اتفق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إثر قمة عقدت الأربعاء في سوتشي مع نظيريه الإيراني حسن روحاني والتركي رجب أردوغان، على عقد مؤتمر للحكومة والمعارضة السوريتين في روسيا، معتبرًا أنه توجد "فرصة حقيقية" لإنهاء النزاع في سوريا رغم الشكوك التي لا تزال تلف هذه المبادرة.

إيلاف - متابعة: اجتمع بوتين بروحاني وأردوغان في سوتشي في جنوب غرب روسيا بهدف دفع عملية السلام في سوريا، في وقت استعادت فيه الحكومة السورية، بدعم من الجيش الروسي، قسمًا كبيرًا من الأراضي التي كانت تحت سيطرة المجموعات الإسلامية المتطرفة والمعارضة المسلحة.

وكان بوتين كثف قبل القمة اتصالاته الدبلوماسية، حيث استقبل الرئيس السوري بشار الأسد في سوتشي الاثنين في أول رحلة للأسد للخارج منذ 2015 وعقد سلسلة من المباحثات الهاتفية الثلاثاء شملت الرئيس الأميركي دونالد ترمب والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو.

وأكد بوتين إثر اجتماعه بروحاني وأردوغان لنحو ساعتين أن "مرحلة جديدة في تسوية الأزمة (السورية) تبدأ". وشدد الرؤساء الثلاثة على تأييدهم لعقد "مؤتمر للحوار الوطني في سوريا" في سوتشي، تكريسًا لمبادرة روسية أطلقت في نهاية أكتوبر 2017.

ورفضت المعارضة السورية حينها المبادرة، كما انتقدتها دول غربية، بداعي أن أي مباحثات سياسية يجب أن تتم في إطار مفاوضات جنيف التي تنظمها الأمم المتحدة منذ 2014، والتي من المقرر أن تستأنف في 28 نوفمبر الحالي. لكن الرئيس الروسي اعتبر أن اجتماع القوى السياسية سيكون "محفزًا" لمسار جنيف. وسارعت دمشق إلى إعلان تأييدها لعقد هذا المؤتمر الوطني في سوتشي.

ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية قوله مساء الأربعاء: "انطلاقًا من حرص الجمهورية العربية السورية على دعم أي عمل سياسي يحترم سيادة واستقلال ووحدة أراضيها، ويسهم في حقن الدم السوري، ترحّب الحكومة السورية بالبيان الختامي للقمة الثلاثية المنعقدة اليوم في سوتشي".

أردوغان ينتقد المسلحين الأكراد
وتشرف روسيا وإيران، حليفتا النظام السوري، وتركيا، حليفة المعارضة السورية، على مفاوضات أستانة عاصمة كازاخستان، التي أتاحت قيام أربع مناطق "خفض توتر" على الأراضي السورية.&

أتاح قيام هذه المناطق خفض التوتر ميدانيًا بعد جمع ممثلين عن النظام والمعارضة لمناقشة مسائل عسكرية، في حين أن المحادثات السياسية تجري في جنيف، وهي لم تحقق نتيجة تذكر.&

لكن لا تزال هناك شكوك تحوم حول المبادرة الروسية، حيث لم يتم تحديد أي موعد للمؤتمر السوري. كما إن أردوغان بقي على موقفه الرافض لمساهمة المجموعات المسلحة الكردية السورية التي تسيطر على قسم من شمال البلاد، في أية تسوية. وقال أردوغان "لا يمكن أن نعتبر عصابة إرهابية أياديها ملطخة بالدم طرفًا شرعيًا".

من جهة أخرى تجد المعارضة نفسها تحت الضغط لتقديم تنازلات. وبدأت فصائلها الرئيسة الأربعاء في الرياض مباحثات بحضور مبعوث الأمم المتحدة لسوريا ستافان دي ميستورا، الذي أعلن أنه سيزور روسيا الخميس.

تنازلات
شكل التدخل العسكري الروسي في سبتمبر 2015، خصوصًا عبر شن غارات جوية على مواقع تنظيم داعش، منعطفًا في مسار الحرب السورية، التي أوقعت حتى الآن أكثر من 330 ألف قتيل، وملايين اللاجئين والنازحين منذ أكثر من ست سنوات.

وأتاح التدخل الروسي للجيش السوري استعادة مناطق واسعة في سوريا من التنظيم المتطرف، كان آخرها مدينة البوكمال الحدودية مع العراق مساء الأحد. وفي تكريس للموقف القوي للرئيس بشار الأسد، استقبله بوتين الاثنين في إقامته في سوتشي، وعانقه أمام الكاميرات.

وأكد الرئيس الروسي في مستهل القمة الثلاثية الأربعاء على أن "فرصة حقيقية لإنهاء هذه الحرب الأهلية المستمرة لسنوات، تلوح". وأضاف "يعود إلى الشعب السوري أمر تحديد مصيره بنفسه (..) من البديهي أن العملية لن تكون بسيطة، وستتطلب تسويات وتنازلات من كل الأطراف، بما فيها الحكومة السورية".

من جانبه قال روحاني "نرى أفقًا جديدًا لإنهاء الأزمة في سوريا"، مضيفًا "لم تعد هناك ذريعة للإبقاء على وجود عسكري أجنبي على أراضي سوريا من دون موافقة الحكومة الشرعية لهذا البلد". وهو يشير بذلك إلى التحالف الذي تقوده واشنطن، وكان يشن ضربات جوية على المسلحين الجهاديين من دون موافقة سلطات دمشق، بخلاف الروس والإيرانيين.
&