القاهرة: إشكالية تعيش ألمانيا على وقعها الآن في ظل غموض ما قد يحدث مستقبلاً اثر انهيار محادثات استطلاعية أجريت قبل بضعة أيام في برلين من أجل تشكيل ائتلاف حكومي جديد، لاسيما وأن محللين يرون أن الوقت قد حان بالنسبة للساسة الألمان كي يدركوا ما هي الأشياء التي تقف على المحك بالنسبة لبلدهم ولبقية العالم الغربي.

وانتقد تقرير نشرته بهذا الخصوص مجلة دير شبيغل الألمانية إصرار الغرب في بعض الأحيان على التمسك بوجهة نظره المتعلق بأمور ما، رغم وجود وجهات نظر أخرى من الممكن أن ينصت لها أو يحاول فهم أبعادها، غير أن ذلك لا يحدث، وهو ما يؤثر بطبيعة الحال على الطريقة التي يمكن من خلالها تنظيم المجتمعات البشرية.

وواصل التقرير الحديث عن عديد العثرات التي وقع بها الغرب منذ أحداث ال 11 من سبتمبر عام 2001، بدءً من التدخل عديم الجدوى الذي حدث في كل من العراق، أفغانستان ثم ليبيا وانتهاءً بالأزمة الاقتصادية الذاتية التي وقعت عام 2008، والتي لم تكن كارثة عالمية في واقع الأمر، وإنما كارثة عابرة للمحيط الأطلسي، حيث واصلت حينها الصين، اندونيسيا والهند خطواتها نحو النمو والازدهار.

وتابع التقرير بتأكيده أن الغرب يُظهِر بوضوح للدول غير الديمقراطية منذ سنوات طويلة أن الديمقراطية ربما لم تعد فعالة أو جديرة بالثقة وأنها أضحت شديدة الهشاشة : حيث أدت لتنصيب قادة غير أكفاء مثل دونالد ترامب وأدت إلى حدوث أخطاء فادحة مثل القرار الذي اتخذته بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست".

وأضاف التقرير أن ما ظل واضحاً لفترة طويلة هو أن الديمقراطية تؤتي بثمارها بمعدل بطيء، لكن بات من الظاهر الآن أنها من الممكن أن تتمخض عن أخطاء شنيعة.

ومع هذا، أكد التقرير في السياق عينه أن تلك الأزمة التي نتجت عن انهيار محادثات تشكيل ائتلاف حكومي جديد في ألمانيا قبل أيام ليست أزمة دولة، على الأقل حتى الآن، لكنها أزمة عرضية، ويبدو أن إقامة انتخابات جديدة بشكل سريع ستكون الطريق الوحيد لنزع فتيل تلك الأزمة، على أمل أن تسفر عن آلية حكم واضحة وأن تقود لإحساس أكبر بالحاجة الملحة والمسؤولية في محادثات الائتلاف التالية.

وذلك في واقع الأمر هو الشيء الأكثر إثارة للقلق بشأن الطريقة التي انسحب من خلالها رئيس "الحزب الديمقراطي الحر" كريستيان ليندنر من محادثات تشكيل الائتلاف وبشأن الشكوى المستمرة من المحافظين البافاريين وبشأن المساومة لأسابيع على التفاصيل دون الاكتراث بالصورة الأكبر والشكل الذي يجب أن تُسَيَّر بها الأمور.

وعقدت المجلة في الأخير مقارنة بين النموذج الصيني والنموذج الغربي وكيف استطاعت بكين مواصلة مشوار نموها وإلهامها غيرها من الدول التي تسعى لتقليدها والسير على خطاها، في حين زحفت ملامح الشيخوخة على المجتمعات الغربية، وتمنت المجلة أن ينتبه المسؤولون في برلين لما يحدث حولهم من تطورات وأن يستفيقوا ويدركوا أن هناك أشياء كثيرة تقف على المحك بالنسبة لهم بعد هذا كله.

 

أعدت "إيلاف" المادة نقلاً عن مجلة "دير شبيغل" الألمانية، الرابط الأصلي أدناه:

http://www.spiegel.de/international/germany/german-coalition-talks-against-backdrop-of-history-a-1179807.html