الرباط: يبدو أن تدوينة وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان والقيادي في حزب العدالة والتنمية المغربي، المصطفى الرميد، التي هاجم فيها أمينه العام ورئيس الحكومة السابق، عبد الإله ابن كيران، إلى حد اتهامه ب "الافتراء وتمجيد نفسه ونضاله واستصغار نضال الآخرين من إخوانه في قيادة الحزب"، أججت الوضع داخل الحزب، وجعلته مرشحا للمزيد من الاشتعال على بعد أسابيع من انعقاد مؤتمره الوطني الثامن الذي سيحسم في تمكينه من الولاية الثالثة لابن كيران او العكس. 
وعجت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات المتفاعلة مع ما بدر عن الرميد في حق ابن كيران، حيث تباينت المواقف بين أنصار الولاية الثالثة ومعارضيها من أبناء حزب العدالة والتنمية بين مؤيد ومعارض، إذ تهجم مؤيدو ابن كيران على الرميد واعتبروا خرجته "غير موفقة"، فيما أعلن معارضو الولاية الثالة "تأييدهم للرميد مطالبين ابن كيران بالتوضيح والاعتذار".

الخلاف سيتزايد

عبد الإله ابن كيران أمين عام حزب العدالة والتنمية المغربي

ويرى المحلل السياسي، محمد شقير أن الخلاف الذي برز بين قيادات حزب العدالة والتنمية ، وهجوم الرميد على ابن كيران "يرتبط بالتطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة السياسية بعد إعفاء الملك لعدد من الوزراء، باستثناء وزراء التجمع الوطني للأحرار والعدالة والتنمية"، معتبرا أن هذه المسألة "حركت الصراع من جديد بين التيارين المتصارعين داخل حزب العدالة والتنمية".
وأضاف شقير في تصريح ل"إيلاف المغرب" أن الفريقين سواء المؤيد للولاية الثالثة لابن كيران أو المعارض لها، اعتبرا أن استثناء وزراء الحزب من الإعفاء "تصب لصالحه"، حيث ذهب أنصار ابن كيران إلى أن ذلك يدعم "النصائح والتوجيهات التي كان يركز عليها الأمين العام من أجل الحفاظ على نظافة اليد والحذر من الإغراءات، في حين اعتبر (تيار الاستوزار) أن هذه المسألة فيها تدعيم للحزب ولكن بشرط تنحية ابن كيران من الأمانة العامة للحزب".
وأكد شقير أن شقة الخلاف بين قيادات حزب العدالة والتنمية حول الولاية الثالثة تتجه نحو المزيد من التوسع "، كلما اقترب موعد انعقاد المؤتمر الوطني الثامن المزمع عقده يومي 9 و10 ديسمبر المقبل إلا وازداد الخلاف"، مشددا على أن التحدي الذي تواجهه قيادة الحزب هو كيفية إيجاد حل توافقي يرضي الجميع.

إما التوافق أو الانشقاق

وقال شقير "هل قيادة الحزب قادرة على إيجاد صيغة توافقية تحفظ من جهة الاعتبار السياسي للأمين العام الحالي وفي نفس الوقت لا تكون خطوة استفزازية للمربع الملكي بتعيينه من جديد؟"، معتبرا أن الحزب في موقف صعب "خاصة وأن كل الإشارات السياسية تبين أن القصر لم يعد راغبا في إعادة شخصيات سياسية متآكلة".

محمد شقير محلل سياسي 

وزاد شقير موضحا في قراءته لما يعيشه الحزب القائد للغالبية الحكومية ، أن إعفاء نبيل بنعبد الله، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية، ومحمد حصاد الذي كان يستعد لقيادة حزب الحركة الشعبية، وقبل ذلك إبعاد حميد شباط، من قيادة الاستقلال ، والاستقبال الملكي الأخير، لنزار بركة، "كلها مؤشرات تبين أن الملك يرغب في العمل مع شخصيات سياسية جديدة".
وشدد شقير على أن قيادة حزب العدالة والتنمية إذا فشلت في الوصول إلى توافق بينها "يمكن أن تصل الأمور لنوع من الانقسام ، ويصبح الحزب في وضعية حرجة ، ويعاني من أضرار وتراجع سياسي"، وأشار إلى أن هذا الخلاف " ستلعب عليه جهات خارج الحزب وربما يكون هناك انشقاق في المستقبل".

أفتاتي: مجرد نقاش ولا يحتاج إلى تهويل

تعليقا على الموضوع، قال عبد العزيز أفتاتي، القيادي في حزب العدالة والتنمية في اتصال هاتفي مع "إيلاف المغرب"، إن ما قاله الرميد "لا يدخل في إطار النقاش الدائر حول الولاية الثالثة لابن كيران ، وأعتقد أنه أراد أن يوضح أمورا تتعلق به ، وبالنسبة لي من حقه ذلك".
واشار أفتاتي الى انه بالنسبة ل" الأستاذ ابن كيران ، في هذا الموضوع ، يجب عليه أن يتصل بالأستاذ الرميد لتوضح الأمور ، ولا يمكن أن يكون محتاجا إلى الاعتذار"، مشددا على أن جزءا من هذا النقاش "داخلي وخرج إلى العلن، وعلى من اختار المناقشة أمام الرأي العام أن يتحمل مسؤوليته".

عبد العزيز أفتاتي قيادي في حزب العدالة والتنمية المغربي 

وأضاف البرلماني السابق المثير للجدل أن ما أثير "مجرد نقاش ولا يحتاج إلى تهويل"، مسجلا أنه "ينبغي أن يكون في إطار الاحترام واللياقة والصدقية ، وينبغي أن نعتبره نقاشا وفقط"، معربا عن ثقته في استمرار الحزب موحدا .
وقال "هذه العقبة سيتجاوزها الحزب ولن تكون لا قيامة كبرى ولا صغرى"، وذلك ردا على القراءات التي ذهبت إلى أن خرجة الرميد تعد خطوة أولى نحو تقسيم الحزب. 
ويرى أفتاتي أن أعضاء الحزب "ينبغي أن يقتصر تجاوبهم على البحث في متطلبات المرحلة والتعاون على إعداد أطروحة جديدة من أجل المستقبل واستعادة الحزب للمبادرة ".
وجزد افتاتي تأكيده على موقفه الداعم لولاية ثالثة لابن كيران على رأس الحزب، وقال "موقفي يدخل في إطار مواجهة الدولة العميقة، وغير مرتبط بأجندة داخلية بينية تنظيمية، فبالنسبة لي هذا أقصر الطرق لمواجهة الدولة العميقة".
وأفاد أفتاتي بأن الرميد "يتصور أنه يوضح وهذا حقه ولا يمكن أن ننزعه منه، ولكن هناك جمهور عريض من الأعضاء منخرط في النقاش من أجل تأكيد التجديد للأستاذ عبد الإله ابن كيران"، وأردف قائلا: "ما الذي يضرنا إذا كان عضوان أو ثلاثة أو عشرة اختاروا النقاش الآخر"، وذلك في محاولة للتقليل من عدد الأصوات المعارضة للولاية الثالثة.
وزاد أفتاتي مبينا أنه "ينبغي للأعضاء المناصرين للتمديد لولاية ثالثة التركيز على أطروحة الحزب وليس على شخص ابن كيران، وعلى مرتكزات الأطروحة ومتطلباتها"، معتبرا أن ابن كيران "عامل من العوامل ، ولا ينبغي أن لا يتضايقوا من مناقشة الآخرين لهذا الاجتهاد".
ودعا أفتاتي أعضاء الحزب إلى الابتعاد عن اتهام معارضي الولاية الثالثة ونعتهم ب"تيار الاستوزار"، الذي عده "أمرا سخيفا"، مجددا مطالبته الى الاحتكام إلى النقاش وعدم التضايق من الرأي المخالف.

الرباح: أبدا لن يكون هناك أي انشقاق 

من جهته، استبعد عزيز رباح، وزير الطاقة والمعادن في حكومة سعد الدين العثماني وأحد أشد معارضي الولاية الثالثة لابن كيران، أن يصيب حزب العدالة والتنمية أي انشقاق، مؤكدا أنه على الرغم من "وجود ردود الفعل التي تبدو أحيانا قاسية لن يكون هناك أي انشقاق".
وقال الرباح في تصريح ل"إيلاف المغرب": "يمكن أن ينزعج بعض الأشخاص ويصبحوا أعضاء عاديين في الحزب ويبتعدوا عن القيادة، ولكن أبدا لن يكون هناك انشقاق"، معتبرا أن النقاش الدائر داخل الحزب حول الولاية الثالثة في تقديري هو "نقاش صحي رغم سخونته"،

عزيز الرباح وزير الطاقة والمعادن وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية 

وذلك في إشارة إلى حدة الخلاف بين مؤيدي ومعارضي الولاية الثالثة.
وأفاد عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بأن كل طرف "يعبر عن رأيه بوضوح ووجاهة بدل أن يعبر عنه في الكواليس والتسريبات من خلال الامتدادات الصحافية وإهانة هذا الطرف أو ذاك"، مشددا على أنه عندما تتخذ المؤسسة القرار "سيتم الالتزام بذلك وأي قيادة انتخبت في المستقبل ستختار من يتفق معها في التوجه من أجل قيادة الحزب".
وزاد الرباح الذي تصدر الأسماء الرافضة للتمديد لابن كيران، موضحا أن قوة الحزب "ليست مرتبطة بالضرورة بالولاية الثالثة، بل تكمن في قوة مؤسساته وفي قواعده الديمقراطية التي اشتغل بها منذ تأسيسه، وبالبرامج العملية، وكافة مناضلي الحزب"، مسجلا أن حزب العدالة والتنمية "لن يصعب عليه إيجاد قيادة جديدة تقود الحزب ، وتقوم بنفس العمل"، مستدركا "يمكن أن تكون مختلفة عن السي ابن كيران، ولكنها ستقوم بنفس العمل"، حسب تعبيره.
ورفض الرباح التعليق عن الخرجة الأخيرة للوزير الرميد التي هاجم فيها ابن كيران، مكتفيا بالقول: "تقديري هو أن الرميد رد على ما اعتقد أنه إهانة"، مسجلا أن "الانفلاتات التي تقع مثل تخويننا واتهامنا بالقرب من السلطوية و"تمخزانيت" (القرب من السلطة)، والكلام الفارغ الذي ليس عنده معنى ، ولا من أخلاقنا لا نعيره اهتماما".