في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أثناء لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه يعتبر أمرًا ممكنًا أن يقوم حل الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين على مبدأ الدولة الواحدة، استبق وزير إسرائيلي هذا اللقاء بالقول إنهما "سيقران خلال اجتماعهما في واشنطن خطة نسبها إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تقضي بإقامة دولة فلسطينية في سيناء وغزة"، وهو ما أثار الغضب المصري على المستوى الشعبي، بينما التزمت مصر الرسمية الصمت، ونفى الفلسطينيون هذه المزاعم.

إيلاف من القاهرة: قبل يوم واحد من أول لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، زعم الوزير الإسرائيلي أيوب قرا، أن "ترامب ونتنياهو سيعتمدان خطة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإقامة دولة فلسطينية في غزة وسيناء بدلًا من الضفة الغربية". وأضاف عبر حسابه على موقع تويتر: "هذا هو السبيل الذي سيمهد الطريق إلى السلام، بما في ذلك مع ائتلاف سني!".

نفي إسرائيلي
وقال قرا، وهو وزير من دون وزارة من الطائفة الدرزية، في تصريح لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، إن هناك اقتراحًا مصريًا بتوطين الفلسطينيين في مساحة كبيرة من سيناء تُضم إلى قطاع غزة، مشيرًا إلى أن نتنياهو متفق معه بهذا الشأن، وأنه سيثير المسألة مع ترامب.

الرئيس عبد الفتاح السيسي

ورغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه، نفى تلك المزاعم، إلا أنها أثارت غضب المصريين والفلسطينيين، واستخدمتها جماعة الإخوان المسلمين سلاحًا جديدًا ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، واتهمته بـ"الخيانة" وبيع الأراضي المصرية، وروّجت على نطاق واسع عبر مواقعها الإلكترونية وأذرعها الإعلامية أن السيسي يتفاوض حاليًا لبيع سيناء إلى إسرائيل، لتوطين الفلسطينيين فيها، والتخلي عن أرضهم لصالح الإحتلال الإسرائيلي.

لم تصدر أية بيانات رسمية من الرئاسة المصرية أو وزارة الخارجية للرد على تلك المزاعم. وقال محمد القصاص نائب رئيس حزب مصر القوية، الإسلامي، إن الحزب يطالب رئاسة الجمهورية برد رسمي وواضح على التصريحات الصادرة من مسؤولين إسرائيليين حول خطة &توطين الفلسطينيين في سيناء.

أضاف في تصريح لـ"إيلاف" أن ما أثير من جانب الوزير الإسرائيلي "هو أمر مرفوض من كل مواطن مصري شريف، ورفضته كل الحكومات المصرية المتعاقبة علي اختلاف توجهاتها، وهو ما يستوجب الرفض القاطع لمجرد الإشارة إلى هذا الأمر أو حتى التفكير فيه".

شائعات إخوانية
وقال مصدر دبلوماسي في وزارة الخارجية المصرية، لـ"إيلاف" إن الأمر لا يستحق الرد، مشيرًا إلى أنها ليست المرة الأولى التي تخرج فيها مثل هذه الشائعات من إسرائيل، أو تروّج لها جماعة الإخوان المسلمين التي وصفها بـ"الإرهابية".

أضاف أن السيسي أو غيره لا يمكنه التنازل أو بيع أي شبر واحد من الأرض المصرية، وهذا من المعلوم من الأمور بالضرورة، ولا يحتاج&توضيحًا على حد قوله.

ووفقًا للواء على حفظي، محافظ شمال سيناء السابق، فإن هذه المزاعم ليست جديدة، مشيرًا إلى أن إسرائيل تريد بالفعل أن تنقل الفلسطينيين إلى سيناء. وأضاف أن هذا حلم إسرائيلي، كاد يحققه لها الرئيس السابق محمد مرسي، الذي وعد بالتبرّع بجزء من سيناء لنقل الفلسطينيين إليها، لحل الأزمة مع الإسرائيليين.

مرفوض مطلقًا
ولفت إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كشف عن هذه الكارثة في إحدى مقابلاته الصحافية، منوهًا بأن هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلًا من مصر، ولن تقبل مصر بمجرد الحديث عنه أبدًا مع أي طرف في الداخل أو الخارج.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قال في مقابلة تلفزيونية أثناء زيارته لمصر في شهر أغسطس من العام 2014، إن "الاتفاق المصري للصلح بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني المبرم عام 2012 تحت رعاية الرئيس السابق محمد مرسي، كان يقضي بمنح غزة 1600 كيلو من الأراضي المصرية في سيناء".

وأكد عباس تلك الأنباء مرة أخرى في شهر نوفمبر من العام 2015، وقال خلال لقائه الإعلاميين المصريين في القاهرة، "إن مشروعًا رسميًا جرى التشاور حوله بين حركة حماس وإسرائيل لاقتطاع 1000 كم من أراضي سيناء لتوسيع غزة طرح أيام الرئيس السابق محمد مرسي"، مشيرًا إلى أنه "رفض المشروع واستقطاع أي سنتيمتر واحد من أرض مصر".

وأشار إلى أن وزير الدفاع المصري وقتها عبد الفتاح السيسي "أصدر قرارًا بأن أراضي سيناء أمن قومي ووطني، وأغلق هذا المشروع، لافتًا إلى أن "المشاورات لا تزال تجري بين حماس وإسرائيل حول هذا المشروع" على حد قوله وقتها.

لا يلبي طموحات الفلسطينيين
ونفى الفلسطينيون هذه المزاعم، وقال نبيل أبوردينة الناطق باسم الرئاسة: "ننفي نفيًا قاطعًا ما أوردته وسائل إعلام إسرائيلية وتناقلته وسائل إعلام فلسطينية وعربية حول عرض قدمه الرئيس السيسي إلى الرئيس محمود عباس يقضي بتوسيع قطاع غزة من أراضي سيناء مقابل التنازل عن حدود عام 1967".

وأضاف أبو ردينة في بيان له، أن "الرئيس السيسي لم يعرض، ولم يتطرق إلى مثل هذا الموضوع المرفوض فلسطينيًا ومصريًا وعربيًا لا من قريب ولا من بعيد".

وأكد "أننا لن نقبل أي عرض لا يلبي طموحات وأهداف شعبنا الفلسطيني بالحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس".

أفكار سخيفة
بينما وصف صائب عريقات، خلال مؤتمر صحافي عقده في أريحا، أمس الأربعاء 15 فبراير، تصريحات الوزير الإسرائيلي أيوب قرا، بأنها "سخيفة". وأضاف: "سيناء أرض مصرية. سيناء لمصر والمصريين، تمامًا كما القدس الشرقية لفلسطين والفلسطينيين"، مشيرًا إلى أن الفلسطينيين يسعون إلى إقامة دولة في حدود 1967، "ولا يمكن تحت أي ظرف من الظروف حتى مجرد التفكير في هذه الأفكار السخيفة". وأشاد بـ"دعم مصر الثابت لحل الدولتين".

ترامب يتخلى عن حل الدولتين

يأتي هذا في الوقت الذي، أعلن فيه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمس الأربعاء أنه يعتبر أمرًا ممكنًا أن يقوم حل الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين على مبدأ الدولة الواحدة. وأضاف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض: "أدرس كلًا من حل الدولتين، والحل الذي ينص على وجود دولة واحدة، وسيعجبني الاتفاق الذي سيعجب كلا الطرفين" الفلسطيني والإسرائيلي.

تنازلات مشتركة
تابع ترامب: "أستطيع أن أعيش مع كل منهما، كنت أعتقد سابقًا أن الحل يجب أن يقوم على مبدأ الدولتين، واعتبرت أنه الأسهل، لكنني سأكون سعيدًا في حال سعادة إسرائيل والفلسطينيين، وأدعم الحل الذي سيعجبهم بشكل أكبر"، مشيرًا إلى أنه "يتعيّن على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي تقديم تنازلات لكي تنجح المفاوضات".

وقال إنه "على أطراف النزاع التفاوض بشكل مباشر بشأن مثل هذا الاتفاق"، مؤكدًا أن "كلا الجانبين سيكون عليهما تقديم تنازلات، كما هي حال كل مفاوضات ناجحة".

وأضاف: "إن إدارتنا مستعدة للعمل مع إسرائيل وحلفاءنا المشتركين في المنطقة على ضمان الأمن والاستقرار وعلى إبرام اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين".