تشكل تجارة البشر واحدًا من أهم مصادر التمويل لتنظيم داعش، ويروي الكثير من الفارين من بين أيدي التنظيم، لاسيما الفتيات صغيرات السن من الإيزيديات أنهن عرضن للبيع بأبخس الأثمان بهدف الخدمة أو ممارسة الجنس.

إيلاف من القاهرة: قالت شبكة "سي إن إن" الأميركية إنها حصلت على مقاطع فيديو مصورة بطريقة سرية، تظهر سوقاً لبيع البشر في مزاد علني لبيع المهاجرين، للعمل في المزارع، مشيرة إلى أن المقطع جرى تصويره في ليبيا في شهر أغسطس الماضي، في مكان غير معروف.

ويظهر مقطع الفيديو مجموعة من المواطنين الأفارقة، وهم في سوق، بينما يتحدث شخص آخر باللغة العربية، ويعرضهم للبيع، ويقول إنهم أقوياء للعمل في الزراعة، ويبدأ المزاد بـ700 دينار ليبي.

وكشف المقطع المصور أن عملية التجارة أنجزت في دقائق قليلة، وبيع شخصين بـ1200 دينار ليبي، أي 400 دولار أميركي، ويتم هذا وسط أجواء طبيعية وكأن سكان هذه المنطقة اعتادوا هذا المشهد.

ويظهر في الفيديو شخص آخر يستعرض مجموعة من الأفارقة، ويسأل عن الشباب القادمين من النيجر، فيرد شخص آخر، إنهم بيعوا جميعهم.

تعذيب شديد

وحسب التحقيق، فإن صحافيي شبكة "سي إن إن" سافروا إلى ليبيا، ودخلوا طرابلس، وعلموا أن هذه المزادات تتم بمعدل مرة أو مرتين شهريًا في بلدات تابعة للعاصمة طرابلس.

وأشارت الصحافية التي أعدت التحقيق، وهي من أصول أفريقية، إلى أنها ذهبت إلى إحدى القرى في أطراف طرابلس، ودخلت إلى أحد المنازل الذي تجرى فيه عمليات البيع تحت جنح الظلام.

ولفتت إلى أن هناك مزادين عقدا في الوقت نفسه، واستطاعت تصوير واحد منها، وبدأ المزاد بـ 500 دينار ليبي، ثم ارتفع السعر إلى 550 دينارًا، وانتهى إلى 700 دينار، وتم بيع أحد الرجال.

وأضافت أن صاحب المزاد رفض الحديث معهم، والتقطت له صوراً خلسة، مشيرة إلى أن هذا المزاد شهد بيع 12 شخصًا نيجيريًا.

وانتقلت الشبكة إلى مركز السكة لإيواء المهاجرين في طرابلس في شهر أكتوبر الماضي، وهناك يجتمع الآلاف ممن حاولوا الهجرة عبر البحر إلى أوروبا، من نيجيريا والنيجير ومالي وغانا.

وقالت إنهم يعرضون للبيع، مقابل سداد ديونهم للمهربين، أو في ظل عدم قدرتهم على الوفاء بأموال للمهربين.

وقال أحدهم إن المهاجرين يتعرضون للتعذيب الشديد والبشع، ومنها إدخال آلات حادة في فتحة الشرج. وكشف بعضهم في مركز الإيواء أنهم تعرضوا لبيع في سوق البشر. وقال أحدهم إنه تم بيعه.

مصير مجهول

وسلطت شبكة سي إن إن الضوء على شاب نيجيري يبلغ من العمر 21 عاماً، ويدعى" فيكتوري". كشف معاناة بقوله، إنه هرب من الفساد في نيجيريا، واقترضت أمه الأموال ليسافر إلى أوروبا لتحقيق حلمه، مشيرًا إلى أنه في ظل محاربة الاتحاد الأوروبي للهجرة غير القانونية وإعادة المهاجرين إلى ليبيا، وجد فيكتوري نفسه عالقاً في أحد مراكز الاحتجاز وسط ظروف إنسانية قاتمة، على حد قوله.

وأضاف فكتوري أن معظم المهاجرين في ليبيا يتعرضون من قبل مهربي البشر لكافة أشكال التعذيب الجسدي والنفسي.

ويبقى مصير هؤلاء المهاجرين مجهولاً، فإما أن يموت المهاجر مرة في عرض البحر، أو يموت أكثر من مرة على الأراضي الليبية.

وذكرت "سي أن أن" أنها سلمت الأدلة التي صورتها إلى السلطات الليبية التي وعدت بالتحقيق في الأمر.

وحسب إحصائيات الاتحاد الأوروبي، فإن عشرات آلاف المهاجرين سنوياً يعبرون الحدود من دول جنوب الصحراء إلى ليبيا، لينطلقوا منها عبر القوارب إلى السواحل الإيطالية، لكن الحملة الأخيرة لخفر السواحل الليبي بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، اعترضت عمليات المهربين.

واستطاع أكثر من 100 ألف مهاجر الدخول إلى أراضي الاتحاد الأوروبي عبر مياه البحر المتوسط منذ بداية العام الجاري، حسب معطيات منظمة الهجرة العالمية، واستضافت إيطاليا 85% منهم، الأمر الذي أعاد مسألة الهجرة غير الشرعية إلى المربع الأول في الأجندة الأوروبية.

وبينما تقلص عدد القوارب في المتوسط، زاد عدد المهاجرين في مخازن المهربين، ليبدأ هؤلاء معاملة المهاجرين كسلع تباع وتشترى، بعد أن فشلوا في التربح منهم كركاب على قوارب الموت.