أثار تطبيق تشريع محلي يمنع عرض الملابس النسائية في واجهات المحال في مدينة كربلاء في جنوب بغداد جدلًا وسط اعتبار ناشطين ومواطنين ذلك انتهاكًا للحريات الشخصية.

إيلاف من بغداد: تضم كربلاء أبرز العتبات المقدسة لدى الشيعة، وخصوصًا مرقد الإمام الحسين بن علي وأخيه أبو الفضل العباس.

وقال ناصر حسين الخزعلي، عضو مجلس محافظة كربلاء، لفرنس برس، إن "قانون قدسية كربلاء شرع عام 2012 من قبل مجلس المحافظة، وتم تفعيله في الدورة الماضية، واليوم بدأ سريانه".

وتعد كربلاء أبرز واجهة للسياحة الدينية، حيث زارها 14 مليون مسلم، بينهم ثلاثة ملايين أجنبي في ذكرى أربعين الإمام الحسين.

يذكر أن الإمام الحسين قتل في واقعة الطف، التي استمرت ثلاثة أيام في العام 61 للهجرة (680 ميلادية) على يد جيش الخليفة الأموي آنذاك يزيد بن معاوية.

أضاف الخزعلي "اليوم تم وضع ملصقات للحدّ من ظاهرة الإباحة في الشوارع وشرب الخمر والزنا، وهذا مخالف لقدسية المحافظة". هذه الملصقات غير الموقعة من السلطات نشرت في الطرقات تحت اسم "لجنة رعاية تطبيق المرسوم الخاص بقداسة كربلاء".

وتحذر الملصقات من عقوبات بحق المخالفين تشمل "لعب القمار" و"الجهر بالأغاني" وبيع "الأفلام المخلة بالأدب" وعرض الملابس النسائية في "واجهات المحال بشكل فاضح".

لا أضر أحدًا

يقول ناجح حسن، وهو سائق سيارة أجرة كان يستمع إلى إحدى الأغنيات من مذياع سيارته، إن "الاستماع إلى الموسيقى يتعلق بالحرية الشخصية".

يضيف حسن، وهو أ حد سكان هذه المدينة الواقعة على مسافة مئة كلم جنوب بغداد، "لا يمكن لأحد أن يمنعني لأنني لا ألحق ضررًا بأي شخص من خلال القيام بذلك".

بدوره، يقول أحمد حسين، الذي يدير محلًا لبيع الملابس النسائية في مركز تجاري، بينما كان يعرض نماذج من فساتين السهرة، إن "هذا القرار ضد الحريات، ويتسبب بقطع أرزاقنا". ويضيف هذا التاجر هازئًا: "على الحكومة المحلية إعادة بناء الطرق وتحسين الخدمات العامة بدلًا من اتخاذ هذا القرار".

فكر داعشي!

وفي حين أعلن العراق قبل أسبوعين الانتصار على تنظيم داعش، فإن هذا القرار لا يختلف عن "الفكر الداعشي" بحسب إيهاب الوزرني رئيس تنسيقية كربلاء للحراك المدني. وأكد أن هذا القانون "يرفضه جميع سكان كربلاء".

من جهته، قال هادي الموسوي، وهو ناشط مدني آخر، إن هذا القرار هدفه "جمع الأصوات في الانتخابات البرلمانية" المقرر إجراؤها في 15 مايو المقبل.

إلى ذلك، شنّ مدونون في وسائل التواصل الاجتماعي هجومًا كبيرًا على هذا التشريع، في حين كان التأييد شبه معدوم. وكتبت غادة منتقدة القانون: "يعيش الأطفال والنساء على أكوام الزبالة والفضلات، والعجزة والأطفال في كربلاء بلا دواء، ألم يخجلوا من الحسين والعباس عليهما السلام"؟. أضافت "ألم تخجلوا عندما أكلتم خير الشعب (...) أيها السارقون باسم القانون، لقد أصبح الدين حسب أمزجتكم".

بدوره، كتب عبد السلام الرفاعي أن قانون "قدسية كربلاء لم يذكر سرقة أموال ميزانية كربلاء والشوارع والمبازل وتقسيم أموال المحافظة على المسؤولين والتلاعب بها وإيرادات الزائرين ومعونات الدولة أثناء الزيارات". أضاف متسائلًا: "ألم يكن ذلك انتهاكًا لقدسية كربلاء"؟.

أين أنتم من الفساد؟

من جهته، كتب إياد الربيعي أن "المقاهي فقط جعلتكم تشكلون لجنة للحفاظ على قدسية المدينة، بينما فضائح الفساد التي تملأ كل مكان لم تدغدغ أحاسيسكم". وأضاف "أعتقد في النهاية سيفتضح زيفكم ومدى استغلالكم لجهل الناس وحبها لمقدساتها". 

بينما كتب زكي العامر "إذا لم تكن لكربلاء خصوصية ستتحول إلى بؤرة فساد، حالها حال المدن السياحية غير المراقبة، فشجّعوا أن تكون لها خصوصية". 

وكان تنظيم داعش منع فور سيطرته على الموصل، ثاني مدن البلاد، بائعي الملابس من عرض الثياب النسائية في واجهات المتاجر أو خارجها. كما فرضت بعض الجماعات المسلحة الشيعية الحظر في جنوب البلاد خلال ذروة العنف الطائفي إبان السنوات التي تلت الاجتياح الأميركي عام 2003.