعار تلك العناصر بها قامت بإطلاق الأعيرة النارية تجاهها حيث قامت القوات بمبادلتها إطلاق النيران، ما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد من رجال الشرطة ومصرع عدد من هذه العناصر، وتقوم القوات حاليًا بتمشيط المناطق المتاخمة لمحل الواقعة وجارٍ الإفادة بما يستجد من معلومات».

الأزهر ينعي الضباط

ونعى الأزهر، قتلى الشرطة خلال مطاردة الخلية الإرهابية بصحراء الواحات، وقال في بيان له "ينعى الأزهر الشريف وإمامه الأكبر، أبناءه من ضباط وجنود الشرطة البواسل، الذين استشهدوا خلال مواجهات مع عدد من العناصر الإرهابية في صحراء الواحات بالجيزة."

وتابع "ويجدد الأزهر الشريف تضامنه مع رجال الجيش والشرطة البواسل وكل مؤسسات الدولة في جهودها من أجل القضاء على هذا الإرهاب الغاشم، مؤكدا ضرورة ملاحقة العناصر الإرهابية والتصدي بقوة وحسم لهذه الفئة المارقة التي لا تريد الخير للبلاد والعباد."

ويأتي الحادث بعد أربعة أيام على مقتل خمسة شرطيين في هجوم شنته مجموعة مسلحة على البنك الأهلي بمدينة العريش بشمال سيناء، والسطو على 17 مليون جنيه.

ولم تمض سوى خمسة أيام على مقتل ستة جنود على الأقل وإصابة آخرين في هجوم شنته تنظيم ما يعرف بـ"ولاية سيناء" على نقاط عسكرية ‏في كرم القواديس والعجرة جنوب غرب مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء.

وقتل المئات من قوات الجيش والشرطة في هجمات إرهابية، منذ عزل الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، وإسقاط نظام حكم جماعة الإخوان في 3 يوليو 2013.