ساره الشمالي: رأى 76 في المئة من قراء "إيلاف" المشاركين في استفتائها الأسبوعي أن الاحتقان المتولد من تغيير واشنطن سياستها تجاه إيران سيؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار الاتفاق النووي الإيراني.

إيلاف من لندن: منذ أن وصل دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، حامت الشكوك حول استمرار الولايات المتحدة، وإيران تاليًا، في التزام ما وقع عليه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في ما يعرف باتفاق جنيف لتسوية الملف النووي الإيراني. فترمب وعد في أثناء حملته الإنتخابية بتمزيق هذا الاتفاق، وهو الوعد الذي لم يفِ به، حتى الساعة في الأقل.

وقبيل إعلان ترمب سياسته حيال إيران، هاجم هذا الاتفاق المبرم بين الدول العظمى وإيران حول برنامجها النووي، واصفاً اياه بأنه "اتفاق سيئ للغاية"، مضيفًا لشبكة فوكس نيوز: "هذا أسوأ اتفاق على الاطلاق، لم نجنِ منه شيئًا، وقد ابرمناه من منطلق ضعف، في حين أننا نتمتع بالكثير من القوة".

التهديد الأميركي

في استفتائها الأسبوعي، سألت "إيلاف" قرّاءها: هل ينهار الاتفاق النووي بعد إعلان استراتيجية ترمب الجديدة تجاه إيران؟ شارك في هذا الاستفتاء 2354، ومالت الكفة إلى الجواب بنعم وبلغت نسبتها 76 في المئة، مقابل 24 في المئة فقط رأوا أن الاتفاق النووي سيصمد.

يحق لهذه النسبة الكبيرة من المشاركين في الاستفتاء أن تنحو ناحية انهيار الاتفاق، خصوصًا بعدما سمعوا ترمب يفصح بنبرة عالية عن استراتيجيته الجديدة حيال النظام الإيراني، على وقع تسويات كبيرة في المنطقة. ففي 13 أكتوبر الجاري، وجه ترمب ضربة عنيفة لهذا الاتفاق مختارًا ألا يصادق على التزام طهران به، ومحذرًا من أن بلاده توشك أن تنسحب منه، مسلطًا الضوء على نهج أميركي اشد مواجهة مع إيران بسبب برامجها النووية والصاروخية ودعمها جماعات متشددة في الشرق الأوسط، مؤكدًا: "الهدف ضمان عدم حصول إيران أبدًا على سلاح نووي".

أضاف في خطابه في البيت الأبيض: "لن نكمل في طريق نهايته المتوقعة المزيد من العنف والإرهاب، وتهديد حقيقي بتقدم البرنامج النووي لإيران، ففي ضوء هذا الاتفاق حصلنا على حقنا في عمليات تفتيش محدودة مقابل إرجاء قصير المدى وموقت لتقدم ايران نحو امتلاك السلاح النووي، فماذا يعني اتفاق يؤدي إلى إعاقة القدرة النووية الإيرانية موقتًا؟ فهذا مرفوض، وإذا لم نتمكن من إيجاد حل لهذه المعضلة من خلال العمل مع الكونغرس والدول الحليفة، فالاتفاق سينهار. انه يخضع للتدقيق الدائم ويمكنني، أنا رئيس الولايات المتحدة، إلغاؤه في أي وقت، وأعلن أنني لن أقر بالتزام ايران روحية الاتفاق النووي، ولن نواصل السير في طريق مؤداه إلى المزيد من العنف والارهاب وعودة الخطر النووي الإيراني".

والرد الإيراني

في الجانب الإيراني، أعلن روحاني إن إيران ستتخلى عن الاتفاق النووي مع القوى الكبرى إذا لم يخدم مصالحها الوطنية، ردًا على قرار ترمب عدم التصديق على الاتفاق المبرم في عام 2015.

اضاف روحاني في كلمة بثها التلفزيون الإيراني في 13 أكتوبر الجاري: "لا يمكن رئيس إلغاء اتفاق دولي، فإيران مستمرة في احترام الاتفاق، والتزام الاستحقاقات التي ينص عليها، وكلمة ترمب لم تتضمن جديدًا، بل حفلت باتهامات كاذبة ألقاها جزافًا، وبتوجيه الإهانات للشعب الإيراني".

واستدرك قائلًا: "لكن، إذا لم تُراعَ مصالحنا فلن نتردد لحظة وسيكون ردنا قاسيًا، وهذا الاتفاق باقٍ كما هو، لن يُضاف إليه بند، ولن تُحذف منه فقرة، وإيران ترفض بشدة التفاوض من جديد على الاتفاق النووي".

وتابع روحاني قائلًا: "لم يرضخ الشعب الإيراني ولن يرضخ أبدًا لأي ضغط خارجي، وصواريخنا غير هجومية بل هي من أجل الدفاع عن أراضينا، وسنضاعف جهودنا لتعزيز قدراتنا الدفاعية".
وواصل روحاني تحديه ترمب بإعلان تأييده الحرس الثوري الإيراني "الذي يواصل حربه على الإرهابيين في المنطقة، فالحرس الثوري الإيراني يحمى إيران من الإرهابيين، سيواصل مساعدة الدول المقهورة في المنطقة".

... والتنبيهان الأوروبي والروسي

لكن ثمة ما يمكن أن يضمن استمرار هذا الاتفاق، كما يرى 24 في المئة من المشاركين باستفتاء "إيلاف". فالأميركيون ينسون أحيانًا أن هذا الاتفاق معقود بفضل جهود بذلت في مفاوضات دامت سنوات طويلة بين دول 5+1 من جهة وإيران من جهة. فللدول الأوروبية المشاركة في التوصل إلى هذا الاتفاق حصة في تقرير مصيره، ولو أن الولايات المتحدة هي الفريق الأقوى.

فما فات الكثيرين أن يسمعوا قصر الإليزيه يعلن أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يدرس التوجه الى إيران تلبية لدعوة قدمها الرئيس الإيراني حسن روحاني بعد تشاورهما هاتفيًا، وبعد تأكيد ماكرون تمسك فرنسا بالاتفاق. كما أبدت العواصم الأورويبة الأكبر، باريس وبرلين ولندن، قلقها من تداعيات قرار ترمب رفض الاقرار بالتزام ايران روحية الاتفاق النووي، مصرحةً في بيان مشترك أن فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة قلقة من التداعيات التي يمكن أن تنجم عن القرار الأميركي، ومشددةً على "تمسك حازم" بالاتفاق الذي يلزم إيران عدم تطوير سلاح نووي مقابل رفع تدريجي للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، مع قولها إنها تشاطر واشنطن قلقها برنامج الصواريخ الباليستية لايران ونشاطاتها في المنطقة.

وأصدرت وزارة الخارجية الروسية بياناً أعلنت فيه تمسكها بالاتفاق النووي، داعية جميع الأطراف إلى التزامه. كما أعلنت موسكو أسفها للقرار الأميركي، وأعربت عن أملها في ألا يؤثر في سير تنفيذ الاتفاق، مؤكدةً أن سياسة ترمب الجديدة لا تتوافق مع الاتفاق النووي الإيراني، لا نصًا ولا روحًا، وأن إيران تنفذ التزاماتها بشكل دقيق, بشهادة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما هاجم المسؤولون الروس استخدام ترمب خطابًا تهديديًا، وشجعوا الادارة الاميركية على أن تتنبه إلى التداعيات المحتملة لقرارها على امن الولايات المتحدة وحلفائها.