من يريد أن يجيد في أعماله الإبداعية فليختر مقهى فيه ضوضاء أواني إعداد القهوة وماكينات الإسبريسو، فهذه تحفز تفكيره الإبداعي، وتحثه على الابتكار، شرط ألا تزيد عن حدودها المعقولة.


إيلاف من دبي: ثمة من يقول إن مكان العمل، أو حتى المكتب الخاص في المنزل، ليسا الحيز الملائم دائمًا لإنجاز الأعمال التي تستدعي مرانًا ذهنيًا إبداعيًا غير تقليدي، إنما الأكثر ملاءمةً هو التوجه إلى المقهى المفضل، والاستغراق في العمل... على أنغام أباريق القهوة وماكينات الإسبريسو، وتحت تأثير رائحة البن المطحون والهيل.

ليس هذا كلامًا من قبيل المزاح، إنما له سند قوي، حتى أن ثمة موقعًا إلكترونيًا يأتيك بالمقهى إلى منزلك أو مكتبك، لتنعم بالتجربة نفسها، هو موقع coffitivity.com المستوحى من بحوث بينت أن الجو الصاخب قليلًا في المقاهي يُنشئ في الدماغ البشرية خلفية بمستوى الضجيج الملائم لإثارة الملكة الإبداعية في الإنسان. وهكذا، من أراد أن يدخل في هذا الجو طلبًا للشطحات الإبداعية، فهذا الموقع يؤمن له نغمات مسجلة في "الكوفي شوب".

يقول جاستين كوسلير، أحد أعضاء فريق موقع coffitivity.com إن مستوى الإبداع عنده يرتفع كلما جلس في المقهى، "وعندما رفض مديره أن يسمح له بترك المكتب والعمل من الـ "كوفيه شوب"، قرر وصحبه أن يأتي بالـ"كوفي شوب" إلى المنزل.

الضوضاء المحفز

بحثت سلسلة من التجارب في آثر الضوضاء في التفكير الإبداعي. ودعا باحثون أميركيون أفرادًا للمشاركة في جلسات تفكير مشترك للخروج بأفكار إعلانية وترويجية لمنتوجات جديدة، وتعرضوا في هذه الأثناء لمستويات مختلفة من الضوضاء. توصلت هذه البحوث إلى أن النشاط الذهني والأداء الإبداعي يلقيان تحفيزًا من ضوضاء شبيهة بضوضاء المقهى أو من تلفزيون في غرفة مجاورة. إلا أن ارتفاع نسبة هذه الضوضاء أو تسارع وتيرتها، كأن تصدر عن خلاط كهربائي مثلًا، تؤدي إلى تشتت ذهني. 

في ذلك، يقول رافي ميتا، الأستاذ المساعد في إدارة الأعمال في جامعة إلينوي، إن السكون التام يشحذ التركيز، ما يمنع الناس من التفكير في الأمور المجردة، "ولهذا، عندما تركز على مشكلة ما وتعجز عن التوصل إلى حل لها، تتركها قليلًا ثم تعود إليها وفي ذهنك الحل الملائم".

يضيف ميتا: "لا تصح منافع للضجيج المعتدل إلا في الأعمال الإبداعية، بينما ينبغي اللجوء إلى الهدوء التام حين يستدعي العمل المطلوب إنجازه انتباه إلى التفاصيل الدقيقة، كتحرير بحث علمي أو حساب الضرائب".

والرائحة أيضًا

إلى جانب ضوضاء المقاهي، قالت دراسة أخيرًا إن استنشاق رائحة القهوة الساخنة يساعد في تخفيف الشعور بالإجهاد ويشحذ الذهن ويحفزه لحسن تنفيذ أعمال تتطلب مهارات خاصة.

وأظهرت الدراسة التي أجراها فريق في جامعة سيول الوطنية الآتي: "استنشاق رائحة القهوة المحمصة نشّط 11 نوعًا من الجينات ذات التأثير المهم في وظائف المخ لدى الفئران التي تعاني الأرق، وهذه الجينات المنتجة للبروتينات مصحوبة بمضادات الأكسدة الصحية".

وأشار الدكتور بيتر مارتن، مدير معهد دراسات القهوة في جامعة فاندربيلت، إلى أن التجربة تقدم أول مرة الأدلة على إمكانيات نكهة حبوب القهوة في تفعيل الجينات المضادة للأكسدة وتخفيف الإجهاد.

على الرغم من عدم التأكد إذا كان لرائحة القهوة التأثير نفسه على الإنسان، يرى فريق البحث أن تلك الجينات التي تنشط من خلال رائحة القهوة يمكن مقارنتها في كل الأحوال بجينات مماثلة لها لدى الإنسان.​