يحتفل العالم في الرابع عشر من فبراير من كل عام بعيد الحب، أو "يوم القديس فلانتين". هذه المناسبة لم تعد تقتصر على شعب أو مجتمع دون غيره، ففي عصر التكنولوجيات الحديثة ومواقع التواصل، صار "عيد الحبّ" مناسبة يحتفل بها كثيرون في مناطق مختلفة من المعمورة، كل حسب طريقته.


إيلاف - متابعة: في هذا اليوم المشهود، يعبّر العشاق عن مشاعرهم لبعضهم بإرسال الهدايا أو تقديم باقات الورود والزهور وغيرها من مظاهر الاحتفال بهذا العيد الذي تحييه شعوب كثيرة تحت وطأة أزمات اقتصادية خانقة، ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بتوفيرها للهدايا الافتراضية الجميلة في تخفيفها.

دعونا بداية ننبش في نشأة "عيد الحب"، وما يقال عنه.

توجد مجموعة من الروايات تتحدث عن نشأة عيد الحب أو " الفلانتين"، ولكن أشهرها وأقدمها تتحدث عن العصر الروماني وحكم الامبراطور كلاديوس في نهايات القرن الثالث الميلادي، وذلك عندما كانت روما في حالة حرب آنذاك.

هدايا عيد الحب قد تختلف، لكن اللون الأحمر يبقى طاغيًا على كل هدية

عصرئذ، كان غالبية الجنود المتزوجون يتكاسلون عن المشاركة في الحرب، فقرر الملك منع الزواج نهائيًا.

لقي هذا القرار الكثير من الاعتراضات لدى الكثير من الناس، ومن ضمنهم قس يدعى فالنتين، فقرر ترتيب أمور الزواج للشباب سرًا، حتى علم كلاديوس بذلك، فأمر بإعدامه يوم 14 فبراير عام 270 م، وأصبح هذا اليوم عيدًا للحب تخليدًا لجهود ذلك القدّيس وتضحيته بحياته ضد اضطهاد الامبراطور وتكريمًا له لرفعه راية الحب.

قصص أخرى تروي أن القس فالنتين حين كان داخل سجنه وقع في غرام إبنة أحد الحراس، وحين علم به الملك كلاديوس أصدر حكم الاعدام ضده، وكانت هذه بداية نشأة هذا العيد الذي سمي في ما بعد بإسم القس فالنتين.

كما تقول إحدى القصص إنّ نشأة الفالنتين، مرتبطة بالقسّ الذي يعتبر أول شخص يرسل رسالة بكلمات رقيقة ورومانسية الى زوجته وابنه، إذ كانت الرسالة مكتوبة بكلمات تتفجر بمشاعر وأحاسيس الحب.

مراحل عيد الحب

وفى عام 1400 ميلادي، من العصور الوسطى، أقيمت محكمة عليا للنظر في شؤون الحب والمحبين في باريس، وعرضت على المحكمة قضايا عهود الزواج والخيانة والعنف الذي يتم إرتكابه ضد المرأة.

وفى الاربعينيات من القرن التاسع عشر، أصبح يوم القديس فالنتين عطلة قومية في البلاد، على الرغم أنه لم يكن ذلك في الماضي، وتم إصدار بطاقات لعيد الحب بأعداد كبيرة من الورق المزين بزخارف الدانتيل& للمرة الاولى&عام 1847م في الولايات المتحدة الاميركية، وتعددت بطاقات المعايدة لعيد الحب منذ ذلك الوقت حتى اليوم.

محل في بلجيكا لبيع هدايا عيد الحب

وتتضمن رموز الاحتفال بعيد الحب في العصر الحديث رسومات على شكل قلب وطيور الحمام، فضلاً عن بطاقات المعايدة، والدباديب الحمراء.

وتعتبر الشوكولاتة الوسيلة الرسمية للتعبير عن الحب، فالشوكولاتة الداكنة تحتوي على هرمون السيروتونين الذي يزيد هرمون السعادة عند الرجال والنساء، وهي عالميًّا من أكثر الحلويات اشتهاء لدى العشاق وتمنح متعة عند تناولها لذلك تعتبر أكثر الأطعمة المسببة للسعادة.

ولعل أهم هدية تميز عيد الحب في أغلب البلدان العربية هدية الدب الأحمر أو "تيدي بير"، الذي يتوفر بأحجام صغيرة وكبيرة وضخمة ويتمتع بمكانة مرموقة لدى العديد من العشاق خاصة في بداية علاقة الحب.

دول وعادات

أصبح يوم الرابع عشر من فبراير منذ القرن الثالث الميلادي، إلى اليوم، عيدًا للحب ، ويحتفل به المرتبطون عاطفيًا والازواج بكل دول العالم، ولكن على طريقتهم الخاصة حسب عادات وتقاليد كل دولة.

ففي مصر، كما في غيرها من الدول العربية، تبدو "القلوب والدباديب الحمراء" رموز الاحتفال الأساسية.

يتم تعليق الزينة في كل الشوارع وبشكل خاص في المحلات التى تبيع الورود والهدايا الحمراء للعشاق.

احتفالا بـ #عيد_الحب: طالبات في الفلبين يشاركن في حملة "مليار ثائر" للمطالبة بوقف العنف ضد النساء

وفي المغرب، تنظر فئة واسعة إلى هذا العيد على أنه "مسألة شخصية"، وأنه "احتفال أوروبي خرج إلى العالمية"، وتشير بعض التعليقات التي رصدتها "إيلاف" عبر تويتر وفايسبوك المغربيين، إلى أن فئة واسعة من المغاربة، لا يرون في الاحتفاء بالفالنتين، أي تناقض مع قيم المجتمع المغربي المعتدل، فهو احتفال رمزي يتبادل من خلاله الناس الورود والهدايا، ولكن على الرغم من الافكار الرافضة للاحتفال بعيد الحب، إلا أن هذه المناسبة أخذت مكانها في المجتمع المغربي.

يحتفل الايطاليون قديمًا بعيد الحب على طريقة الاحتفال بيوم الربيع، إذ يذهبون إلى الحدائق العامة مع أسرهم والتمتع بالاستماع إلى الموسيقى وقراءة الشعر، وبعد ذلك تم تخصيص يوم عيد الحب كمناسبة يقوم من خلالها المحبان بإعلان خطوبتهما، أما عن غير المرتبطين، فتحرص كل فتاة إيطالية وفق اسطورة متداولة، على الاستيقاظ باكرًا قبل شروق الشمس في ذلك اليوم لاعتقادها أن أول رجل أعزب ستقابله ستتزوجه خلال عام.

أما في أميركا الشمالية، فالذهب هو رمز للتعبير عن الحب، ويرى سكان كندا والولايات المتحدة أن الشيكولاتة والدمى الحمراء ما هي إلا وسائل مبتذلة للتعبير عن الحب.

أما اليابانيون فيعتبرون عيد الحب يومًا "لتدليل الرجال"، إذ تقتني النساء الهدايا والشيكولاتة للرجال في حين يهدي الرجل لحبيبته في 14 مارس الشوكولاتة البيضاء ويعرف هذا اليوم بإسم "اليوم الأبيض".

تشبه الطريقة التي يحتفل فيها البريطانيون بعيد الحب طريقة الاحتفال بالكريسماس، ففي منطقة نورفك توجد شخصية تدعى "جاك فالنتين" على غرار بابا نويل في الكريسماس يطرق الأبواب الخلفية للمنازل ليترك الحلوى والهدايا للأطفال ثم يختفي.

مطعم في جورجيا غيّر حلّته لتتسّق مع عيد القديس فالنتين

أمّا الشعب الفنلندي فيؤمن بأن عيد الحب غير مقتصر على العشاق والمحبين فقط، فاطلقوا عليه اسم "يوم الصديق"، حيثُ يتجمع فيه الاصدقاء للاحتفال به.

وفي الدنمارك، يعتبر الورد الابيض رمزًا للتعبير عن الحب في هذا اليوم، فالدنماركيون لا يعترفون باللون الاحمر في هذا العيد.

في حين يفضل الشعب الاسكتلندي في هذا العيد&تنظيم لقاءات وتجمعات صغيرة لتبادل البطاقات والهدايا وممارسة بعض الالعاب، وتختار كل سيدة اسم الرجل الذي سوف يرافقها في الاحتفال بعيد الحب.

وفي فرنسا، تقوم الفتيات يوم عيد الحب بحرق صور الرجال الذين خذلوهن أو لم تنجح علاقتهن معهم.

وفي العاصمة التونسية تقدم المحلات التجارية الكبرى ومحلات بيع العطور ومواد التجميل والورود تخفيضات هامة للعشاق، حيث يحرص التونسيون على اقتناء الهدايا التذكارية والملابس خلال نهاية الأسبوع الذي يسبق الاحتفال بعيد الحب، بالإضافة إلى حجز أماكن للسهرة أو العشاء وسط أجواء رومانسية.

فندق فرنسي يعرض على العشاق غرفة نوم تليق بعيد الحب

وفي المدن الفلسطينية، ارتبط عيد الحب بطابع من نوع مختلف، مادي بالأساس، حيث ضاعف المزارعون الفلسطينيون جهودهم خلال الأيام السابقة من أجل جمع القرنفل وغيره من الزهور بغرض تصديرها قبل حلول الرابع عشر من فبراير.

وفي سوريا والعراق لم تمنع الأوضاع الأمنية المضطربة العشاق من الاحتفال بعيد الحب من خلال تبادل الهدايا والورود الحمراء بين العشاق، حيث يحرص الناس على الخروج لاختيار هدايا مناسبة للحبيب والحبيبة مع نهاية الأسبوع الأول من شهر فبراير.

وشهدت أسواق ومراكز تجارية في العاصمة بغداد، ومدن عراقية أخرى عرض أنواع متعددة من هدايا عيد الحب، لاقت إقبالاً مكثّفًا من قبل العراقيين.

وفي بعض الدول الاسلامية، مثل إيران وباكستان، مازال "المنع" هو سيد الموقف.

في عيد الحب تزدهر صور "السيلفي" لتغرق مواقع التواصل الاجتماعي

تفرض الحكومة والمجتمع الايراني قيودًا بسبب الاحتفال بهذا اليوم، ولكن على الرغم من ذلك يكون الاحتفال به قائمًا، حيث تزين المتاجر واجهاتها باللون الاحمر ويتبادل العشاق الهدايا والورود كما في البلدان الاخرى، في تحدٍ واضح للمنع.

وفي باكستان، أصدر قاضٍ قرارًا بحظر احتفالات يوم الحب في العاصمة، إسلام أباد، بقوله إنها تخالف تعاليم الدين.

قال المسؤول القضائي، نياز صالح، إن القاضي فصل اليوم في التماس يطالب بحظر الاحتفالات العامة بهذه المناسبة في إسلام أباد.

وأضاف صالح أن الأمر أرسل إلى الجهة المسؤولة عن تنظيم وسائل الإعلام لضمان التعتيم على أي ترويج للفلانتين (يوم الحب) سواء في وسائل الإعلام المطبوعة أو الإلكترونية.

وفي مناطق سيطرة تنظيم "داعش" في العراق، قال مصدر محلي في نينوى العراقية، إن خطيبًا من "داعش" صب جام غضبه على "دبدوب أحمر" وقطع رأسه بسكين، غرب الموصل، محذرًا من الاحتفال بعيد الحب، واصفًا إياه بـ"عيد الفسق".

تطور تقني

وبالتزامن مع التطور التقني -لا سيما في ما يتعلق بانتشار القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي- ظل الاحتفال بعيد العشاق محل جدال وأخذ ورد بين مرحبين ورافضين في البلدان العربية، لكن البعد الاقتصادي للمناسبة أصبح يشجع العشاق على اقتناء الهدايا والورود، ما خلق حركية اقتصادية في العديد من العواصم العربية التي تشهد ركودًا بسبب الأوضاع السياسية المضطربة.

وانتقل عيد الحب سريعًا إلى الفضاء الافتراضي، الذي أعطاه رونقًا خاصًا، بل ساهم في توفير الهدايا والمعايدات لمن لا يملك ثمنها.

ويحتفل فايسبوك بعيد الحب الذي يحل في 14 من فبراير عبر إطلاق ميزة موقتة تسمح للمستخدمين بالتعبير عن حبهم عبر تبادل ونشر بطاقات بريدية افتراضية بين الأحبة والأصدقاء.

وسيقوم الموقع بتهنئة جميع المستخدمين اعتبارًا من 13 فبراير، وهو اليوم الذي سيجد فيه المستخدم باقة من البطاقات الإلكترونية لإرسالها إلى أحبائه أو عائلته أو مستخدمين آخرين على فيسبوك.

ولم تحدد الشركة الفترة الزمنية التي ستتيح فيها هذه الميزة الموقتة، ولكن من المرجح أن تختفي الميزة بعد 14 من الشهر الحالي.

وقالت الشركة إن هذه البطاقات تم تصميمها من قبل فنانين في كل من نيويورك ولندن.

وحين يختار المستخدم البطاقة التي يفضلها يستطيع مشاركتها على صفحته مع ذكر أسماء من يرغب في الإشارة إليهم، وكيف يشعر، أو مشاركتها على الصفحات الشخصية للأصدقاء أيضاً.

وعلى تويتر راجت وسوم كثيرة تحتفي بعيد الحب، على غرار وسم (#ماذا_تهديها_بعيد_الحب) الذي يتقاسم عبره المغردون الافكار والتوصيات في ما يتعلق بالهدية.

بينما شنّ مغردون حملة عنونوها بـ«حملة وعيها وصحيها»، يكشفون من خلالها كذب العلاقات غير الشرعية، التي تنتعش مع اقتراب «يوم الحب».

&

&

&

&

وراج كذلك وسم يحمل اسم (#الحب_ليس_له_عيد)، وخاض عبره رافضون لفكرة فالنتين، نقاشات حامية ضد العيد، واعتبروا أن كافة ايام العام مناسبة لابراز الحب الصادق للطرف المقابل.

وعلى وسم (#الفلانتين_يعني) غردت هناء أحمد: "عيد للحب بمعناه الواسع، حب الوالدين، حب الأبناء حب الأصدقاء. ولا يقتصر على نوعية معينة من الحب".

وقال التونسي صابر ساخرًا: "عازب وأفتخر... الشوكلاتة من نصيبي وثمن الورد في جيبي".

وعلى تويتر أيضًا، راجت صورة لغرافيتي لشاب لبناني قام بخطه على حائط يبرز تأثير الأزمة الاقتصادية على الاحتفال بعيد الحب.
وكتب الشاب: "أحبك ولكن ليس معي ولا ليرة".
&