بروكسل: أوصت النيابة العامة في بلجيكا الجمعة بتنفيذ مذكرة التوقيف التي أصدرتها اسبانيا بحق رئيس كاتالونيا المُقال في حين قالت مدريد انها ستلتزم بقرار القضاء البلجيكي بحق كارليس بوتشيمون المتهم بالعصيان والتمرد والذي يقيم في بروكسل.

وخلال الجلسة "الهادئة تماماً" طلبت النيابة تنفيذ مذكرة مدريد لكنها اعربت عن تحفظاتها حول طريقة توصيف القضاء الاسباني للمخالفات التي ارتكبوها، وفق ما قال محاميهم كريستوف مارشان.

وطلب منهم المثول مجددا أمام القضاء البلجيكي في الرابع من كانون الأول/ديسمبر.

ومثل بوتشيمون وأربعة أعضاء سابقين في الحكومة الاقليمية المُقالة بعد ظهر الجمعة أمام القضاء البلجيكي في قصر العدل في بروكسل بعد ان تفادوا المرور أمام حشد المصورين وعدسات الكاميرات التي كانت تنتظرهم أمامه.

ويرفض هؤلاء المثول أمام القضاء الاسباني الذي يريد توجيه تهم "العصيان" و"التمرد" اليهم لاعلانهم استقلال الاقليم بعد اجراء استفتاء تقرير المصير في الأول من تشرين الأول/أكتوبر.

وأكد رئيس الحكومة الاسبانية ماريانو راخوي الجمعة أنه سيلتزم بقرار القضاء البلجيكي بشأن مذكرة التوقيف الاوروبية بحق بوتشيمون.

وصرّح المحامي مارشان أمام الصحافيين أن "المدعي العام طلب تنفيذ مذكرة التوقيف الاوروبية" أمام القاضي. وأضاف ان "النائب العام رأى خلافا لما ورد في المذكرة، ان الافعال (المنسوبة لهم) لا تعد فسادا".

وأشار الى أن وكلاء الدفاع "سيرافعون في الرابع من كانون الأول/ديسمبر".

وعقدت الجلسة المغلقة أمام غرفة مجلس محكمة بروكسل الناطقة باللغة الهولندية.

وقد لجأ بوتشيمون ووزراؤه الأربعة الى العاصمة البلجيكية بعد إخضاع اقليم كاتالونيا لوصاية مدريد واقالة حكومته وحلّ برلمانه، جراء اعلان استقلال أحادي الجانب في 27 تشرين الأول/أكتوبر.

ويريد هؤلاء تفادي المثول أمام القضاء الاسباني فيما وُجهت التهم الى ثمانية أعضاء سابقين في الحكومة الكاتالونية المُقالة وتم توقيفهم احترازيا.

وينوي محاموهم استنفاد كل الوسائل الممكنة، في الاستئناف كما في التمييز في حال وافقت المحكمة البلجيكية على طلب مدريد تسليمهم.

وعشية انعقاد الجلسة، لبى بوتشيمون والمستشارون-الوزراء السابقين دعوة النائب القومي الفلمنكي لوران باريس الى العشاء، وفق ما ظهر في صورة نشرها الأخير على حسابه على موقع "تويتر".

ولم يخف عدد كبير من النواب والمسؤولين القوميين الفلمنكيين ومن بينهم وجوه كبيرة في الحزب مثل وزير الداخلية جان جامبون، تأييدهم للانفصاليين الكاتالونيين منذ الاستفتاء الذي حظرته مدريد.

وأحرج هذا الأمر الحكومة البلجيكية برئاسة شارل ميشال لأن الحزب القومي الفلمنكي هو أحد أركان الائتلاف الحاكم.

وفي محاولة لتبديد التوتر بين بروكسل ومدريد، تبادل رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال ونظيره الاسباني ماريانو راخوي ابتسامات عريضة الجمعة خلال لقاء ثنائي جمعهما على هامش قمة أوروبية في مدينة غوتنبرغ السويدية.

- حتى 30 عاما من السجن -

سلم بوتشيمون ورفاقه في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر أنفسهم الى الشرطة البلجيكية، ثم أفرج قاضي التحقيق عنهم مع اجبارهم على البقاء في عنوان محدد في بلجيكا والمثول "شخصيا" عند كل استدعاء من قبل القضاء والشرطة.

وأنشأ الاتحاد الاوروبي مذكرة التوقيف الاوروبية عام 2002 وأدرجت في القانون البلجيكي في السنة التالية، لتسهيل تسليم الأشخاص بين الدول الأعضاء في الاتحاد من دون تدخل السلطة السياسية.

ويرى خبراء في القانون أن حالات رفض تنفيذ المذكرات الاوروبية نادرة جدا لأن هذه الآلية ترتكز على مبدأ "الثقة المتبادلة" بين سلطات قضائية تعتبر مقربة.

لكن المحامين يقولون إن في حالة الانفصاليين الكاتالونيين الخمسة، "الثقة" غير موجودة.

واعتبر محامي أحد الوزراء ميشال هيرش وزميله كريستوف مارشان في حديث لفرانس برس "إنها مذكرة توقيف أوروبية غير اعتيادية (...) ليس هناك ذكر لأي فعل جرمي في ما يخص أي منهم".

وقال المحاميان إن الملاحقات القضائية تهدف الى قمع "آلية سياسية حصلت بهدوء فيما نواياها لم تكن مبيتة. حصلت دعوة لاجراء استفتاء، ولم يقل أحد للمواطنين ’احملوا السلاح’".

وتتم ملاحقة الانفصاليين الخمسة خصوصا بتهمة "التمرد" و"العصيان" و"الاختلاس". وتصل عقوبة جريمة التمرد الى السجن لمدة أقصاها 30 عاما في اسبانيا.

وسيجعل وجود بوتشيمون في بلجيكا حملة الانتخابات الاقليمية المرتقبة في 21 كانون الأول/ديسمبر في كاتالونيا، غير اعتيادية.

وأعلن الرئيس المُقال أنه مرشح على رأس لائحة "شاملة" مدعومة من حزبه المحافظ، الحزب الديموقراطي الأوروبي الكاتالوني.

ويأتي الموعد الأول أمام القضاء البلجيكي الجمعة في اليوم الذي من المفترض أن يقدم المرشحون رسميا طلبات ترشحهم.