بعدما بدأ ولايته في شكل متعثر، يحتفل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس ببلوغه الأربعين، متكئا على ازدياد شعبيته في استطلاعات الرأي وتعزيز مكانته الدولية.

إيلاف من باريس: بعد سبعة أشهر من دخوله الإليزيه في شكل غير متوقع، أظهر استطلاع للرأي لمركز أودوكسا نشرت نتائجه الثلاثاء أن شعبية الرئيس الفرنسي الأصغر سنًا منذ نابوليون إلى تصاعد. 

إذ يعتبر 54 في المئة من الفرنسيين أن إيمانويل ماكرون هو "رئيس جيد للجمهورية"، مقابل 46 في المئة يرون العكس، ما يعني زيادة بتسع نقاط مقارنة بالاستطلاع السابق الذي أجري قبل شهر.

وأشار المعهد إلى "إنجاز غير مسبوق"، ملاحظًا أن الرئيس هو "الأول (بين سابقيه) الذي يستعيد شعبيته بعدما عانى انعدام الشعبية في شكل واضح" في نهاية الصيف.

وعلق المحلل السياسي باسكال بيرينو أنه "استعاد ثقة الغالبية، الأمر الذي لم يسبق أن شهدناه" لدى سابقيه من الرؤساء، إذ كانت شعبيتهم تتراجع من دون أن تنحو صعودًا من جديد.

وكان الفرنسيون واكبوا بداية ولاية ماكرون، الذي انتخب في مايو، بعدما أسّس حركة "إلى الأمام" الوسطية، بشيء من التشاؤم.
لكن المصرفي السابق نجح مذاك في إمرار برنامجه من الإصلاحات الاقتصادية الطموحة من دون عوائق تذكر مع تحسين صورته كرئيس للدولة.

يفي بما أعلنه
واعتبرت كلوي موران المتخصصة في الرأي العام في مؤسسة جان جوريس أن "الناس (على الصعيد الوطني) يقرون بأنه يفي بالتزاماته، فهو ينفذ ما أعلنه خلال حملته".

على الصعيد الدولي، سواء أوروبيًا أو في ملف المناخ أو في الشرق الأوسط، كثف الرئيس الشاب مبادراته، وتمكن من ملء الفراغ الذي خلفه قادة آخرون، مثل دونالد ترمب أو أنغيلا ميركل. وقال باسكال بيرينو "بدأ الفرنسيون يحبون فرنسا مجددًا بعدما عادت رأس حربة على الساحة الدولية".

من جهته، لاحظ جوليان لونغي الخبير في علوم اللغات أن ماكرون جعل من صغر سنه "ميزة بتركيزه على الجانب الإيجابي من هذا الأمر، عبر كلمات، مثل تجديد ودينامية، التي تبشر بفصل حيوي جديد".

وإذ يندرج ضمن حراك عالمي جاء بمايتو رينزي في إيطاليا وجاستن ترودو في كندا وأخيرًا سيباستيان كورز في النمسا، يريد ماكرون أن يكون "أحد قادة هذا الجيل الجديد من القادة" كما صرح أخيرًا لمجلة "تايم". وهو يتوسل هذا الأمر لمخاطبة الشباب بصراحة غير معهودة، معتبرًا أنه واحد منهم.

وقد أظهر ذلك في نهاية نوفمبر في خطابه الذي توجه فيه إلى "الشباب الأفريقي" أمام نحو 800 طالب في واغادوغو، حيث قال "أنا أنتمي مثلكم إلى جيل لم يشهد البتة أفريقيا في ظل الاستعمار".

وفي رأي عالم الاجتماع ريمي أودغيري أن هذا الرئيس الذي يحمل جهازي هاتف ذكيين في صورته الرسمية يتمتع بكل مميزات الجيل الذي ولد بين ثمانينات القرن الفائت وبداية الألفية الثالثة.

لكن جوليان لونغي أوضح أن ماكرون يستخدم "في الوقت نفسه لغة مهذبة، وربما أدبية، يطعمها بعبارات باللاتينية، ما يجعله شابًا وناضجًا في آن واحد"، لعدم "اتهامه بانعدام الخبرة"، لافتًا إلى أن زوجته بريجيت التي تكبره سنًا "تساهم في تعزيز هذا الانطباع".

في أي حال، أقر ماكرون بأن ذوقه "لا يتلاءم بالضرورة مع أذواق جيله"، مبديًا إعجابه الشديد بأغنيات جوني هاليداي بعد وفاته وكذلك بكتابات جان دورميسون، الذي رحل عن 92 عامًا. وفي هذا السياق، أظهرت استطلاعات الرأي أن شعبيته هي الأعلى في صفوف من تجاوزوا 65 عامًا.