برشلونة: لم يمض أسبوع على إعلان استقلال كاتالونيا حتى توصل قادة الإقليم الانفصاليون إلى قناعة مفادها أن مشروعهم ولد ميتا فيما بدأوا بتبادل الاتهامات بالمسؤولية عما حصل.

وبعد خمسة أيام من إعلان البرلمان الكاتالوني انفصاله عن اسبانيا، بات موظفو الإقليم يعملون بشكل مباشر تحت إمرة الحكومة المركزية التي فرضت سلطتها المباشرة على المنطقة دون أن تواجه أية مقاومة كما كان يخشى في البداية. 

وغادر رئيس كاتالونيا الانفصالي المٌقال كارليس بوتشيمون إلى بروكسل حيث دعا مؤيدي الاستقلال إلى "ابطاء" مشروع الانفصال تجنبا لوقوع اضطرابات.

ووافق كذلك على "تحدي" اجراء الانتخابات في كاتالونيا في 21 كانون الأول/ديسمبر التي دعا إليها رئيس الوزراء الاسباني ماريانو راخوي بهدف "إعادة الامور إلى نصابها" بعدما فرضت مدريد وصايتها بشكل مؤقت على الإقليم الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي لاجهاض مسعى الانفصال.

وقال مصدر في الحكومة الاسبانية في برشلونة إن "حركة الاستقلال لم تتباطأ، بل توقفت".

واتهم الوزير في حكومة بوتشيمون المكلف شؤون الأعمال التجارية سانتي فيلا زملاءه السابقين الثلاثاء بـ"السذاجة". وفيلا استقال الأسبوع الماضي بعدما قرر الرئيس الكاتالوني المقال عدم الدعوة إلى انتخابات مبكرة.

وأكد أن كاتالونيا لم تكن جاهزة بعد للعمل كجمهورية مستقلة. 

وسأل "أين السيطرة على الأراضي والموانئ والمطارات وإدارة المواصلات؟" 

وأقر عبر إذاعة "راك1" "افتقدنا إلى الذكاء السياسي الضروري،" إلا أنه نفى أن يكون أعضاء حكومته ضللوا أنصار الاستقلال. 

وتابع بالقول "ولكن بالفعل، كان لدي زملاء بالحكومة أظهروا مستوى من السذاجة كان مفاجئا مقارنة بأعمارهم". 

- الأحزاب الانفصالية -ورشح فيلا نفسه لقيادة حزبه "الديمقراطي الأوروبي الكاتالوني" الذي ينتمي إليه بوتشيمون كذلك في الانتخابات. 

ويشكل الحزب جزءا من التحالف الانفصالي الذي حكم كاتالونيا إلى أن أقالت مدريد حكومة الإقليم يوم الجمعة، إلى جانب حزب "يسار كتالونيا الجمهوري" القومي الذي كان زعيمه اوريول جونكيراس نائب رئيس الإقليم والمخطط الاقتصادي الأساسي له. 

وبعد تشجيعه بوتشيمون لاتخاذ الخطوة النهائية نحو إعلان منفرد للاستقلال، أعلن حزب يسار كاتالونيا الجمهوري أنه سيشارك في انتخابات الإقليم. 

وصرح جونكيراس لقناة "تي في3" التلفزيونية الاثنين "نحن أبطال الديموقراطية، ولا يمكن لأي ديموقراطي منافستنا". 

من جهته، طلب حزب "ترشيح الوحدة الشعبية" اليساري الصغير المتشدد والمتحالف مع بوتشيمون بعض الوقت الثلاثاء "للتفكير في ما حدث، كوننا رأينا مدى محدودية الآليات المؤسساتية". 

وسعت حركة الاستقلال إلى الحصول على دعم الاتحاد الأوروبي بعد مشاهد قمع الشرطة العنيف لمنع الاستفتاء على الاستقلال الذي جرى في 1 تشرين الأول/اكتوبر واعتبرته مدريد غير قانوني واعتقل اثنان من قادة الحراك المؤيد للاستقلال للاشتباه بإثارتهما للفتنة. إلا أن دعواتها وقعت على اذان صماء. 

ولخصت المتحدثة باسم الحزب الديمقراطي الأوروبي الكتالوني مارتا باسكال انطباعها عن الوضع الحالي بقولها "يا إلهي ماذا يحدث هنا،" مشيرة إلى غياب الاعتراف الدولي باستقلال الإقليم وإلى أن جهاز شرطة كاتالونيا بات الآن يتبع تعليمات مدريد. 

وسعت الحكومة الكاتالونية على مدى الأعوام الماضية في وقت كانت تؤسس تحركها نحو الاستقلال إلى الحصول على مساعدة مستشارين لتحويل حلم الجمهورية الجديدة إلى حقيقة. 

وبين هذه المجموعات الاستشارية كان "مجلس الانتقال الوطني الاستشاري" الذي وضع "ورقة بيضاء" تكون بمثابة دليل بشأن الاستقلال. 

وحذرت الورقة من أن نجاح أي إعلان منفرد سيعتمد على إمكانية إدارة الجمهورية الجديدة بشكل فاعل. 

- "خدعوا الناس" -من جهتها، أشارت المحللة السياسية ساندرا ليون التي تُدرس في "جامعة يورك الانكليزية" إلى أنه بعيدا عن التركيز على جمهورية جديدة، يتطلع الانفصاليون في كاتالونيا الآن إلى الانتخابات. 

وقالت "سيحاول الجميع التوسع في تفاصيل قصة تروي ما حصل بطريقة يرون أنها ستكون مفيدة بالنسبة إليهم". وأكدت "كان هناك إعلان استقلال بنى كثيرون آمالهم عليه وفجأة، بعد أيام من حدوثه، لا يوجد شيء واضح". 

واتهم رئيس كاتالونيا الاشتراكي السابق خوسيه مونتيا الثلاثاء القوميين بالكذب. 

وقال للتلفزيون الكاتالوني "لقد خدعوا الناس وباعوهم شيئا كانوا يعلمون أنه كذبة وغير ممكن". 

وتساءل "لماذا لا يواجهون العواقب؟ أين هم ممثلو الجمهورية الكاتالونية الآن؟"