هل يعقل أن هناك من لا يشعر بالألم بتاتًا؟ هذا ما كشفته الأبحاث التي أجريت على أفراد عائلة إيطالية بهدف تحديد الأساس الجيني لحالتهم التي تجعلهم غير قادرين على الإحساس بالألم.

بيروت: خضع أفراد عائلة إيطالية لتحليل الحمض النووي بهدف تحديد الأساس الجيني لحالتهم النادرة التي تجعلهم لا يشعرون بالألم.

ويأمل العلماء الذين أجروا دراسة تتعلق بعائلة مارسيلي المكونة من ستة أفراد، في فهم هذه الحالة، التي ستساعدهم على تطوير مسكنات ألم أكثر فعالية.

وأدركت ليتيزيا مارسيلي، 52 عاما، أنها مختلفة منذ أن كانت صغيرة في السن.

 وتقول ليتيزيا لهيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي "نعيش حياتنا اليومية بشكل عادي، ربما بشكل أفضل من الآخرين، لأننا نادرا ما نمرض، ولا نكاد نحس بالألم".

مخاطر

وتنبه ليتيزيا إلى أن الأمر ينطوي على مخاطر أيضا، فأحيانا تصاب هي وأفراد عائلتها بكسور أو حروق ولا يحسون إلا عندما يتطور الأمر إلى التهابات.

وتقول إن ابنها لودوفيكو البالغ من العمر 24 عاما، والذي يلعب كرة القدم يعاني من هشاشة في كاحليه أدت إلى تشوهات، ثم أظهرت صورة أشعة وجود الكثير من الكسور الصغيرة في الكاحلين.

أما ابنها الأصغر برناردو، البالغ من العمر 21 عاما، فقد عانى من تكلس المرفق دون أن يحس بذلك، وكان مرفقه قد كسر حين وقع عن دراجته الهوائية ولم يحس بأي ألم، فتابع قيادة دراجته لتسعة أميال أخرى.

وتقول الدراسة التي نشرت في مجلة "Brain"، إن أفراد العائلة يمكن أن يعانوا من حروق أو كسور إلا أنهم لا يشعرون بأي ألم تقريبا، مما يعني أنهم قد لا يلاحظون إصاباتهم في الغالب.

وقال الدكتور جيمس كوكس، عالم الوراثة في جامعة لندن، وأحد المؤلفين المشاركين في الدراسة "إن الجدة عندما خرجت من المصعد حطمت كاحلها، وعندما ذهبت للطبيب، الذي أجرى لها صورا بالأشعة السينية، قال لها: حسنا لقد كسرت كاحلك من قبل".

السبب وراثي؟

وحدد فريق البحث أن أفراد عائلة مارسيلي يمتلكون الأعصاب التي ينبغي أن تسمح لهم بأن يشعروا بالألم، وهذا ما يشير إلى أن السبب وراء حالتهم هذه وراثي.

وقال الدكتور كوكس: "لقد امضينا سنوات عديدة في محاولة لتحديد الجين المسبب لذلك"، وباستخدام تحاليل الحمض النووي من عينات الدم، وجد كوكس وزملاؤه طفرة في جين يسمى "ZFHX2".

وعندما قام فريق البحث بإزالة الجين ذاته لدى الفئران، وجدوا أن هذه القوارض أصبحت صامدة أمام الألم تماما مثل عائلة مارسيلي، وهذا ما يؤكد أن هذا الجين هو المسؤول عن انخفاض حساسية أفراد العائلة للألم.

وقالت روفيسورة أنا ماريا ألويسي من جامعة سينا في إيطاليا إن هناك حاجة لمزيد من الأبحاث لفهم كيفية تاثير التغير الجيني على الإحساس بالألم.

ويعتقد ان هذه العائلة هي الوحيدة في العالم التي لا تشعر بالألم.