دقت المفوضية العراقية العليا لحقوق الانسان اليوم جرس الإنذار من مخاطر تزايد حالات التحرش الجنسي في مخيمات النازحين الهاربين من المعارك مع تنظيم داعش.. فيما تم إطلاق تحذير من كارثة صحية تهدد حياتهم بمحافظة الانبار الغربية بحوالي 86 مخيمًا.

وحذرت وحدة الجميلي المفوض في المفوضية العليا لحقوق الانسان الأحد من ازدياد ظاهرة التحرش الجنسي بالفتيات والأطفال في مخيمات النازحين. واكدت ان "ظاهرة التحرش الجنسي بالفتيات والأطفال في مخيمات النازحين باتت ظاهرة متفشية رغم من أن معظمهم من بيئة محافظة".

وأضافت أن "الفتيات يصعب عليهنّ البوح بشخص من يتعرض لهن، وهن في طريقهن للمدرسة أو الى الأسواق، خوفاً من عوائلهن أو خوفاً من عائلة المتحرش". وكشفت الجميلي في بيان صحافي تسلمت "إيلاف" نسخة منه عن ان سبب لجوء بعض الشباب الطائش والمنحرف إلى التحرش هو العوز والفقر والبطالة والفراغ العاطفي.

ودعت الجميلي الحكومة الى الاسراع باعادة النازحين الى مناطقهم وتوفير التدابير الأمنية والحياتية اللازمة لحياتهم كون ذلك هو الحل الوحيد للحفاظ على كرامة العوائل العراقية ومنعاً من تفشي الظواهر السلبية بين أفراد المجتمع العراقي والتي بدأت بالتزايد ليس فقط في مجتمع النازحين وانما اتسعت على نطاق واسع وأصبحت تشكل منعطفاً خطيراً في ثقافة المجتمع العراقي المتحفظ بحسب تأكيدها. 

يذكر ان هناك حوالي مليونين ونصف المليون نازح عراقي لايزالون يعيشون في خيام بمخيمات سيئة التجهيز والاعداد، حيث كان حوالي مليوني نازح آخر قد اعيدوا الى مناطقهم خلال الاشهر الاخيرة رغم الظروف الصعبة فيها من ناحية نقص الخدمات وتدمير البنى التحتية فيها جراء العمليات العسكرية التي شهدتها لتحريرها من سيطرة تنظيم داعش.

وتشير تقارير عراقية الى اتساع ظاهرة التحرش الجنسي الذي تتعرض له المرأة بشكل عام سواء كانت موظفة أو عاملة في القطاع الخاص أو طالبة أو عابرة سبيل في الأسواق التجارية أو حتى مراجعة لإحدى ادارات الدولة، حيث يتم التحرش بها قبل إكمال معاملاتها.

وكانت الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحافيين قد نظمت ندوة عن ظاهرة التحرش بالصحافيات، حيث تبين أن الصحافيات يتعرضن للتحرش مرتين، الأولى داخل مؤسستها الإعلامية والأخرى من المسؤولين الذين تلتقي معهم لإجراء حوار او لقاء.

ويعزو مختصون عراقيون ظاهرة اتساع التحرش الجنسي الى ضعف القوانين، حيث أن مؤسسة تومسن رويترز الخيرية كانت قد اعتبرت عام 2015 العراق ثاني أسوأ مكان في العالم العربي يمكن ان تعيش فيه المرأة .

وتشير المعلومات الى ان أغلب المتحرشين بالنساء هم من ذوي المناصب الأعلى والأرفع، حيث أجرت منظمة بوينت المتخصصة باستطلاعات الرأي والدراسات الاستراتيجية استطلاعاً شمل خمس مدن عراقية أظهر ان 73% من المشاركات وعددهن 500 امرأة من جميع الأعمار تعرضن فعلاً إلى التحرش الجنسي ضمن نطاق وظائفهن. 

وأشارت النتائج الى نحو 75% من اللواتي تعرضن للتحرش لم يخبرن أحداً عن تعرضهن له، لكن المتعرضات يواجهن المتحرش بنسبة 68% وان 58% لا يهتمن للتحرش، الأدهى من ذلك أن 85.1 في المائة من المشاركات يعتقدن بأن القانون لن ينصفهن، بينما يُسبب لهن الفضيحة اذا قدمن شكوى.

وتشير مؤسسات نسوية عراقية الى أن التحرش الجنسي كظاهرة تفاقمت حدتها بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية ودخول التكنولوجيا الحديثة كالانترنت والموبايل فضلاً عن قصور القوانين التي تحــد من الظاهرة كما أن دراستها في العراق تواجه صعوبات لعدم وجود إحصائيات لا سيما وأن معظم ضحايا التحرش لا يقدمن بلاغات للجهات الأمنية المعنية خوفاً من محاسبة المجتمع للضحية وليس المجرم ووصمها بالقصور والعــار.

كارثة صحية تهدد 86 مخيمًا للنازحين 

ومن جهة اخرى، حذر نائب عن محافظة الأنبار الغربية من حصول كارثة صحية تهدد حياة النازحين بحوالي 86 مخيما.

واكد رئيس حزب التصحيح الوطني كامل الدليمي ان الاوضاع في 86 مخيم للنازحين في محافظة الأنبار تنذر بوقوع كارثة صحية تهدد حياتهم كاشفا عن وجود حوالي 8600 منزل مدمر بالكامل في مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار جراء الحرب مع تنظيم داعش .. موضحا في تصريح صحافي اطلعت عليه "إيلاف" أن ما ينذر بحصول الكارثة الإنسانية جراء النزوح السكاني الكبير والمستمر هي قلة التخصيصات المالية .

ودعا الدليمي الحكومة العراقية الى تخصيص الأموال من صندوق دعم المحافظات المتضررة لبناء بيوت واطئة التكلفة وإعادة تأهيل المشاريع الخدمية لضمان عودة النازحين لمناطقهم . واشار الى ان الحرب طوال السنوات الماضية مع تنظيم داعش أسفرت عن 119 حالة بتر للاطراف بين مدنيي المحافظة، مطالباً الحكومة والجهات المعنية بالالتفات للحالات الانسانية في محافظة الأنبار.

وفر الآلاف من سكان محافظة الأنبار نحو مخيمات النازحين منذ احتلال عناصر داعش لمدنهم حيث يعانون منذ عام 2014 ظروفاً قاسية مع حلول فصل الشتاء وانعدام الادوية والطعام.

ومن جهته، اشار الأمين العام لمجلس الوزراء العراقي مهدي العلاق الى أن السلطات نجحت بإعادة قرابة 2.5 مليون نازح الى المناطق المحررة رغم المخاوف التي راودت تلك العوائل، وقال ان الحكومة تعمل بجهد استثنائي لإعادة الاستقرار لتلك المناطق وتوفير فرص العمل من خلال إطلاق القروض الميسرة للمشاريع الصغيرة لأبناء تلك المناطق.

وقال العلاق في بيان صحافي اليوم تابعته "إيلاف"، إن من اكبر التحديات التي تواجه الحكومة العراقية بعد الانتصار المتحقق على تنظيم داعش هي مرحلة إعادة الإعمار وتوفير الاستقرار للمدن المحررة.

وكان العراق اعلن الجمعة الماضي عن انتهاء وجود تنظيم داعش عسكريا في البلاد بعد ثلاث سنوات من احتلاله لثلث مساحة العراق، وذلك بعد ان استطاعت قواته وبعد ساعات من المعارك من تحرير قضاء راوة بمحافظة الانبار غرب البلاد بالقرب من الحدود مع سوريا بالكامل ورفع الاعلام العراقية على مبانيه، وهو آخر معاقل داعش في البلاد.