يحمل حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي للمصريين كل المحبة والود، لأنه أقام فيها خلال فترة شبابه، عندما درس علوم الزراعة في جامعة القاهرة، لكن قصته القديمة مع حارس العقار الذي كان يقيم فيه أثارت الكثير من الإعجاب.

إيلاف من القاهرة: لا يترك حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي فرصة إلا أشاد فيها بمصر والمصريين، بسبب حبه الشديد لهم، لاسيما أنه قضى في القاهرة فترة شبابه، عندما كان طالبًا في كلية الزراعة جامعة القاهرة.

وتأكيدًا على حبه لمصر وجيشها، قال القاسمي في كلمته له أثناء منحه الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة في مايو 2015، إنه سجل نفسه للتطوع في الجيش المصري أثناء العدوان الإسرائيلي عليها في العام 1967، مشيرًا إلى أنه تم رفض طلبه، لكنه أصر على الالتحاق بالجيش المصري، وقال: "قلت لهم خدوني أنا أعرف أقود شاحنات لوري، أنا أجيد إطلاق النار".

وأضاف وسط تصفيق حاد من الحاضرين: "أنا أعرف أمسح جزم (أحذية)، عايز (أريد) أمسح جزمة الجندي المصري"، مشيرًا إلى أنهم اضطروا إلى قبول تطوعه في النهاية.

غير أن قصته مع حارس العقار الذي كان يقيم به في حي الدقي بالقاهرة، عجيبة جدًا، وصارت مضربًا للمثل في الوفاء، لاسيما أن الرجل المصري أقرض القاسمي مبلغ 300 جنيه، عندما كان طالبًا في كلية الزراعة، ومر بضائقة مالية.

وحاول القاسمي رد الجميل إلى حارس العقار الذي يدعى إبراهيم علي حسن، على مدار سنوات طويلة، إلى أن وجد أنه يريد إقامة جمعية خيرية في بلدته، فتبرع بتكاليف البناء، ووقف إلى جواره في محنة صحية ألمت به.

ويروي المواطن المصري، إبراهيم على حسن حارس العقار، الذي كان يقيم فيه الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة بالدقي، تفاصيل الواقعة. وقال لـ"إيلاف" إن الشيخ سلطان أتاه في الستينيات من القرن الماضي يطلب منه السكن بالعقار، مشيرًا إلى أنه رفض لأنه كان شابًا أعزب وغير مسموح للشباب العزاب بالإقامة في العقار الذي تسكنه أسر، إلا أن القاسمي أصر على السكن لثقته في احترام العقار والقاطنين فيه.

وأضاف أنه وافق على الإقامة في العقار، مشيرًا إلى أن القاسمي كان على خلق ويشهد له الجميع بحسن السلوك طيلة فترة إقامته في مصر.

وروى الحاج إبراهيم، أن القاسمي كان معطاءً، مشيرًا إلى أن أحد المحتاجين الذين كان القاسمي يحسن إليهم بالصدقات، بمجرد وصول مصروفه الشهري من الإمارات، أخبره أنه لم يمنحه شيئًا هذا الشهر.

وأضاف أنه باع ذهب زوجته وبناته ليوفر مبلغاً من المال كان حاكم الشارقة في حاجة إليه وهو 300 جنيه، موضحًا أنه ركب معه المصعد، ووضع الأموال في جيبه، قائلًا له إن هذا المبلغ على سبيل الأمانة، حتى ترسل له أسرته مصروفه الشهري.

وأشار إلى أنه نسى الموقف، لكن الشيخ القاسمي لم ينسَه، ودعاه إلى قصره عندما وصل إلى حكم الشارقة، واستقبله على باب القصر، كما يستقبل كبار المسؤولين، مشيرًا إلى أنه اندهش من الحفاوة وحسن الاستقبال، فرد عليه القاسمي قائلًا: أحسنتم استقبالنا، أفلا نحسن نحن استقبالكم، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان".

ولفت حارس العقار إلى أن حاكم الشارقة أقام في العقار لمدة أربع سنوات، مشيرًا إلى أنه لم يرَ منه إلا كل ما يرضي الله. وقال: إنه نشأ في ظل الله، وسوف يظله الله بظله لأنه لم تفته صلوات الجماعة ولا الجمعة، ولم أرَ منه خطأ واحدًا، وهو متواضع للدرجة التي جعلته يزور الطباخة الخاصة به في محل إقامتها بعزبة الهجانة رغم التحذيرات من الخطورة الأمنية في المنطقة على حياته".

وتابع الحاج إبراهيم رواية قصته مع حاكم الشارقة: "الشيخ القاسمي زاره هو أيضًا في منزله 3 مرات، وبمجرد أنه علم أنني تعرضت لظروف صحية، أرسل له مبلغًا كافيًا، وأغاثني فورًا، وتكفل بإنشاء مقر لرابطة عائلته في أسوان.

وأوضح أن الشيخ القاسمي تبرع لبناء مسجد في كل قرية سقط فيها شهيد من جنود الجيش المصري، الذين قتلوا خلال إفطارهم خلال شهر رمضان، مشيرًا إلى أن "ذلك ردًا للجميل الذي رآه من المصريين أثناء إقامته في مصر".