خطا روبرت مولر، المحقق الخاص في التدخل الروسي بالانتخابات الرئاسية الأميركية، خطوات كبيرة في التحقيقات التي يجريها حول إمكانية وجود تواطؤ بين حملة ترمب الانتخابية، وكبار المسؤولين الروس.

إيلاف من نيويورك: في غضون شهرين تقريبًا، وجّه المحقق الخاص اتهامات إلى أربعة أشخاص، ثلاثة منهم (بول مانافورت، ومايكل فلين، وجورج بابادوبولوس) لعبوا دورًا إبان الحملة الانتخابية، والفترة الانتقالية. أما الرابع ريكس غيتس فقد ذهب ضحية تعاونه مع مانافورت في غسيل الأموال والتهرب الضريبي.

اتهام فلين مرتبط بروسيا حصرًا
وإذا كانت الاتهامات التي وجّهها مولر إلى مانافورت لا علاقة لها بملف التواطؤ، فإن إتهام فلين يرتبط بشكل مباشر بروسيا، فالمحقق الخاص لم يوجّه اتهامات إلى مستشار الأمن القومي السابق تتعلق بالشق المالي، بل تغاضى عن هذا الملف، رغم سجل فلين الدسم، لمصلحة الصفقة الموعودة، والتي من المرجح أن تضيق الخناق أكثر على جاريد كوشنر، بعد التسريبات التي أشارت إلى أن فلين تواصل مع الروس خلال الفترة الانتقالية بأمر من صهر الرئيس.

وصل إلى أسوار البيت الأبيض
المتفائلون بروبرت مولر يعتبرون أن المحقق الخاص نجح في الوصول إلى أسوار البيت الأبيض (اتهام فلين)، وبات يجهز للعبور نحو الحديقة الخلفية (جاريد كوشنر). 

وعبر الأخير يمكن الوصول إلى دونالد ترمب، فإذا كان سجل فلين غنيًا بالتجاوزات، فرصيد الصهر سيكون أغنى نسبة إلى تاريخ عائلته ومشاكلها المالية، ومحاولته أخيرًا الاستثمار في بطاقات الإقامة الخضراء مع رجال أعمال صينيين عبر توفير الإقامة الدائمة لهم في الولايات المتحدة مقابل الاستثمار فيها، وقضايا أخرى ارتبط اسمه بها في الفترة الأخيرة.

يسابق الوقت
المحقق الخاص يأمل في إنهاء تحقيقاته مع التوصل إلى النتيجة التي يريدها في أسرع وقت ممكن، ولكن التاريخ في أميركا يشير إلى أن إنجاز التحقيقات الخاصة يأخذ وقتًا طويلًا، بحيث يصل المعدل العام إلى ثلاث سنوات ونصف سنة.

فريقان متناقضان إلى جانب ترمب
الرئيس الأميركي الذي يحاول مولر الإيقاع به، يدرس خطواته المقبلة وسط انقسام عميق بين الدائرة المحيطة به، فمن جهة هناك مجموعة من المستشارين الذين يطالبونه بضرورة الهدوء تجاه مولر وتحقيقاته والتعامل معه بلطف، ويأتي على رأس هذه المجموعة تي كوب محامي الرئيس الأميركي، الذي قال للأخير في وقت سابق إن مولر سينهي تحقيقاته في عيد الشكر، وسينتهي الملف. 

أما الفريق الآخر فيقوده ستيفن بانون، الذي يرى أنه من الأفضل التعاطي بقسوة مع مولر والضغط عليه، وكذلك يصعد شون هانيتي الإعلامي الأميركي الشهير المقرب من بانون وترمب ضد المحقق الخاص فمنذ أسابيع قليلة كشف في البرنامج الذي يقدمه على شبكة فوكس نيوز عن تحقيق أجراه، وتناول الأفراد العاملين مع مولر، حيث تبيّن بحسب هانيتي أن معظمهم يوالون الحزب الديمقراطي، وسبق لهم أن تبرعوا بأموال لمرشحين ديمقراطيين خلال الحملات الانتخابية.

القرار الخطير
يمكن لترمب طرد مولر من منصبه، ولكن هذه الخطوة ستخلق تداعيات كبيرة، فمعارضو الرئيس سيتهمونه بأنه قام بهذا العمل بسبب اقتراب مولر من إدانته. 

ولذلك فإن التريث هو السبيل الوحيد حاليًا المتاح أمام الرئيس، الذي قد يتهمه مولر في نهاية المطاف بعرقلة العدالة (طلبه من كومي غضّ النظر عن مايكل فلين إبان التحقيق معه في مطلع العام الحالي) في حال لم يثبت تورطه مباشرة بالتواطؤ مع روسيا.

ملايين الدولارات
وصلت تكاليف التحقيقات التي يشرف عليها مولر إلى حوالى خمسة ملايين دولار حتى الآن، وتوزعت بين مخصصات محامين ومساعدين وعملاء فدراليين، ورحلات داخلية، ومصاريف أخرى، والجدير بالذكر أن المحقق الخاص يمتلك ميزانية مالية وصلاحيات مفتوحة في سبيل إنجاز المهمة الموكلة إليه، ولكن في المقابل ساهمت تحقيقات مولر في توجيه اتهامات تتعلق بالتهرب الضريبي إلى مانافورت وغيتس، وهذا الأمر سيرغم هؤلاء إلى جانب فلين طبعًا على دفع ملايين الدولارات إلى الخزينة.

توقيف صحافي عن العمل
في سياق متصل، أوقفت شبكة "أي بي سي"، أحد صحافييها براين روز عن العمل لمدة أربعة أسابيع غير مدفوعة الأجر، وذلك بعد نشره تقريرًا يوم أمس، قال فيه إن فلين سيشهد ضد ترمب في المحكمة، وسيقول إن الأخير طلب منه التواصل مع الروس خلال الحملة الانتخابية، ليتبيّن أن التقرير غير صحيح بعد ساعات.

وخوفًا من خسارة مصداقيتها، قالت الشبكة في بيان إنها أوقفت روز عن العمل لمدة أربعة أسابيع، وقدمت اعتذارها متذرعة بأن التقرير المنشور لم يمر على الفحص الذي يجريه فريق التحرير عادة.