«إيلاف» من الرباط: توّج المؤتمر الأول الذي نظمته الأقليات الدينية بالمغرب أمس السبت بالرباط بإصدار بيان ختامي أطلقت عليه اسم"إعلان الرباط"، في خطوة منها للمطالبة بشكل قانوني بضرورة الاستجابة الفورية لمطالبها الخاصة بممارسة حرياتها الدينية بشكل علني إسوة ببقية المواطنين.
أساليب سلطوية
و حذر الاعلان الدولة المغربية مما وصفه بـ" الاختلالات والاساليب السلطوية"، التي تمارسها بحقهم، فضلاً عن تهربها من الاستجابة لمطالبهم، مما يؤثر بشكل سلبي على صورة البلد كمثال يرعى الحقوق، و ينادي بالتعايش والتسامح بين أبناء الوطن الواحد.
وطالب "إعلان الرباط" جميع القوى المجتمعية بالانخراط في مواجهة الانتهاكات التي تقترفها السلطات بحق هذه الأقليات، مما يحول دون ممارستها لشعائرها الدينية بشكل علني وبحرية تامة، لتضطر إلى التواري عن الأنظار والتعبد في المنازل عوض الوجود بالكنائس ودور العبادة، فضلا عن القمع الممنهج الذي تتعرض له، والذي يتمثل في التضييق عليها بمنعها من الاحتفال بأعياد ميلاد الأنبياء في قاعات الحفلات العمومية والمنازل الخاصة ، وتنفيذ محاكمات ضدهم وحرمانهم من ممارسة الشعائرالدينية ومن حقوقهم في تأسيس الجمعيات والتجمع.
و شدد الإعلان على الحاجة الملحة إلى رصد وتتبع وضعية الأقليات الدينية في المغرب والعمل على إنجاز تقارير حقوقية ميدانية، مستقلة عن الجهات المعادية للأقليات، من أجل الحصول على صورة واضحة تبين الوضعية التي تعيشها والإكراهات التي تعترضها خلال حياتها اليومية.
و اعتبر المصدر ذاته أن النخب المغربية تتحمل مسؤولية جادة في مواجهة التطرف العنيف الذي يلحق بالأقليات الدينية المغربية، في غياب نص قانوني يضمن الحماية القانونية للمغاربة المختلفين في الدين وحمايتهم من العنف الذي يمارس ضدهم.
في نفس السياق، أبدت الأقليات الدينية التزامها بالعمل على إعداد أرضية مناسبة لتأسيس تنظيم قانوني كفيل باحتضان ممثلي الأقليات الدينية وطرح ملفاتهم الحقوقية وإحياء النقاش المجتمعي المعرفي والعلمي والحقوقي"، في إطار مكافحة جميع أشكال التمييز ضدها وطرح ملفاتها الحقوقية في مختلف المناسبات الوطنية والعالمية المعنية بقضاياها، حتى بلوغ الأهداف المتعلقة بالحقوق والحريات الدينية.

حضور باهت

واقتصر المؤتمر الذي شهد حضورًا باهتًا للمدعوين من الحضور و الأقليات الدينية بالمغرب مشاركة محمد أكديد، وهو شيعي مغربي وباحث في المذاهب الإسلامية، و محمد سعيد وشعيب فاتحي ممثلين عن المسيحيين المغاربة، وجواد الحامدي، منسق اللجنة الوطنية للأقليات المغربية، إضافة إلى علي العلام، معتقل سابق في ملف السلفية الجهادية، وحقوقيين مغاربة للحديث عن القضية، فيما سجل غياب ممثلين عن الطائفة الأحمدية والديانتين البهائية واليهودية، و كذا أكاديميين ومثقفين مغاربة كان من المنتظر أن يحضروا للمشاركة بآرائهم في الموضوع، أمثال الباحث والأستاذ الجامعي،محمد ضريف، والباحث المغربي الشيعي ، إدريس هاني، ورشيد أيلال، مؤلف كتاب “صحيح البخاري نهاية أسطورة”، والمفكرالمغربي، سعيد ناشيد، والباحث الأكاديمي والأستاذ بجامعة المحمدية، عز الدين العلام، وممثل الأحمدية، عصام العراقي.
وتضمن المؤتمر جلسة واحدة تحدث من خلالها المشاركون عن المشاكل التي تعترض هذه الأقليات، بدل تنظيم ثلاث جلسات كما كانت مقررة حول مواضيع: سؤال الأقليات أم سؤال الاختلاف؟، مسألة الاختلاف: حوار الثقافات أم صدام الثقافات؟ و المواثيق الدولية لحقوق الإنسان: دعامة أساسية للحريات الدينية.
إنزال أمني مكثف
الجدير بالذكر أن واجهة مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الذي احتضن تنظيم المؤتمر شهدت إنزالا أمنيا مكثفا أمس لرجال الأمن بالزي المدني، و هو ما اعتبره جواد الحامدي سببا رئيسيا في غياب البعض بشكل قسري، ممن فضلوا عدم ولوج قاعة المؤتمر والعودة بفعل إجراء تهديدي يستهدف المنخرطين في أشغال المؤتمر.
وقال الحامدي في تدوينة له عبر صفحته بـ"فيسبوك" تلت اختتام المؤتمر" إننا نستنكر المراقبة الأمنية المكشوفة ورفع حالة التأهب الأمني بنشر عدد من الأمنيين الذين كانوا يتحركون مشيًا بالأقدام والسيارات ، والذى صاحبه التشدد في المراقبة الثابتة والمتحركة، ونعتبرها تهديدا وترهيبا لنا واستهدافا للنشطاء المشاركين في المؤتمر، وتعبيرا من السلطات المغربية عن غياب إرادة سياسية للاعتراف بالأقليات وحمايتها، والاستجابة لمطالبها المشروعة ورفع الظلم والرقابة الأمنية عليها.
واعتبر الحامدي أن وضع الأقليات كنشطاء حقوق الأقليات الدينية، وقيادات التنظيمات الحقوقية تحت المراقبة الدائمة أوالمتقطعة يعد انتهاكا صريحا للقانون، وتجنيا على حرية الأفراد وحقوقهم ، واستنكر إقدام أجهزة أمن السلطة المغربية بالرباط على ملاحقة النشطاء المطالبين بحقوق وحريات الأقليات الدينية قبل بداية أشغال المؤتمر وبعد نهايتها بسبب أنشطة وتوصيات تنتقد إجراءات سلطوية.