«إيلاف» من لندن: مهدت المحكمة الاتحادية العراقية العليا اليوم الطريق امام سلطات اقليم كردستان بالخروج من الازمة مع الحكومة المركزية مع الحفاظ على ماء الوجه والاعلان بالتزامها بقرار المحكمة بعدم دستورية الاستفتاء على الانفصال الذي نظمته في 25 سبتمبر ايلول الماضي والغاء نتائجه.

وفي حكم لها الاثنين فقد افتت المحكمة الاتحادية العليا "بعدم دستورية الاستفتاء الذي جرى يوم 25 ايلول سبتمبر 2017 في اقليم كردستان وبقية المناطق خارجه والغاء الاثار والنتائج كافة المترتبة عليه" كما قالت .. مشيرة الى انها حملت رئيس الاقليم مسعود بارزاني ورئيس الحكومة المحلية لمحافظة كركوك ومحافظها السابقين المصاريف واتعاب المحاماة في الدعاوى الاربع المقامة ضد هؤلاء الثلاثة.

والمحكمة مسؤولة عن الفصل في النزاعات بين الحكومة المركزية والمناطق العراقية بما فيها كردستان.

الحكم بالغاء الاستفتاء وتحميل بارزاني مصاريف المحكمة واتعاب المحامين
وقال المتحدث الرسمي بأسم المحكمة إياس الساموك إن "المحكمة الاتحادية العليا عقدت جلستها اليوم برئاسة القاضي مدحت المحمود وحضور الاعضاء كافة ونظرت في دعاوى الطعن بعدم دستورية الاستفتاء الجاري يوم 25 ايلول الماضي في اقليم كردستان وبقية المناطق خارجه".

واضاف ان "قرار المحكمة افاد بأن المدعى عليه رئيس إقليم كردستان عند توليه رئاسة الإقليم قد أصدر إضافة لوظيفته الأمر الإقليمي المرقم (106) في يوم 9/6/2017 والذي أعلنه إعلامياً رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان وأيده المدعى عليهما رئيس مجلس محافظة كركوك ومحافظ كركوك إضافة لوظيفتيهما".

وأوضح المتحدث الرسمي ان "المحكمة ذكرت أن الأمر الإقليمي المشار إليه وقد تضمن إجراء الاستفتاء يوم 25/9/2017 في إقليم كردستان والمناطق الأخرى خارج الإقليم التي شمّلت بالاستفتاء وقد جاء الاستفتاء للمشمولين به بسؤال واحد ونصه (هل توافق على استقلال إقليم كردستان والمناطق الكردستانية خارج إدارة الإقليم وإنشاء دولة مستقلة)".

وأكد أن "المحكمة وجدت وبالهدف الذي سعى إليه والغرض الذي اجري من اجله الاستفتاء وهو استقلال إقليم كردستان والمناطق المشمولة بالاستفتاء خارج الإقليم عن العراق وإنشاء دولة مستقلة خارج النظام الاتحادي لجمهورية العراق , الذي نصت عليه المادة (116) من الدستور والمتكون من العاصمة والأقاليم والمحافظات اللامركزية والإدارات المحلية".

واشار إلى أن "الأمر الإقليمي المنوه عنه آنفاً وفقا لقرار المحكمة وإجراء الاستفتاء بناء عليه يتعارض ويخالف أحكام المادة (1) من الدستور والتي تنص على (جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة , نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق)".

واوضح المتحدث الرسمي أن "هذه المادة التي تصدرت الدستور بعد ديباجته كانت المحكمة الاتحادية العليا قد تولت تفسيرها بالقرار الصادر عنها بتأريخ 6/11/2017 وبعدد (122/اتحادية/2017) والذي خلصت فيه إلى أن دستور جمهورية العراق لسنة 2005 لا يجيز انفصال أي مكون من مكونات نظامه الاتحادي الوارد ذكره في المادة (116) من الدستور , والذي ألزمت المادة (109) منه السلطات الاتحادية الثلاث المنصوص عليها في المادة (47) من الدستور وهي السلطات , وحسب ورودها تراتيبياً في هذه المادة , السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية وذلك بالمحافظة على وحدة العراق وسلامته واستقلاله وسيادته ونظامه الديمقراطي الاتحادي".

وتابع الساموك قائلا أنه "وبناء عليه فأن حكم المحكمة أكد أن الاستفتاء الذي اجري في يوم 25/9/2017 في إقليم كردستان وفي المناطق الأخرى خارجه ووفقاً للهدف الذي اجري من اجل تحقيقه وهو استقلال اقليم كردستان والمناطق الأخرى خارجه التي شمّلت بالاستفتاء, لا سند له من الدستور ومخالف لأحكامه عليه واستناداً إلى أحكام الفقرة (ثالثاً) من المادة (93) من الدستور قرر الحكم بعدم دستورية الاستفتاء الجاري يوم 25/9/2017 في إقليم كردستان وفي المناطق الأخرى التي شمّلت به وإلغاء الآثار والنتائج كافة المترتبة عليه".

وشدد على أن "قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات الكافة استناداً إلى المادة 94 من الدستور".

واوضح نص قرار المحكمة الى ان هذا الحكم جاء بعد مناقشات لاربع دعاوى رفعها نواب عراقيون ضد رئيس الاقليم مسعود بارزاني وضد رئيس الحكومة المحلية لمحافظة كركوك وضد محافظها مشيرا الى ان الحكم قد حمل هؤلاء الثلاثة مصاريف واتعاب المحاماة البالغة 100 الف دينار عراقي (حوالي 10 دولارات) عن كل دعوى.

قضاة المحكمة الاتحادية العليا في العراق

الاستفتاء تسبب في أزمة سياسية وعسكرية خطيرة

وتسبب الاستفتاء الذي لاقى معارضة دولية واسعة وخاصة من جيران العراق ورفضته الحكومة الاتحادية في بغداد واعتبرته غير دستوري في ازمة سياسية وعسكرية خطيرة بين الجانبين استدعى الدفع بالقوات العسكرية الاتحادية للسيطرة على مدينة كركوك الشمالية الغنية بالنفط ومناطق خارجها سيطر عليها الاكراد منذ سقوط النظام السابق عام 2003 حيث تم اخراج قوات البيشمركة الكردية منها وانهاء سيطرتها عليها.

كما فرضت السلطات العراقية اجراءات حصار على الاقليم باغلاق مطاري السليمانية واربيل الدوليين والسيطرة على المنافذ الحدودية مع تركيا وايران وسوريا التي كانت تابع لسلطات الاقليم اضافة الى وقف اي حوار او اتصال معها وتخفيض حصة الاقليم من الموازنة العامة للبلاد لعام 2018 .

وامس اكد الرئيس العراقي فؤاد معصوم إن استفتاء إقليم كردستان "قد انتهى" مشيرا إلى أن بغداد وأربيل يخوضان حاليا حوارا هادئا لحل كل المشاكل القائمة وهي كثيرة بما فيها ملف المنافذ الحدودية. وقال في مقابلة مع وكالة الانباء الكويتية ان اربيل وبغداد اتفقتا على الالتزام بالدستور وبما ان المحكمة الاتحادية رأت أن هذا الاستفتاء لم يكن دستوريا بل يخالف الدستور ، اذن فقد انتهى الموضوع .
واشار الى ان الجانبين يخوضان حاليا حوارا هادئا لحل كل المشاكل القائم وهي كثيرة بما فيها ملف المنافذ الحدودية ".. مبينا أن الجانبين مصران على انهاء المشاكل بينهما وانه "متفائل بحل الأزمة".
وكانت حكومة كردستان اكدت الثلاثاء الماضي إنها تحترم تفسير المحكمة الاتحادية العليا للمادة الأولى من الدستور في الحفاظ على وحدة العراق وعدم الانفصال عنه داعية إلى أن يكون ذلك أساسا للبدء بحوار وطني شامل لحل الخلافات عن طريق تطبيق جميع المواد الدستورية بأكملها.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا اصدرت قرارا أكدت فيه "عدم وجود نص في الدستور يجيز انفصال أي من مكوناته المنصوص عليها في المادة (116) من الدستور في ظل أحكامه النافذة". 

صورة لقرار الحكم بالغاء استفتاء كردستان ونتائجه